صالح وعبد المهدي يبحثان قمم مكة... ويؤكدان حيادية العراق

ناقشا الأزمة الأمنية والسياسية في محافظتي ديالى وكركوك

عنصر أمن في موقع تفجير شهدته كركوك مساء الجمعة الماضي (رويترز)
عنصر أمن في موقع تفجير شهدته كركوك مساء الجمعة الماضي (رويترز)
TT

صالح وعبد المهدي يبحثان قمم مكة... ويؤكدان حيادية العراق

عنصر أمن في موقع تفجير شهدته كركوك مساء الجمعة الماضي (رويترز)
عنصر أمن في موقع تفجير شهدته كركوك مساء الجمعة الماضي (رويترز)

جدد العراق تأكيده النأي عن سياسة المحاور في المنطقة والاستمرار في لعب دور الوساطة والتهدئة في ظل تصاعد الأزمات بين دول المنطقة لا سيما الصراع الأميركي – الإيراني، وما أسفرت عنه القمم الثلاث (الخليجية والعربية والإسلامية) التي عُقدت في مكة المكرمة مؤخراً.
وقالت الرئاسة العراقية في بيان لها تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن الرئيس برهم صالح الذي رأس وفد العراق إلى قمم مكة بحث مع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي «الأوضاع الدولية والإقليمية، ودور العراق المستند إلى النأي عن سياسة المحاور، والاستمرار في الالتزام بسياسته الواضحة ومصالحه الوطنية العليا، وقراره الوطني المستقل، وتجنيب البلاد آثار الصراعات والأزمات وبما يحمي الاستقرار المتحقق للعراقيين». وأضاف البيان أن صالح وعبد المهدي «تطرقا إلى نتائج مؤتمري القمة العربية الطارئة وقمة منظمة التعاون الإسلامي الرابعة عشرة اللذين عُقدا في مكة المكرمة مؤخراً»، دون أن يذكر البيان المزيد من التفاصيل. يذكر أن العراق كان قد أعلن تحفظه على البيان الختامي للقمة العربية اعتراضاً على عدم مشاركة العراق في صياغته النهائية.
وبعد استقباله القائم بالأعمال الأميركي جوي هود، استقبل صالح أول من أمس، السفير الإيراني في بغداد أريج مسجدى. وطبقاً لبيان رئاسي فإن الرئيس صالح أكد خلال اللقاء أن «موقف العراق وتعامله مع الأزمة في المنطقة نابع من استقلالية قراره الوطني وسياساته الواضحة في تجنب المنطقة المزيد من التصعيد والتوتر والأزمات وبما يحفظ مصالحه الوطنية وشعوب المنطقة». وأشار صالح طبقاً للبيان إلى أن «المسؤولية التاريخية في خضمّ الظروف المعقدة التي تمر بها المنطقة تحتم علينا بذل الجهود لتخفيف التوتر ومنع أي تصعيد يهدد استقرار شعوبنا وأهمية اتباع الحوار الجاد والبناء في معالجة الأزمات».
داخلياً، بحث صالح وعبد المهدي في لقائهما أمس، الأزمات والمشكلات الداخلية في العراق لا سيما بعد تفجر أزمتي التفجيرات في كركوك والتهجير في بعض مناطق محافظة ديالى. وكانت تفجيرات كركوك الأسبوع الماضي قد دقت ناقوس الخطر من جديد في المحافظة وسط استمرار الصراعات سواء على صعيد أزمة منصب المحافظ بين الحزبين الكرديين الرئيسيين أو المشكلات بين مكونات المحافظة المختلطة (العرب والكرد والتركمان والكلد والأشوريون). وفي هذا السياق يقول نائب رئيس الجبهة التركمانية حسن توران، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «التفجيرات التي وقعت في كركوك هي بلا شك من صنع عصابات تنظيم (داعش) وهو ما أكدته التحقيقات الأولية، لكن المشكلة تكمن في طريقة الاستثمار السياسي التي تقوم بها جهات وأطراف معينة وذلك من أجل تغيير المعادلة الأمنية في المحافظة»، مبيناً أن «هناك ضعفاً في أجهزة الشرطة يصل إلى حد التقصير». وبشأن الحل الأمثل لأزمات كركوك المتكررة أمنياً وسياسياً، يقول توران إن «الحل الأمثل لكركوك يتمثل في تشكيل فرقة عسكرية من أبناء المحافظة بنسبة 32% لكل مكون، كما يتطلب الأمر أن يكون لكركوك وضع إداري خاص عبر إدارة مشتركة وليس عن طريق الاستحواذ مثلما هو حاصل الآن».
من جهته، يرى فرات التميمي، عضو البرلمان العراقي عن محافظة ديالى، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يجري في ديالى هو وجود بعض الجيوب لعصابات (داعش) خصوصاً في بعض المناطق التابعة لناحية أبي صيدا التي لم تستقر أمنياً خلال السنوات الماضية». وأضاف التميمي أن «هذه العصابات تقوم بين فترة وأخرى بعمليات ضد القوات الأمنية والمواطنين»، نافياً أن «ما حصل مؤخراً لم يكن عمليات نزوح بقدر ما أن الأهالي حاولوا إيصال رسالة احتجاج إلى المسؤولين في الحكومة المركزية من أجل تعزيز الأمن وخصوصاً الجانب الاستخباري، لأن مثل هذه الجيوب في ناحية أبي صيدا يمكن استغلالها، الأمر الذي يهدد في النهاية السلم المجتمعي لا سيما مع وجود عصابات مسلحة، الأمر الذي يتطلب وجود قوات من خارج المحافظة من أجل الحد من الخروقات الأمنية».
وكان قائد عمليات ديالى اللواء الركن عبد المحسن حاتم موسى، قد أصدر أوامره بتأمين الحماية اللازمة لقرية أم الخنازير التابعة لناحية أبي صيدا والتي شهدت مؤخراً اضطرابات أمنية.
إلى ذلك، نفت هيئة الحشد الشعبي وجود قوات لها أو مقر في منطقة أم الخنازير في ناحية أبي صيدا مبينة أن المنطقة تدار من قبل الجيش والشرطة.
بدوره، يقول صلاح الجبوري، رئيس كتلة تحالف القوى العراقية السابق والنائب عن ديالى، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المنطقة المقصودة فيها بقايا لعصابات (داعش) ولكنهم عبارة عن خلايا نائمة ويوجدون في مناطق بعيدة عن الناحية ويقومون بين فترة وأخرى بعمليات تستهدف المواطنين من كل الأطياف غير أن الأخطر هو ما يحصل بعد هذه العمليات من قِبل فصائل خارجة عن القانون، حيث تقوم بممارسات خطيرة ضد أبناء المنطقة بدوافع طائفية وهي بأمرة بعض المسؤولين في بعض مفاصل المحافظة»، مبيناً أن «السيطرة هناك ليس بيد القوات الأمنية وإنما بيد الفصائل المنفلتة والميليشيات، ولذلك المطلوب هو أن تحل قوات من خارج المحافظة وليس من أبناء المحافظة».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.