هناك العديد من الأسباب التي تدعو إلى زيارة طوكيو قبل دورة الألعاب الأوليمبية في 2020. فبالإضافة إلى أنها أكبر مدينة والأكثر تطوراً وأماناً ونظافة، هي أيضاً عاصمة الطعام في العالم بعدد مطاعمها الحاصلة على نجوم ميشلان الذي يفوق عدد المطاعم المماثلة في لندن وباريس ونيويورك وسان فرانسيسكو.
لكن تبقى الصورة التي تتبادر إلى الذهن، اسم طوكيو، لمدينة عصرية مفعمة بالحداثة، وهو ما تشهد عليه ناطحات السحاب المدهشة، واللافتات الإعلانية التي تصيب بالدوار، ومراكز للنقل وأكثرها ازدحاماً في العالم. مع ذلك لم تختف إيدو، وهو الاسم القديم للعاصمة الإقطاعية البائدة، بمعابدها البوذية، وعروض الكابوكي، وبطولات السومو. لم تتخلص طوكيو من القديم بقدر ما راكمت الجديد عليه، فهي مدينة دائمة التطور والتغير وتعيد النظر في ماضيها بينما تتقدم سريعاً نحو المستقبل. هذا التشابك والتداخل بين التقاليد والابتداع هو ما يجعلها على ما هي عليه اليوم.
وليس من المبالغة القول إن زيارتها أشبه بالسفر إلى المستقبل، حيث لا يوجد مكان في العالم يمكن فيه رؤية مشاهد مدهشة تستحضر مشاهد من شينجوكو في فيلم «بليد رانر». تعلو كل ناطحة سحاب هنا لافتة منيرة بأضواء النيون تبدو وكأنها في سباق محموم لجذب انتباه سكان طوكيو، المحبين للتكنولوجيا. فهم يتبنوها في كل جانب من جوانب حياتهم مع التمسك بهويتهم الثقافية بقوة.
وطبعاً لا يمكننا أن ننسى أن التسوق فيها متعة فريدة من نوعها، بالنظر إلى توفرها على متاجر عالمية وأسماء محلية تتشارك مع الشرق الأوسط صفة الحشمة والاعتدال، إلى جانب أخرى، أغلبها في حي هاراجوكو، تشتهر بالتصميمات الشبابية الجانحة لبعض الغرابة. وقد شهد هذا الحي توسعاً كبيراً بعد أن تم ضم كل من حي شيبويا وأوموته ساندو، وأوياما إليه. وبما أن اليابانيين يعشقون الموضة ولهم فيها أهواء وفنون ويعبرون عنها بطرقهم الخاصة، فإنهم يولون اهتماماً كبيراً للمحلات ومعمارها إلى حد أنها أصبحت هي الأخرى مزارات ومراكز جذب للسياح. سواء كانت محلات «برادا» أو «كارتييه» أو «ديور» وغيرها. كلها تقدم أطباقاً مجانية من ناحيتي هندستها الخارجية وتصميمها الداخلي. وإذا عُرف السبب بطل العجب، فقد أشرف على تصميمها وتنفيذها نجوم من العيار الثقيل في عالم المعمار مثل رينزو بيانو، وريم كولهاس، وتويو إيتو، وتاداو أندو، وغيرهم، كانت المدينة ساحة مفتوحة للتنافس المعماري بينهم.
وحتى إذا لم تكن النية شراء منتجات وأزياء موضة، فإنها تستحق الزيارة، وأفضلها هو حي «أوموته ساندو» الذي خضع لعملية تطوير في هذا المجال منذ نحو عشر سنوات، حين قامت شركة «إيرزوغ إيه دي ميرون» السويسرية الحائزة على جائزة «بريتزكر» بتصميم متجر «برادا» في الطرف الشرقي من الحي، وهو الأكثر ضيقاً وبعداً عن الأنظار. ستيفان جاكليتش، المهندس المعماري من نيويورك، ترك أيضاً بصمته حين صمم متجر لـ«مارك جاكوبس» بواجهة غُطيت أجزاء عديدة منها بالزجاج الأملس، وبلاطات من الحجر الأسود والمعدن المثقوب، بينما قامت شركة «فيوتشر سيستمز» البريطانية بتصميم واجهة متجر لـ«كوم دي غارسون»، التي تحمل طابع عصر الفضاء الخارجي، بجدران زجاجية ملتوية تعكس أسلوب الدار.
باتجاه الغرب، ونحو الجزء الأكثر اتساعاً من حي أوموته ساندو، سيستوقفك متجر «تودز شوز» الذي صممه الياباني تويو إيتو، وبعده ببضع بنايات باتجاه الغرب، تصل إلى متجر «كريستيان ديور» وهو من تصميم شركة «سانا» اليابانية الحاصلة على جائزة «بريتزكر».
أما في حي غينزا، فستجد محل دار «هيرميس» الذي أبدعه المعماري لورينزو بيانو، على شكل بُرج يمتد على تسعة طوابق من الوحدات الزجاجية الحريرية الملونة، بينما صمم تويو إيتو متجر «ميكيموتو» للمجوهرات واللؤلؤ، أيضاً على شكل برج أبيض في سماكة الورقة.
- أماكن الإقامة
أفضل فنادق أقمت بها في طوكيو خلال العشر سنوات الأخيرة هي سلسلة فنادق «بنينسولا طوكيو»، و«كونراد طوكيو» العالمية نظراً لموقعها المثالي وخدماتها الجيدة. كذلك يتميز فندق «إمبريال هوتيل» بتقديم خدمة جيدة. للأسف فقد فندق «بارك حياة طوكيو» الأسطوري، الذي ظهر في مشاهد الفيلم الشهير «ضائع في الترجمة» بريقه وتألقه تماماً.
مع ذلك ظهر في الآونة الأخيرة فنادق جديدة مثل «هوشينويا» طوكيو.
فاليابان عموما تشتهر بالـ«ريوكان»، وهي أماكن إقامة أصيلة تتمسك بالتقاليد الثقافية الكلاسيكية للبلاد مثل الأرائك المريحة، وسجاد الـ«تاتامي»، والأبواب الورقية المنزلقة، والطاولات الخشبية المنخفضة، ويوجد المئات منها في أنحاء البلاد، لكن لم تكن لتجد واحداً في طوكيو من قبل. لهذا يعد الفندق الأول في سلسلة فنادق «هوشينويا» الذي يحافظ على التقاليد اليابانية في قلب مدينة.
رغم أن الفندق برج عصري ضخم، فإنه منزوٍ ومن الصعب العثور عليه إلا إذا كانت لديك فكرة مسبقة عنه. المبنى بالكامل مغطى بشبكة معدنية سوداء اللون تتخذ شكل وردة. باب المدخل مصنوع من قطعة واحدة من خشب السرو. بالداخل، وحيث تصطف مجموعة من صناديق البامبو على جانبي الرواق، عليك أن تخلع حذاءك وتكتفي بجوربك فقط. فهنا ستعيش الزواج بين التقليدي والمعاصر في أجمل حالاته، فالتقاليد لم تمنع أن يحتضن الفندق منتجعاً يتوفر على كل التسهيلات العصرية في الطابق الثامن عشر. أما فندق «أمان طوكيو» الذي يشغل الطوابق الست العليا من برج «أوتيماتشي» المكون من 38 طابقاً، فيقدم تجربة مختلفة تماماً، يصل فيها النزلاء بواسطة مصعد يرتفع إلى البهو في الطابق الثالث والثلاثين، حيث يمكن التمتع بإطلالة كاملة على المدينة.
7:57 دقيقة
طوكيو والسفر إلى المستقبل
https://aawsat.com/home/article/1753861/%D8%B7%D9%88%D9%83%D9%8A%D9%88-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%B1-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D9%84
طوكيو والسفر إلى المستقبل
طوكيو والسفر إلى المستقبل
مواضيع
مقالات ذات صلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة