الحكومة المصرية تفند 12 شائعة تضمنت «عمليات تهجير»

TT

الحكومة المصرية تفند 12 شائعة تضمنت «عمليات تهجير»

فندت الحكومة المصرية عددا من الشائعات ذاعت لدى الرأي العام على صفحات التواصل الاجتماعي، خلال الفترة الماضية. وذكر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء، في تقريره الدوري لرصد الشائعات، 12 شائعة انتشرت في 11 يوماً، في الفترة من 23 مايو (أيار) الماضي وحتى 2 يونيو (حزيران) الجاري. تضمنت الشائعات تنازل مصر عن حصتها في حقل «ظهر» للغاز، وسداد ديون هيئة قناة السويس من الموازنة العامة الجديدة للدولة، وتهجير الحكومة لأهالٍ. وقال بيان حكومي أمس ردا على أنباء تنازل مصر عن حصتها في حقل غاز «ظهر» لإحدى الشركات الأجنبية، إنه «لا صحة على الإطلاق لتنازل مصر عن أي جزء من حصتها، وأن حصة مصر في الحقل لم تتغير، وأسهم الحقل في زيادة إنتاج الغاز الطبيعي المصري ومن ثم تحقيق الاكتفاء الذاتي والتوقف عن استيراد الغاز»، مُشددة على أن كل ما يُثار في هذا الشأن مجرد شائعات تستهدف إثارة البلبلة والتقليل من جهود الدولة المبذولة في مجال تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز. وبخصوص ما تردد حول سداد ديون هيئة قناة السويس من الموازنة العامة الجديدة للدولة 2019 - 2020. والتي تقدر بقيمة 600 مليون دولار، بعد عجز الهيئة عن السداد، نفت هيئة قناة السويس تلك الأنباء تماماً. وأكدت أن هناك تزايدا في إجمالي عائدات الهيئة وتحقيقها أعلى إيرادات في تاريخها بنهاية عام 2018، مُشددة على أن كل ما يثار في هذا الشأن مجرد شائعات لا أساس لها من الصحة تهدف التأثير على حركة الملاحة بالقناة والتي تشهد تقدماً وارتفاعاً ملحوظاً.
كما تناولت أنباء حول صرف بعض ماكينات الصرف الآلي» ATM» الخاصة بالبنوك المصرية ورقا أبيض بدلاً من النقود والعملات الورقية، وقد نفى البنك المركزي تلك الأنباء تماماً. كما نفى شائعة إصدار عملات ورقية فئتي 500 و1000 جنيه.
وردا على أنباء عن وجود عجز شديد في عقار الأنسولين من المستشفيات والصيدليات، تواصل المركز الإعلامي لمجلس الوزراء مع وزارة الصحة والسكان التي نفت تلك الأنباء تماماً، مُشددة على توافر الأنسولين بشكل طبيعي وبمعدلات أعلى من العام السابق.
وردا على أنباء تُفيد بقيام الحكومة بتهجير أهالي منطقة نجع أبو عصبة بمنطقة الكرنك بالأقصر بشكل قسري، دون صرف تعويضات، وتواصل المركز الإعلامي لمجلس الوزراء مع محافظة الأقصر والتي نفت صحة تلك الأنباء.
وأكدت محافظة الأقصر أنه لا صحة على الإطلاق لتهجير الحكومة لأهالي الكرنك بالأقصر بشكل قسري دون تعويضهم، مُوضحة أن حقيقة الأمر تتمثل في إزالة المباني المخالفة التي تمثل تعدياً على طريق الكباش الفرعوني، مع توفير إجراءات سريعة وميسرة لصرف تعويضات للمتضررين، وفقاً لما تم الاتفاق عليه مع ممثلي أهالي النجع قبل البدء في إجراءات الإزالة.
كما ترددت أنباء عن إخلاء الحكومة لمدابغ سور مجرى العيون جبرياً دون صرف تعويضات لأصحابها، وتواصل المركز الإعلامي لمجلس الوزراء مع وزارة التجارة والصناعة والتي نفت تلك الأنباء تماماً.
وبخصوص أنباء بشأن إقرار وزارة التربية والتعليم تعديلات على نظام الدراسة للصف الثاني الثانوي بداية من العام الدراسي المقبل، نفت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني تلك الأنباء بشكل قاطع، مؤكدة أنه لا صحة على الإطلاق بشأن إقرار أي تعديل على نظام الامتحانات.
كما نفت الحكومة أي نية لطرح قصر البارون التاريخي للبيع أو أي مبان أثرية أخرى، مُشددة على حرص الدولة المصرية على الحفاظ على جميع آثارها العريقة وتراثها الحضاري الذي يمتد عبر آلاف السنين.
وبشأن أنباء بعجز الحكومة عن التصدي لأسراب الجراد التي هاجمت الحدود الجنوبية للبلاد خاصة بمحافظتي الأقصر وأسوان، أكدت وزارة الزراعة أنه لا صحة لعدم تصدي الحكومة لأسراب الجراد، مُوضحة أن حقيقة الأمر تتمثل في ظهور تجمعات محدودة جداً على الحدود الجنوبية للبلاد، وجرى مكافحتها على الفور، مُشددة على جاهزية الوزارة وامتلاكها خطة متكاملة للتصدي لأي هجوم للجراد في أي منطقة على مستوى الجمهورية.
ونفت كذلك إلغاء وزارة الأوقاف الاحتفالات بذكرى غزوة بدر بالمساجد، أو منع الاعتكاف بالمساجد خلال شهر رمضان.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.