أكثر من مليوني مصلٍ يشهدون ختم القرآن في المسجد الحرام

خطة حكومية متكاملة شارك فيها أكثر من 12 ألف موظف سهّلت أداء المناسك وضمنت الأمن والانسياب المروري

المسجد الحرام امتلأ بالمصلين في ليلة ختم القرآن (واس)
المسجد الحرام امتلأ بالمصلين في ليلة ختم القرآن (واس)
TT

أكثر من مليوني مصلٍ يشهدون ختم القرآن في المسجد الحرام

المسجد الحرام امتلأ بالمصلين في ليلة ختم القرآن (واس)
المسجد الحرام امتلأ بالمصلين في ليلة ختم القرآن (واس)

احتشد أكثر من مليوني مصلٍ من الزوار والمعتمرين، مساء أمس، في جنبات وأدوار وأروقة المسجد الحرام وساحاته، لأداء صلاة العشاء والتراويح وختم القرآن.
وتوافد المصلون إلى مكة المكرمة منذ الصباح لأداء المناسك، والصلاة، وحضور ختم القرآن الكريم، في المسجد الحرام، في الليلة التي يتحرى فيها المسلمون ليلة القدر. وأمّ المصلين إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ عبد الرحمن السديس.
وتمكّن قاصدو بيت الله الحرام من أداء مناسكهم وعباداتهم في أجواء روحانية، بكل يسر وأمان، مستفيدين مما وفّرته الحكومة السعودية من خدمات، وما نفذته من مشروعات، بإشراف من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ومتابعة شخصية من الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، ونائبه الأمير بدر بن سلطان بن عبد العزيز، لخدمة قاصدي بيت الله الحرام.
واتسمت الحركة المرورية بالانسيابية، ولم تحدث اختناقات أو حوادث مرورية تذكر، رغم الكثافة الكبيرة في أعداد السيارات التي دخلت إلى مكة المكرمة، إذ قامت إدارة المرور في العاصمة المقدسة بإعداد خطة خاصة لتنظيم حركة السير، ووزّعت الضباط والأفراد منذ الصباح في جميع أحياء مكة المكرمة وفي الميادين والطرق والشوارع، لمتابعة حركة السير وتنظيمها ومتابعة الحركة المرورية وإعطائها المرونة اللازمة أمام وفود الرحمن.
وتهيأت الشوارع والميادين في المنطقة المركزية، لنقل المعتمرين، وتكثيف انتشار رجال المرور على الطرق المؤدية من مكة المكرمة وإليها، وحثّ المعتمرين على استخدام وسائل النقل العام للانتقال من المواقف المخصصة لوقوف سياراتهم بمداخل مكة المكرمة إلى المسجد الحرام، وبالعكس.
وكثّفت شرطة العاصمة المقدسة انتشار رجال الأمن والدوريات في جميع أحياء مكة المكرمة، والطرق المؤدية إليها، لمتابعة الحالة الأمنية، ومساعدة الزوار والمعتمرين فيما يحتاجون إليه، وتوجيههم إلى المواقف المخصصة لسياراتهم. وزادت إدارة الدفاع المدني دوريات السلامة، وأعدت خطة خاصة بهذه الليلة، تحسباً لمواجهة أي حال طارئة.
وحشدت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي أكثر من 12 ألف موظف وموظفة مؤهلين علمياً وعملياً، وتأمين 25 ألف حافظة لماء زمزم، وأكثر من 4 آلاف عامل وعاملة لتطهير وتنظيف صحن المطاف وأروقة المسجد الحرام وساحاته وسطحه، وأكثر من 3500 خزينة للمعتكفين، وما يزيد على 11 خدمة عبر المحور الإرشادي، وفتح 170 باباً لاستقبال ضيوف الرحمن، و250 موظفاً لتغطية مداخل الساحات وإرشاد رواد المسجد الحرام.
ووفّرت الرئاسة العامة العربات الكهربائية (الغولف) الخاصة بنقل ذوي القدرات الخاصة، وكبار السن، وتهيئة مداخل مخصصة لتلك العربات، ومنع دخول غير المعتمرين من الدخول إلى صحن المطاف، والمشاركة في إدارة الحشود مع رجال الأمن.
وأبدى عدد من ضيوف بيت الله الحرام من الزوار والمعتمرين ارتياحهم لما وفّرته المملكة من خدمات، وما بذلته من جهود في سبيل تحقيقهم لأداء مناسكهم بكل يسر وسهولة وراحة واطمئنان.



المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
TT

المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)

حافظ السعوديون على مظاهر عيد الفطر السعيد التي كانت سائدة في الماضي، كما حرص المقيمون في البلاد من المسلمين على الاحتفال بهذه المناسبة السنوية وفق عاداتهم وتقاليدهم في بلدانهم، أو مشاركة السكان في احتفالاتهم بهذه المناسبة السنوية، علماً بأن السعودية تحتضن مقيمين من نحو 100 جنسية مختلفة.
ويستعد السكان لهذه المناسبة قبل أيام من حلول عيد الفطر، من خلال تجهيز «زكاة الفطر»، وهي شعيرة يستحب استخراجها قبل حلول العيد بيوم أو يومين، ويتم ذلك بشرائها مباشرة من محال بيع المواد الغذائية أو الباعة الجائلين، الذين ينتشرون في الأسواق أو على الطرقات ويفترشون الأرض أمام أكياس معبئة من الحبوب من قوت البلد بمقياس الصاع النبوي، والذي كان لا يتعدى القمح والزبيب، ولكن في العصر الحالي دخل الأرز كقوت وحيد لاستخراج الزكاة.
وفي كل عام يتكرر المشهد السائد ذاته منذ عقود في الاحتفال بعيد الفطر السعيد ومع حلوله اليوم في السعودية تستعيد ذاكرة السكان، وخصوصاً من كبار السن ذكريات عن هذه الفرائحية السنوية أيام زمان، وفق استعدادات ومتطلبات خاصة وبعض المظاهر الاحتفالية التي تسبق المناسبة.

السعوديون يحرصون على الإفطار الجماعي يوم العيد (أرشيفية - واس)

وحافظت بعض المدن والمحافظات والقرى والهجر في السعودية على مظاهر العيد التي كانت سائدة في الماضي؛ إذ حرص السكان على إبقاء هذه المظاهر ومحاولة توريثها للأبناء. ولوحظ خلال الأعوام الماضية حرص السكان على إحياء المظاهر الاحتفالية بعيد الفطر من خلال موائد العيد بمشاركة جميع سكان الحي، وتمثلت هذه المظاهر في تخصيص أماكن بالقرب من المساجد أو الأراضي الفضاء ونصب الخيام داخلها وفرشها بالسجاد ليبدأ سكان الأحياء بُعيد الصلاة بالتجمع في هذه الأماكن وتبادل التهنئة بالعيد، ثم تناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، بعدها يتم إحضار موائد العيد من المنازل أو المطابخ، التي لا تتعدى الكبسة السعودية والأكلات الشعبية الأخرى المصنوعة من القمح المحلي، وأبرزها الجريش والمرقوق والمطازيز، علماً بأن ربات البيوت يحرصن على التنسيق فيما يتعلق بهذه الأطباق لتحقيق التنوع في مائدة العيد وعدم طغيان طبق على آخر.
ويحرص السكان على المشاركة في احتفالية العيد التي تبدأ بتناول إفطار العيد في ساعة مبكرة بعد أن يؤدي سكان الحي صلاة العيد في المسجد يتوجه السكان إلى المكان المخصص للإفطار، الذي يفرش عادة بالسجاد (الزوالي) مع وضع بعض المقاعد لكبار السن ليتسنى لهم المشاركة في هذه الاحتفالات وفي المكان يتم تبادل التهاني بالعيد وتناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، وبعدها يبدأ إخراج موائد العيد من المنازل وتوزيعها على السفرة التي تفرش عادة في الساحات القريبة من المسجد أو في الأراضي الفضاء داخل الحي أو حتى في الشوارع الفرعية، كما تقيم إمارات المناطق والمحافظات إفطاراً في مقراتها في ساعة مبكرة من الصباح يشارك بها السكان من مواطنين ومقيمين.

الأطفال أكثر فرحاً بحلول العيد (أرشيفية - واس)

وبعد انتهاء إفطار العيد يتوجه أرباب الأسر مع عائلاتهم إلى الأقارب للتهنئة بالعيد ضمن اعتبارات تتعلق بأعمار المزارين ودرجة القرابة، حيث الأولوية لعمداء الأسر وكبار السن منهم، ولأن الساعة البيولوجية للسكان يصيبها الخلل خلال شهر الصوم، فإن البعض يحرص على أخذ قسط من الراحة قبيل صلاة الظهر أو بعدها، ثم يبدأ بعد العصر بزيارة الأقارب والأصدقاء حتى المساء، حيث يخيّم الهدوء على المنازل، ويحرص المشاركون في الإفطار على تذوق جميع الأطباق التي غالباً ما يتم إعدادها داخل المنازل، التي لا تتعدى أطباق الكبسة والجريش وأحياناً القرصان أو المرقوق أو المطازيز، خصوصاً في أيام الصيف، حيث كانت موائد العيد خلال الشتاء تزين بالأكلات الشعبية مثل الحنيني والفريك.
وفي الوقت الذي اختفت فيه بعض مظاهر العيد القديمة عادت هذه الأجواء التي تسبق يوم عيد الفطر المبارك بيوم أو يومين للظهور مجدداً في بعض المدن والقرى بعد أن اختفت منذ خمسة عقود والمتمثلة في المناسبة الفرحية المعروفة باسم العيدية، التي تحمل مسميات مختلفة في مناطق السعودية، منها «الحوامة» أو «الخبازة» أو «الحقاقة» أو «القرقيعان» في المنطقة الشرقية ودول الخليج، كما تم إحياء هذا التراث الذي اندثر منذ سنوات الطفرة وانتقال السكان من منازلهم الطينية إلى منازل حديثة، وقد ساهمت الحضارة الحديثة وانتقال السكان من الأحياء والأزقة الطينية في القرى والمدن في اختفاء هذا المظهر الفرحي للصغار في شهر رمضان ومع حلول العيد. يشار إلى أن المظاهر الاحتفالية لعيدية رمضان قبل عقود عدة تتمثل في قيام الأطفال بطرق الأبواب صباح آخر يوم من أيام رمضان وطلب العيدية التي كانت لا تتعدى البيض المسلوق أو القمح المشوي مع سنابله والمعروف باسم «السهو»، ثم تطور الأمر إلى تقديم المكسرات والحلوى، خصوصاً القريض والفصفص وحب القرع وحب الشمام والحبحب، وحلّت محلها هدايا كألعاب الأطفال أو أجهزة الهاتف المحمول أو النقود.