المجلس الدستوري يلغي «انتخابات 4 يوليو» في الجزائر

انتصار جديد للحراك... ومصير الرئيس الانتقالي على المحك

TT

المجلس الدستوري يلغي «انتخابات 4 يوليو» في الجزائر

حقق الحراك الشعبي بالجزائر أحد أهم مطلبين يرفعهما منذ 22 فبراير (شباط) الماضي، وهو إلغاء تاريخ انتخابات الرئاسة التي كانت مقررة في 4 من الشهر المقبل، لكن مطلب تنحية رئيس الدولة عبد القادر بن صالح اصطدم برفض حاد من جانب السلطات التي مددت ولايته (تنتهي في 09 من الشهر المقبل)، وكلفته باختيار تاريخ جديد للانتخاب.
وأعلن «المجلس الدستوري»، في بيان له أمس، كما توقعه كل المراقبين، عن رفض ملفي ترشح للرئاسة تسلمهما قبل 10 أيام، ولم يذكر السبب، لكن مصادر أفادت بأن صاحبي الترشيحين، وهما شخصان غير معروفين في الوسط السياسي والإعلامي، عجزا عن جمع تواقيع 60 ألف شخص من 25 ولاية (48 ولاية في الجزائر). وكنتيجة لذلك، قال بيان المجلس الدستوري إنه «يستحيل إجراء انتخاب رئيس الجمهورية يوم 4 يوليو (تموز) 2019»، مشيراً إلى «إعادة تنظيمه من جديد»، من دون تحديد تاريخ الاقتراع المرتقب. ويرجح متتبعون إرجاء الاستحقاق إلى الخريف المقبل.
وأوضح البيان أنه «يعود لرئيس الدولة استدعاء الهيئة الانتخابية من جديد، واستكمال المسار الانتخابي، حتى انتخاب رئيس الجمهورية وأدائه اليمين الدستورية»، وأضاف أن الدستور «أقر بأن المهمة الأساسية لمن يتولى وظيفة رئيس الدولة هي تنظيم انتخاب رئيس الجمهورية، وبأنه يتعين تهيئة الظروف الملائمة لتنظيمها، وإحاطتها بالشفافية والحياد، لأجل الحفاظ على المؤسسات الدستورية التي تُمكن من تحقيق تطلعات الشعب السيد». وهاجم قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح المطالبين بتأجيل الانتخابات، وبمرحلة انتقالية تسبقه، وطالب بإجرائها «في أقرب الآجال»، محذراً من الفراغ الدستوري الذي يعني بالنسبة له رحيل رئيس الدولة ورئيس الوزراء.
وبات مصير بن صالح أمام المحك، ذلك أنه يواجه ضغطاً شعبياً كبيراً منذ تسلمه رئاسة الدولة بعد استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 2 أبريل (نيسان) الماضي. ففي كل جمعة، يطالبه ملايين المتظاهرين بالتنحي، هو ورئيس الوزراء نور الدين بدوي، على أساس أنهما «موروثان من النظام البوتفليقي». وتدوم ولاية رئيس الدولة دستورياً 3 أشهر، يتكفل خلالها بتحضير انتخابات رئاسية، وبتسيير شؤون البلاد مع طاقم حكومي لا يحقَ له تغييره. ويمنح له الدستور صلاحيات محدودة، كتعيين مهام مسؤولين في أجهزة ومؤسسات حكومية وإنهائها. وقد أجرى بعض التغييرات التي تدخل ضمن نطاق سلطته، مسّت مسؤولين بالتلفزيون العمومي ووكالة الإعلانات الحكومية والجمارك وإدارة الضرائب وشركة المحروقات «سوناطراك». غير أن بعض الإجراءات التي اتخذها، تتجاوز صلاحياته، من بينها استبدال قاضي تحقيق بوكيل الجمهورية (قاض تابع للنيابة) بمحكمة بالعاصمة. كما أعاد النائب العام بمجلس قضاء العاصمة بعد 4 سنوات من تنحيته على خلفية قضية فساد كبيرة. واحتجت نقابة القضاة على هذه التغييرات، لأن القانون الأساسي للقضاء يمنعها من دون موافقة «المجلس الأعلى للقضاء» الذي يسيَر المسار المهني للقضاة. واستنكرت النقابة عزل وكيل الجمهورية بحكم أنه بدأ باستجواب رئيس الوزراء سابقاً أحمد أويحيى، ووزير المالية الحالي محمد لوكال، في ملفات فساد.
وقال عبد هبَول، وهو قاض سابق، لـ«الشرق الأوسط»: «لا يجوز لابن صالح دستورياً البقاء في الحكم بعد اليوم، فعلة وجوده هي تنظيم الانتخابات، وبما أن المجلس الدستوري صرح باستحالة إجرائها، فعليه أن يستقيل. كما أن علة وجود الحكومة هي توفير ظروف تنظيم الانتخابات، وعليها أن تستقيل» أيضاً. وأكد أن الحراك الشعبي «رفض إشراف بن صالح على انتخابات 4 يوليو، فكيف يقبل بانتخابات جديدة مع الرئيس نفسه الذي يرفضه؟».
وعبر عبد القادر بن قرينة، رئيس حزب «حركة البناء الوطني»، عن «أسفه لتضييع الوقت، وإطالة عمر الأزمة»، داعياً إلى «الحوار كفضيلة ووسيلة لا مناص منها للوصول إلى حلول نتجاوز بها حالة المراوحة وحالة البقاء في الأزمة».



فرار مجندين من المعسكرات الحوثية في صنعاء وريفها

الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)
الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)
TT

فرار مجندين من المعسكرات الحوثية في صنعاء وريفها

الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)
الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)

شهدت معسكرات تدريب تابعة للجماعة الحوثية في العاصمة المختطفة صنعاء وريفها خلال الأيام الأخيرة، فراراً لمئات المجندين ممن جرى استقطابهم تحت مزاعم إشراكهم فيما تسميه الجماعة «معركة الجهاد المقدس» لتحرير فلسطين.

وتركزت عمليات الفرار للمجندين الحوثيين، وجُلهم من الموظفين الحكوميين والشبان من معسكرات تدريب في مدينة صنعاء، وفي أماكن أخرى مفتوحة، في مناطق بلاد الروس وسنحان وبني مطر وهمدان في ضواحي المدينة.

جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في صنعاء للتعبئة القتالية (فيسبوك)

وتحدّثت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، عن فرار العشرات من المجندين من معسكر تدريبي في منطقة جارف جنوب صنعاء، وهو ما دفع وحدات تتبع جهازي «الأمن الوقائي»، و«الأمن والمخابرات» التابعين للجماعة بشن حملات تعقب وملاحقة بحق المئات ممن قرروا الانسحاب من معسكرات التجنيد والعودة إلى مناطقهم.

وذكرت المصادر أن حملات التعقب الحالية تركّزت في أحياء متفرقة في مديريات صنعاء القديمة ومعين وآزال وبني الحارث، وفي قرى ومناطق أخرى بمحافظة ريف صنعاء.

وأفادت المصادر بقيام مجموعات حوثية مسلحة باعتقال نحو 18 عنصراً من أحياء متفرقة، منهم 9 مراهقين اختطفوا من داخل منازلهم في حي «السنينة» بمديرية معين في صنعاء.

وكان الانقلابيون الحوثيون قد دفعوا منذ مطلع الشهر الحالي بمئات المدنيين، بينهم شبان وأطفال وكبار في السن وموظفون في مديرية معين، للمشاركة في دورات تدريب على استخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة استعداداً لإشراكهم فيما تُسميه الجماعة «معركة تحرير فلسطين».

ملاحقة الفارين

يتحدث خالد، وهو قريب موظف حكومي فرّ من معسكر تدريب حوثي، عن تعرُّض الحي الذي يقطنون فيه وسط صنعاء للدَّهم من قبل مسلحين على متن عربتين، لاعتقال ابن عمه الذي قرر الانسحاب من المعسكر.

ونقل أحمد عن قريبه، قوله إنه وعدداً من زملائه الموظفين في مكتب تنفيذي بمديرية معين، قرروا الانسحاب من الدورة العسكرية بمرحلتها الثانية، بعد أن اكتشفوا قيام الجماعة بالدفع بالعشرات من رفقائهم ممن شاركوا في الدورة الأولى بوصفهم تعزيزات بشرية إلى جبهتي الحديدة والضالع لمواجهة القوات اليمنية.

طلاب مدرسة حكومية في ريف صنعاء يخضعون لتدريبات قتالية (فيسبوك)

ويبرر صادق (40 عاماً)، وهو من سكان ريف صنعاء، الأسباب التي جعلته ينسحب من معسكر تدريبي حوثي أُقيم في منطقة جبلية، ويقول إنه يفضل التفرغ للبحث عن عمل يمكّنه من تأمين العيش لأفراد عائلته الذين يعانون شدة الحرمان والفاقة جراء تدهور وضعه المادي.

ويتّهم صادق الجماعة الحوثية بعدم الاكتراث لمعاناة السكان، بقدر ما تهتم فقط بإمكانية إنجاح حملات التعبئة والتحشيد التي تطلقها لإسناد جبهاتها الداخلية، مستغلة بذلك الأحداث المستمرة في قطاع غزة وجنوب لبنان.

وكان سكان في صنعاء وريفها قد اشتكوا من إلزام مشرفين حوثيين لهم خلال فترات سابقة بحضور دورات عسكرية مكثفة تحت عناوين «طوفان الأقصى»، في حين تقوم في أعقاب اختتام كل دورة بتعزيز جبهاتها في مأرب وتعز والضالع والحديدة وغيرها بدفعات منهم.

وكثّفت الجماعة الحوثية منذ مطلع العام الحالي من عمليات الحشد والتجنيد في أوساط السكان والعاملين في هيئات ومؤسسات حكومية بمناطق تحت سيطرتها، وادّعى زعيمها عبد الملك الحوثي التمكن من تعبئة أكثر من 500 ألف شخص.