شلل تام يضرب الخرطوم... والجيش ينفي فض الاعتصام

محتجون يسدون طرقاً بعد دعوة الحراك إلى «عصيان شامل»... والأمن «استهدف منطقة جريمة»

معتصمون يغلقون بالحجارة والإطارات المشتعلة طريقاً في محيط ساحة الاعتصام في الخرطوم (أ.ف.ب)
معتصمون يغلقون بالحجارة والإطارات المشتعلة طريقاً في محيط ساحة الاعتصام في الخرطوم (أ.ف.ب)
TT

شلل تام يضرب الخرطوم... والجيش ينفي فض الاعتصام

معتصمون يغلقون بالحجارة والإطارات المشتعلة طريقاً في محيط ساحة الاعتصام في الخرطوم (أ.ف.ب)
معتصمون يغلقون بالحجارة والإطارات المشتعلة طريقاً في محيط ساحة الاعتصام في الخرطوم (أ.ف.ب)

أصيبت الخرطوم بشلل تام بعد دعوة «تجمع المهنيين السودانيين» إلى «عصيان مدني شامل». وخرج الآلاف في أحياء العاصمة في تظاهرات حاشدة، وأغلقت كل الطرق المودية إليها.
وكان «تجمع المهنيين» دعا إلى العصيان بعد سقوط قتلى وجرحى بالرصاص في محيط الاعتصام أمام مقر وزارة الدفاع في الخرطوم، وحمل المجلس العسكري الانتقالي الحاكم المسؤولية. لكن ناطقاً باسم الجيش نفى محاولة فض الاعتصام، مشيراً إلى أن القوات «استهدفت منطقة مجاورة له تشهد نشاطاً لعصابات ومجرمين».
ومساءً، أفادت وكالة السودان للأنباء أن النائب العام الوليد سيد أحمد محمود شكل لجنة للتحقيق في أعمال العنف.
وذكر شهود أن عناصر بملابس قوات الأمن اقتحمت موقع الاعتصام في الخامسة من صباح اليوم (الاثنين)، وسط إطلاق نار. وقالت «لجنة أطباء السودان المركزية» التابعة للتجمع إن 13 قتيلاً على الأقل سقطوا، إضافة إلى جرحى قدرتهم بالعشرات.
وفي وقت لاحق، قالت اللجنة  إن عدد الأشخاص الذين قُتلوا ارتفع إلى أكثر من 30. ورجحت ارتفاع العدد في ظل عدم الانتهاء من حصر العدد الفعلي للقتلى.
واتهم «تجمع المهنيين السودانيين» الذي يقود الاحتجاجات، المجلس العسكري الانتقالي بـ«إحضار قوات نظامية بعدد ضخم جداً لميدان الاعتصام للقيام بعملية فض ممنهج».
غير أن الناطق باسم المجلس العسكري الفريق شمس الدين كباشي قال إن قوات الأمن لم تستهدف الاعتصام، وإنما «تحركت صباح اليوم في إطار خطة القوات الأمنية المعنية بولاية الخرطوم لفض التجمع» في منطقة قريبة منه تسمى كولومبيا «ظلت منذ فترة طويلة بؤرة للفساد والممارسات السلبية التي تتنافى وسلوك المجتمع السوداني، وأصبحت مهدداً أمنياً كبيراً لمواطنينا».
وأضاف في مقابلة مع قناة «سكاي نيوز عربية» أن «الجيش والمواطنين وقوى الحرية والتغيير اتفقوا على أن هذه المنطقة تمثل خطراً، وتؤثر أيضاً على أمن الثوار في منطقة الاعتصام، وبناء على ذلك، قررت السلطات المعنية التحرك صوب هذه المنطقة، بما يؤدي إلى أمن وسلامة المجتمع».
وأكد أن المجلس كان «على تواصل مع قيادات تجمع الحرية والتغيير، وأطلعناهم على ما يتم الترتيب له وما يجري في فض المنطقة كولومبيا». وشدد على أن الجيش «لم يفض الاعتصام بالقوة، فالخيم موجودة والشباب يتحركون بحرية... ما تم تحرك عسكري خارج منطقة الاعتصام... ونتيجة لتدافع الموجودين في منطقة كولومبيا دخلت (القوات) إلى الاعتصام، وكثيرون من الشباب آثروا الخروج من الاعتصام».
وأشار إلى أن الجيش لا يمانع في عودة من خرجوا من المعتصمين، مشدداً على أن قواته «لا تستهدف منطقة الاعتصام، والذين خرجوا إن أرداوا العودة فلهم ذلك. استهدفنا فقط منطقة كولومبيا». وتوقع العودة إلى طاولة التفاوض اليوم أو غداً.
لكن الناطق باسم {الحركة الشعبية لتحرير السودان} مبارك اردول قال لـــ{الشرق الأوسط} إن التصريحات عن استهداف منطقة كولومبيا المجاورة للاعتصام {هدفها التغطية على الجريمة التي حدثت... ما حدث أن تلك القوات اقتحمت ساحة الاعتصام وأطلقت الرصاص الحي، مما أدى إلى وقوع عدد من القتلى والجرحى}.
وأضاف أن {هذه جريمة لا تغتفر ولن تمر بسهولة. وعلى قوى الحرية والتغيير أن تتوحد وتتجاوز كل الخلافات في هذا الوقت بالتحديد}، مشيراً إلى أن {العصيان المدني مفتوح حتى تسليم السلطة كاملة}.
ووصلت المحادثات بين المحتجين والمجلس العسكري السوداني بشأن من يحكم خلال الفترة الانتقالية بعد عزل الرئيس عمر البشير في وقت سابق هذا العام إلى طريق مسدود. وفي هذا السياق، توقّع الناطق باسم المجلس العسكري استئناف المفاوضات مع قوى الحرية والتغيير «اليوم أو غداً».
وقبل إعلان المجلس العسكري هذا التوضيح، طالب «تجمع المهنيين» مناصريه بـ«الخروج إلى الشوارع وتسيير المواكب وإغلاق الشوارع والجسور والمنافذ... والتظاهر السلمي في كل مكان، والشروع في العصيان المدني الشامل ووقف الحياة العامة» لإسقاط المجلس العسكري الانتقالي. وشدد على الحفاظ على «سلمية الثورة».
ودعت «قوى إعلان الحرية والتغيير» التي تضم التجمع وكيانات أخرى وتفاوض المجلس الانتقالي، في بيان آخر اليوم، إلى «تصعيد ثوري سلمي... ومقاومة العنف للعمل على إسقاط المجلس العسكري». وطالبت بـ«تترييس كل الشوارع بالعاصمة والأقاليم فوراً، والخروج فى مسيرات سلمية ومواكب بالأحياء والمدن والقرى».
وأعرب «حزب الأمة القومي» السوداني بزعامة الصادق المهدي عن «استنكاره الشديد» للهجوم على الاعتصام. وحمل المجلس العسكري مسؤوليته، معتبراً أنه «لم يعُد منحازاً إلى الثورة». ودعا السودانيين إلى «النزول إلى الشوارع، وإقامة عشرات الاعتصامات داخل وخارج العاصمة وخارج السودان، حماية لثورتنا المجيدة».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.