قوات النظام السوري تتوغل بغطاء روسي جنوب إدلب

غارات على مناطق المعارضة شمال غربي البلاد

دخان يتصاعد من خان شيخون في ريف ادلب بعد قصف من قوات النظام السوري (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من خان شيخون في ريف ادلب بعد قصف من قوات النظام السوري (أ.ف.ب)
TT

قوات النظام السوري تتوغل بغطاء روسي جنوب إدلب

دخان يتصاعد من خان شيخون في ريف ادلب بعد قصف من قوات النظام السوري (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من خان شيخون في ريف ادلب بعد قصف من قوات النظام السوري (أ.ف.ب)

توغلت قوات الحكومة السورية بغطاء روسي باتجاه المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة جنوب إدلب، ذلك لأول مرة منذ بدء الجيش السوري هجومه في أبريل (نيسان) الماضي، وسط استمرار القصف على شمال غربي البلاد.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أمس: «تشهد محاور في أطراف ومحيط القصابية بريف إدلب الجنوبي عمليات قصف متبادل بين قوات النظام والفصائل العاملة في المنطقة، وذلك بعد ساعات من سيطرة قوات النظام على قرية القصابية الاستراتيجية، حيث تمكنت قوات النظام من رصد مناطق الهبيط وعابدين وحرش الطويلة ومغر الحنطة، هذا الرصد وإن لم يكن بشكل كامل إلا أنه كبير وستسعى من خلاله قوات النظام للتقدم نحو الهبيط»، في وقت ارتفع إلى 25 عدد مقاتلي الفصائل والمجموعات المتطرفة الذين قُتلوا في القصف والاشتباكات بمحور القصابية جنوب إدلب. كما ارتفع إلى 12 قتلى قوات النظام ممن قُتلوا خلال القصف والاشتباكات ذاتها.
ووثق «المرصد السوري» ارتفاع عدد الخسائر البشرية خلال المعارك التي دارت أمس في كبانة بجبل الأكراد، حيث ارتفع إلى 15 عدد عناصر قوات النظام الذين قُتلوا خلال القصف والاشتباكات في كبانة، كما كان 7 مقاتلين من الفصائل قد قُتلوا في القصف الجوي على كبانة.
وقال «المرصد» الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له، إن القوات الحكومية تقدمت باتجاه بلدة القصابية. وقال نشطاء في المنطقة إن الطائرات الحربية السورية شنت أكثر من 100 غارة على البلدة والمزارع الواقعة على أطرافها، مما أجبر مقاتلي المعارضة على التراجع.
وقال أبو رائد، وهو أحد قادة فصائل المعارضة في المنطقة: «المنطقة ليست استراتيجية وصغيرة... فهم يستخدمون طائراتهم لمجرد أنهم لا يمكنهم القتال على الأرض...».
من جانبه، قال رامي عبد الرحمن، مدير «المرصد»، إن القتال العنيف أسفر عن مقتل تسعة من مقاتلي المعارضة وأربعة من عناصر القوات الحكومية وحلفائهم.
وفي أواخر الشهر الماضي، بدأت قوات الرئيس السوري بشار الأسد، بدعم من القوات الجوية الروسية، حملة واسعة النطاق ضد فصائل المعارضة في حماة وإدلب، آخر معاقل المعارضة الرئيسية في سوريا.
وقد تسبب التصعيد الأخير في سوريا التي مزقتها الحرب في نزوح الآلاف من الناس وأثار مخاوف من انهيار هدنة مدتها ثمانية أشهر تقريباً في إدلب.
وكانت موسكو قد أبرمت العام الماضي اتفاقاً لوقف إطلاق النار مع أنقرة لمنع هجوم قوات الحكومة السورية على إدلب.
من جهتها، قالت شبكة «الدرر الشامية» المعارضة إن «قوات النظام وطائرات الاحتلال الروسية واصلت تصعيدها في أوَّل أيام العيد على المناطق المحرَّرة ما أدى لسقوط ضحايا من المدنيين». وقال مراسل شبكة «الدرر الشامية» إنَّ طفلاً ارتقى وأُصيب آخرون بجروح، بقصف جوي استهدف قرية دير سنبل بجبل الزاوية بريف إدلب، وزاد: «إن الطائرات الحربية قصفت بالصواريخ، مدينتي معرة النعمان وخان شيخون، وأطراف قرية معرة الصين وبلدات بلشون والفطيرة ومعرة حرمة، في ريف إدلب الجنوبي».
وفي حماة، نفّذ الطيران الروسي والنظام عشرات الغارات الجويَّة بالصواريخ الفراغية والعنقودية وبراميل وأسطوانات متفجرة على قرى ديرسنبل، والصهرية، وكورة، وسحاب، وشهرناز الواقعة بريف حماة الشمالي، حسب «الدرر».
وفي السياق أفاد ناشطون بأن أكثر من 130 طلعة جويَّة نفذها الطيران الروسي وطيران النظام استهدفت الأحياء السكنية في ريفي إدلب وحماة منذ ساعات صباح أمس.
ويصادف الثلاثاء، أوَّل أيام عيد الفطر في مناطق سيطرة «الفصائل الثورية» في شمال سوريا، التي تتعرض للقصف من النظام وروسيا.
على صعيد متصل، كان «المرصد السوري» قد قال أول من أمس إنه «ارتفع إلى 34 على الأقل عدد البراميل المتفجرة التي ألقاها الطيران المروحي، كما ارتفع إلى 104 عدد الغارات التي نفذها الطيران الحربي التابع للنظام، مستهدفاً محور كبانة ومحور القصابية وخان شيخون وكفرعويد وبعربو وعابدين والهبيط، ومعرة النعمان وأرنيبة وترملا ومعرة حرمة وأطراف حيش وحزارين بريف إدلب الجنوبي، وبلدتي كفرزيتا واللطامنة بريف حماة الشمالي، كما كانت طائرات روسية قد نفذت، الاثنين، أكثر من 35 غارة جوية على محور كبانة ضمن جبل الأكراد».
ومع سقوط المزيد من الخسائر البشرية فإن العدد يرتفع إلى 1070 شخصاً ممن قُتلوا منذ بدء التصعيد الأعنف على الإطلاق ضمن منطقة «خفض التصعيد» في 30 أبريل، وهم: 333 مدني بينهم 78 طفلاً و73 مواطنة ممن قتلتهم طائرات النظام و«الضامن» الروسي بالإضافة إلى القصف والاستهدافات البرية، و48 بينهم 15 طفلاً و16 مواطنة في القصف الجوي الروسي على ريفي إدلب وحماة، و36 بينهم 8 مواطنات و4 أطفال قضوا في البراميل المتفجرة من الطائرات المروحية، و175 بينهم 38 مواطنة و45 طفلاً وعنصراً من فرق الإنقاذ قُتلوا في استهداف طائرات النظام الحربية.
كما قُتل 52 شخصاً بينهم 7 مواطنات و4 أطفال في قصف بري نفّذته قوات النظام، و22 مدنياً بينهم 10 أطفال و4 مواطنات في قصف الفصائل على السقيلبية وقمحانة ومخيم النيرب وأحياء بمدينة حلب، كما قُتل في الفترة ذاتها 428 على الأقل من المجموعات المتطرفة والفصائل الأُخرى في الضربات الجوية الروسية وقصف قوات النظام واشتباكات معها، بالإضافة لمقتل 309 عناصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها في استهدافات وقصف من المجموعات والفصائل، حسب «المرصد».
وفي التصعيد المتواصل في يومه الـ44، ارتفع إلى 1220 شخصاً عدد الذين قُتلوا بينهم 383 مدنياً منهم 92 طفلاً و81 مواطنة و443 من المجموعات والفصائل «قضوا خلال قصف جوي وبري وهجمات واشتباكات مع قوات النظام والمسلحين الموالين لها، و375 من قوات النظام والمسلحين الموالين لها قُتلوا في هجمات للمجموعات الجهادية على مناطق متفرقة من المنطقة منزوعة السلاح»، حسب «المرصد».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.