تحول النزاعات التجارية إلى «حرب باردة» ينهك الاقتصاد العالمي

تبخر 455 مليار دولار من الناتج المحلي الأميركي والصيني بسبب الرسوم

تحول النزاعات التجارية إلى «حرب باردة» ينهك الاقتصاد العالمي
TT

تحول النزاعات التجارية إلى «حرب باردة» ينهك الاقتصاد العالمي

تحول النزاعات التجارية إلى «حرب باردة» ينهك الاقتصاد العالمي

مع توسّع الدول في الحروب التجارية، التي طال أمدها لتتحول إلى «حرب باردة» بين أكبر اقتصادين في العالم، ومع اتساع فجوة الخلافات والنتائج المحققة على أثرها، بدا أن جبهات أخرى في الطريق ستزيد أطراف هذه اللعبة، التي لا يحبذها الاقتصاد العالمي.
ورغم تحذيرات مؤسسات مالية دولية ومحلية من تداعيات تلك الحرب، فإن طبول الحرب التي زادت وتيرتها أخيراً بتبادل الرسوم الجمركية بين أميركا والصين، وأميركا والمكسيك، والاتحاد الأوروبي، ما زالت تضغط على مؤشرات نمو الاقتصاد العالمي، رغم التهديدات المتزايدة على المشتركين في الحرب.
وتحولت الحرب التجارية سريعاً إلى «حرب باردة» بين الصين وأميركا، مع تبادل كل منهما رسوماً تجارية على ورادات الآخر، بيد أن مبدأ «أميركا أولاً» هو من أشعل فتيل الحرب، ويبدو أنه يغذيها، بجانب تحركات صينية للحفاظ على مساهمة الدولة اليسارية في الناتج الاقتصادي العالمي.
وأمس، أعرب ديفيد مالباس، الرئيس الجديد للبنك الدولي، في واشنطن عن قلقه الكبير حيال حالة الاقتصاد العالمي في ظل الحروب التجارية بين قوى اقتصادية كبرى على رأسها الولايات المتحدة والصين. وقال إن البنك يتوقع تباطؤاً واضحاً في وتيرة النمو الاقتصادي.
وأعلن مالباس أن البنك الدولي خفّض توقعاته الخاصة بنمو الاقتصاد العالمي للعام الحالي إلى 2.6 في المائة، مشيراً إلى أنه من الممكن أن ترتفع هذه النسبة بشكل طفيف في العام المقبل إلى 2.7 في المائة.
ولفت مالباس إلى وجود مخاطر كبيرة تهدد الاقتصاد العالمي، من بينها الصراعات التجارية الدولية.
من جانبه، قال إيهان كوس، مدير مجموعة آفاق التنمية في البنك الدولي: «في العام المقبل، ثمة احتمال بنسبة نحو 20 في المائة أن يقلّ معدل النمو العالمي بمقدار نقطة مئوية كاملة عما توقعناه».
وإلى جانب الصراعات التجارية، يعد المستوى العالي للديون من المشكلات المستمرة بالنسبة للاقتصاد العالمي، وقال مالباس إن الديون العالية تتسبب مع عوامل أخرى في منع كثير من الدول من الارتقاء إلى الذروة الاقتصادية.
في غضون ذلك، حذر صندوق النقد الدولي، أمس (الأربعاء)، من أن الرسوم الجمركية الأميركية - الصينية الحالية، وتلك التي يهدد الطرفان بفرضها، قد تقلّص الناتج الاقتصادي العالمي 0.5 في المائة في 2020، وذلك بينما يستعد المسؤولون الماليون من كبرى الاقتصادات في العالم لعقد اجتماع في اليابان، مطلع الأسبوع المقبل.
وحذر الصندوق من أن الاقتصاد العالمي لا يزال أمام «منعطف دقيق» بسبب تصاعد التوتر التجاري بين الولايات المتحدة وشركائها، داعياً دول مجموعة العشرين إلى الإبقاء على معدلات فائدة متدنية لدعم اقتصادها.
وقالت كريستين لاغارد مديرة صندوق النقد في مدونة ومذكرة إحاطة لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لدول مجموعة العشرين، إن فرض رسوم على كامل التجارة بين البلدين، كما يهدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، سيؤدي إلى تبخر نحو 455 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي، في خسارة تتجاوز حجم اقتصاد جنوب أفريقيا، عضو المجموعة.
وقالت لاغارد في مدونة للصندوق: «تلك جروح ذاتية يجب تجنبها... كيف؟ بإزالة الحواجز التجارية الموضوعة في الآونة الأخيرة وتفادي مزيد من الحواجز بأي شكل كانت».
وخفّض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد الصيني لعام 2019، أمس، إلى 6.2 في المائة، بفعل اشتداد الضبابية التي تكتنف الخلافات التجارية، قائلاً إنه إذا تصاعدت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين فسيكفل ذلك مزيداً من التيسير في السياسة النقدية.

جاء خفض التوقعات بعد شهرين فقط من رفع صندوق النقد تقديراته للنمو الصيني إلى 6.3 في المائة من 6.2 في المائة، وهو ما يبرز الضغط المتوقع على ثاني أكبر اقتصاد في العالم جراء زيادة الرسوم الجمركية الأميركية على سلع صينية بمليارات الدولارات.
وقال ديفيد ليبتون نائب المديرة العامة لصندوق النقد الدولي في بيان: «من المتوقّع أن ينخفض النمو إلى 6.2 في المائة، و6 في المائة، في عامي 2019 و2020 على الترتيب».
وأضاف: «ما زالت الضبابية الشديدة تكتنف آفاق الأمد القريب، في ضوء احتمال تصاعد التوترات التجارية بشكل أكبر».
نمو قطاع الخدمات الصيني ينحسر في مايو
أظهر مسح خاص أمس الأربعاء، نمو نشاط الخدمات في الصين بأبطأ وتيرة خلال ثلاثة أشهر في مايو (أيار)، متأثراً بتباطؤ ملحوظ في مبيعات التصدير، حيث ضغط تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين على القطاع الذي تعول بكين عليه في دعم اقتصادها المتباطئ.
وهبط مؤشر «كايشين - ماركت» لمديري مشتريات قطاع الخدمات إلى 52.7 في مايو، مسجلاً أدنى مستوى منذ فبراير (شباط)، ومنخفضاً عن 54.5 في أبريل (نيسان). ومستوى 50 هو الحد الفاصل بين النمو والانكماش.
وأظهر المسح أن طلبيات التصدير الجديدة المقدمة لشركات الخدمات الصينية انخفضت بشكل كبير من أعلى مستوياتها خلال سنوات المسجل في أبريل، من 55.6 إلى 51.1، مع عدم تسجيل الغالبية العظمى من الشركات التي شملها المسح أي تغير في مبيعات التصدير في مايو. يضع هذا نمو الطلبيات الجديدة عند أدنى مستوياته في ثلاثة أشهر.
ونقلت «رويترز» عن تشنغ شينغ تشونغ مدير تحليلات الاقتصاد الكلي لدى مجموعة «سي إي بي إم» في بيان رافق صدور الأرقام قوله: «إجمالاً، أظهر النمو الاقتصادي الصيني بعض علامات التباطؤ في مايو. التوظيف وثقة الشركات يستحقان على وجه الخصوص اهتمام صناع السياسات».



السعودية تعلن استضافة اجتماع دوري للمنتدى الاقتصادي العالمي

جلسة «آفاق الاقتصاد العالمي» في اليوم الأخير من اجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي (إ.ب.أ)
جلسة «آفاق الاقتصاد العالمي» في اليوم الأخير من اجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي (إ.ب.أ)
TT

السعودية تعلن استضافة اجتماع دوري للمنتدى الاقتصادي العالمي

جلسة «آفاق الاقتصاد العالمي» في اليوم الأخير من اجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي (إ.ب.أ)
جلسة «آفاق الاقتصاد العالمي» في اليوم الأخير من اجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي (إ.ب.أ)

قبل أن يسدل المنتدى الاقتصادي العالمي ستاره، يوم الجمعة، أعلنت المملكة العربية السعودية أنها ستستضيف اجتماعاً دولياً رفيع المستوى للمنتدى الاقتصادي العالمي بشكل دوري، ابتداءً من النصف الأول من عام 2026.

وكان المنتدى قد انعقد على مدى أسبوع في دافوس السويسرية، وجمع قادة الأعمال والمئات من رجال الأعمال والمسؤولين والاقتصاديين، لمناقشة عنوان الاجتماع لهذا العام؛ ألا وهو «التعاون من أجل العصر الذكي».

صحيح أن النقاشات تمحورت، طوال الأسبوع، حول عدم اليقين الجغرافي الاقتصادي وتطورات الشرق الأوسط، وكيفية بلوغ نمو اقتصادي مستدام والتوترات التجارية والقلق المناخي، وغيرها من الموضوعات الطارئة، إلا أن اسم الرئيس دونالد ترمب كان حاضراً في كل الجلسات، وسط قلق من تداعيات الإجراءات التي ينوي اتخاذها، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية، كانت هي الحاضرة بقوة خلال الأيام الخمسة. إلى أن أطلّ ترمب مباشرة على روّاد «دافوس»، مساء الخميس، في أول ظهور دولي له بعد تنصيبه، ليطلق سلسلة مواقف أثارت الجدل.

فرصة للتعاون

«جاء الاجتماع السنوي لعام 2025، في وقت من عدم اليقين العالمي الهائل، مما يجعل هذه الفرصة للتعاون والتأمل أكثر أهمية»، وفق ما أعلن رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بورغ برنده، في اختتام أعمال المنتدى.

رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بورغ برنده في تصريحات له بختام أعمال المنتدى (المنتدى)

وأضاف برنده: «لقد أثبت أسبوعنا في دافوس أن التعاون ممكن، حتى في الأوقات غير المستقرة. فقد اجتمع قادة من مختلف القطاعات لمعالجة التحديات العالمية العاجلة؛ دفع النمو، وخفض الانبعاثات، وتعزيز السلام».

ولفت إلى أن «التقدم الذي أحرزناه، هذا الأسبوع، يحدد مساراً قوياً للعام المقبل».

«آفاق الاقتصاد العالمي»

وفي جلسة حول «آفاق الاقتصاد العالمي»، بمشاركة وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي فيصل الإبراهيم، والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، ورئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، والرئيس التنفيذي لـ«بلاك روك» لاري فينك، أعلن الإبراهيم أن المملكة، بالشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي، سوف تستضيف اجتماعاً دولياً رفيع المستوى للمنتدى الاقتصادي في المملكة بشكل دوري، ابتداءً من النصف الأول من عام 2026.

وقال الإبراهيم إن السعودية ستستضيف اجتماعات دورية للمنتدى الاقتصادي العالمي، ابتداءً من ربيع 2026. وقال: «نتطلع إلى الترحيب بالمجتمع العالمي مرة أخرى في السعودية في ربيع 2026».

وكتب الإبراهيم، عبر حسابه على منصة «إكس»، بعد إعلان الاستضافة: «تأتي شراكة المملكة العربية السعودية مع المنتدى الاقتصادي العالمي لاستضافة الاجتماع الدولي للمنتدى بشكل دوري في المملكة؛ تأكيداً لريادتها بصفتها منصة عالمية للنمو والحوار، ودورها بصفتها مركزاً للتعاون الدولي والابتكار لإيجاد الحلول لأبرز التحديات العالمية لتحقيق الازدهار للجميع».

وتعليقاً على ما أعلنه الإبراهيم، قال الرئيس التنفيذي للمنتدى بورغ برنده: «نتطلع إلى العودة في ربيع عام 2026».

غورغييفا عبّرت، من جهتها، عن إعجابها بالتقدم الذي أحرزته المملكة، وقالت: «أودُّ أن أقدم مدى إعجابي بـالسعودية؛ لتقدمها في دور قيادي بصفتها إحدى الدول التي ترى نفسها جزءاً من هذا التغيير الذي يشهده العالم».

المديرة العامة لصندوق النقد الدولي تتحدث خلال جلسة «آفاق الاقتصاد العالمي» (إ.ب.أ)

سوق النفط

إلى ذلك، قال الإبراهيم، في الجلسة نفسها، إن موقف السعودية و«أوبك» هو استقرار سوق النفط على المدى الطويل، وذلك عندما سُئل عما إذا كانت المملكة ستخفض أسعار النفط، كما قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الخميس، إنه سيطلب من «أوبك» أن تفعل ذلك.

وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي فيصل الإبراهيم يتحدث خلال جلسة «آفاق الاقتصاد العالمي» (أ.ف.ب)

وأضاف الإبراهيم: «إن هناك طلباً متزايداً من أميركا والذكاء الاصطناعي على الطاقة، وعلينا التأكد من تلبيته بطريقة فعالة».

وشرح أن حزمة بقيمة 600 مليار دولار من الاستثمارات والتجارة الموسَّعة مع الولايات المتحدة، التي ذكرها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، تشمل الاستثمارات، وكذلك المشتريات من القطاعين العام والخاص.