مطالبات عربية ودولية للأطراف السودانية بضبط النفس والعودة للمفاوضات

مطالبات عربية ودولية للأطراف السودانية بضبط النفس والعودة للمفاوضات
TT

مطالبات عربية ودولية للأطراف السودانية بضبط النفس والعودة للمفاوضات

مطالبات عربية ودولية للأطراف السودانية بضبط النفس والعودة للمفاوضات

طالبت دول عربية ودولية الأطراف السودانية بضبط النفس والعودة إلى مائدة المفاوضات والحوار، بعد ساعات من اقتحام قوات الأمن السودانية أمس موقع الاعتصام في وسط الخرطوم، ومقتل عدد من الأشخاص، في أسوأ أعمال عنف منذ الإطاحة بحكم الرئيس عمر البشير في 11 أبريل (نيسان) الماضي.
وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان أمس: «تؤكد مصر أنها تتابع ببالغ الاهتمام تطورات الأوضاع على الساحة السودانية والأحداث الأخيرة وتداعياتها»، وأعربت «عن مواساتها لأسر الشهداء... متمنية الشفاء العاجل للجرحى». وشدد البيان المصري على «أهمية التزام جميع الأطراف السودانية بالهدوء وضبط النفس والعودة إلى مائدة المفاوضات والحوار بهدف تحقيق تطلعات الشعب السوداني». وقبل أيام استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في القاهرة، رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان الفريق أول عبد الفتاح البرهان، في أول زيارة خارجية له. وهي زيارة اعتبرها البعض محاولة لتمكين المجلس العسكري من البقاء في حكم البلاد. لكن البيان الرئاسي المصري الذي أعقب اللقاء أكد «دعم مصر الكامل لأمن واستقرار السودان، ومساندتها للإرادة الحرة ولخيارات الشعب السوداني في صياغة مستقبل بلاده، والحفاظ على مؤسسات الدولة»، واستعداد مصر لتقديم كل سبل الدعم للأشقاء في السودان لتجاوز هذه المرحلة بما يتوافق مع تطلعات الشعب السوداني بعيداً عن التدخلات الخارجية.
وترى السفيرة منى عمر، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق للشؤون الأفريقية، أن «مصر سعت منذ بداية الاحتجاجات إلى النأي بنفسها من التدخل في الشأن السوداني، وكانت حريصة على اتخاذ مواقف لدعم الشعب السوداني وخياراته مع التأكيد على أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة ومقدراتها».
وأشارت الدبلوماسية المصرية في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «موقف مصر كان وما زال يتلخص في تقديم الخبرات ورؤيتها للمرحلة الانتقالية من خلال تجربتها، فهي تمتلك استراتيجية واضحة حققت طفرة في الاستقرار والتحول الاقتصادي، وهناك فرق بين التدخل وبين تقديم المشورة».
من جهته، دعا الاتحاد الأفريقي إلى وقف أعمال العنف في السودان، مؤكدا أنه يعكف على مقترحات لحل الأزمة سيعلن عنها قريباً. وقال مبعوثه إلى السودان محمد الحسن لبات لـ«الشرق الأوسط» إن الاتحاد الأفريقي «يندد بالعنف ويطالب بتحقيق فوري وشفاف»، داعياً المجلس العسكري الانتقالي في السودان إلى «توفير الحماية للمدنيين». وشدد ولد لبات على ضرورة «الرجوع الفوري إلى طاولة المفاوضات»، مشيراً إلى أن الاتحاد الأفريقي ملم بمستجدات الأوضاع السودانية، «ولدينا اقتراحات قد تنال رضى الجميع في المسائل العالقة»، من دون أن يكشف عن تفاصيل هذه المقترحات.
وأكد ولد لبات أن الاتحاد الأفريقي «سيواصل الجهود بل سيكثفها» من أجل الدفع نحو حل سياسي سلمي في السودان يضمن العودة إلى الوضع الدستوري، داعياً في الوقت ذاته إلى ضرورة أن يحظى موقف الاتحاد الأفريقي بالدعم من طرف جميع الشركاء «وعدم الشذوذ عنه».
وكانت مفوضية الاتحاد الأفريقي قد أصدرت بياناً أمس دعت فيه إلى فتح «تحقيق فوري وشفاف» من أجل مساءلة المسؤولين عن أعمال العنف التي استهدفت المعتصمين في السودان. وقال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد: «ندين بشدة أعمال العنف التي اندلعت بالخرطوم، وأدت إلى سقوط عدة قتلى وجرح مدنيين»، ودعا إلى ضرورة «إجراء تحقيق فوري وشفاف من أجل مساءلة جميع المسؤولين».
وأعلنت السفارة الأميركية في السودان أمس، أن الهجمات وأعمال العنف «يجب أن تتوقف»، معتبرة أن «الهجمات التي تقوم بها القوى الأمنية السودانية ضد المتظاهرين ومدنيين آخرين خطأ ويجب أن تتوقف».
من جانبه، كتب وزير الخارجية البريطاني جيريمي هنت على «تويتر»: «يتحمل المجلس العسكري المسؤولية الكاملة عن هذا العمل، والمجتمع الدولي سيحاسبه». وقالت أليسون كينج، المتحدثة باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن المجتمع الدولي سيحمل المجلس العسكري مسؤولية العنف». وقال السفير البريطاني في الخرطوم عرفان صديق في تغريدة أيضا إنه سمع «إطلاق نار كثيف» من منزله. وتابع: «أنا قلق للغاية إزاء التقارير التي تتحدث عن مهاجمة القوى الأمنية ميدان الاعتصام وعن وقوع إصابات... لا مبرّر لمثل هذا الهجوم. يجب أن يتوقف هذا الآن».
وأدانت فرنسا فض اعتصام المحتجين في الخرطوم بالقوة، ودعت إلى إحالة المسؤولين عن أعمال العنف هذه إلى القضاء. وقالت الناطقة باسم الخارجية الفرنسية في بيان إن «فرنسا تدين أعمال العنف التي ارتكبت في الأيام الماضية في السودان في قمع المظاهرات... وتدعو إلى مواصلة الحوار بين المجلس العسكري الانتقالي والمعارضة بهدف التوصل إلى اتفاق شامل سريعا حول المؤسسات الانتقالية».
بدورها، أدانت الحكومة الألمانية التصدي العنيف للاعتصام الاحتجاجي في الخرطوم. وقال متحدث باسم الخارجية الألمانية في برلين: «هذا العنف غير مبرر ويتعين وقفه فورا». وذكر المتحدث أن الإخلاء العنيف للاعتصام يعرض عملية تسليم السلطة إلى حكومة مدنية لخطر بالغ، وقال: «ندعو أطراف المفاوضات إلى تجنب التصعيد والعودة إلى مائدة المفاوضات».
ودعا الاتحاد الأوروبي قيادات الجيش السوداني للسماح بالاحتجاج السلمي وحث على انتقال السلطة سريعا لقوى مدنية. وقالت متحدثة باسم الاتحاد في إفادة دورية للصحافيين: «نتابع تطورات الوضع عن كثب بما في ذلك هجمات اليوم (أمس) على المحتجين المدنيين وندعو المجلس العسكري الانتقالي للعمل على احترام حق الناس في التعبير عن قلقهم». وأضافت المتحدثة «أي قرار بتكثيف استخدام القوة لن يكون من شأنه سوى إخراج العملية السياسية عن مسارها... أولوية الاتحاد الأوروبي ما زالت هي نقل السلطة سريعاً إلى سلطة مدنية».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.