حكومة إيطاليا الائتلافية تترنح على خلفية الانتخابات الأوروبية

وزير الداخلية وزعيم «الرابطة» ماتّيو سالفيني
وزير الداخلية وزعيم «الرابطة» ماتّيو سالفيني
TT

حكومة إيطاليا الائتلافية تترنح على خلفية الانتخابات الأوروبية

وزير الداخلية وزعيم «الرابطة» ماتّيو سالفيني
وزير الداخلية وزعيم «الرابطة» ماتّيو سالفيني

مع انقضاء عام على التجربة الحكومية الإيطالية، الأولى في التاريخ الأوروبي الحديث بين الشعبويين واليمين المتطرف، التي أطلق تشكيلها صفّارات الإنذار في المؤسسات الأوروبية لما كانت ترفعه من شعارات معادية للمشروع الأوروبي، وما يفرضه الانتماء إليه من ضوابط مالية والتزامات قانونية وسياسية، تقف إيطاليا مرة أخرى على شفا أزمة سياسية حادة تنذر بانفراط الائتلاف الحاكم بين لحظة وأخرى، بسبب الخلافات العميقة بين الشريكين: حركة «النجوم الخمس» التي مُنيت بهزيمة مدوّية في الانتخابات الأوروبية، وحزب «الرابطة» الذي أحرز انتصاراً باهراً أعاد اليمين المتطرف إلى صدارة المشهد السياسي الإيطالي، لأول مرة، منذ سقوط النظام الفاشي مع نهاية الحرب العالمية الثانية.
منذ أيام لم يعد الحديث في الأوساط السياسية الإيطالية يدور حول حظوظ الائتلاف الحاكم في الصمود أمام الخلافات الداخلية في كل الملفات الكبرى تقريباً، ولا عن احتمالات نجاح مساعي التوفيق بين الشريكين اللدودين، التي يقضي رئيس الحكومة جيوزيبي كونتي معظم وقتها لبذلها، جاهداً لإعطاء صورة عن تماسك للصيغة الحاكمة لم يعد أحد يقتنع بها أو يراهن عليها.
وإذا كان الوسط السياسي يفتقر إلى الموضوعية الكاملة في تحليله وتقديره للأزمة الحكومية والخلافات العميقة التي تعتمل في إطارها، فإن القراءة الموضوعية تأتي عادة من أسواق المال والدوائر الاقتصادية التي بدأت تتعامل مع إيطاليا بوصفها «الرجل المريض» الجديد في الاتحاد الأوروبي، وتحذّر من مغبّة الانهيار وعواقبه الوخيمة.
الأرقام الأخيرة أحدثت صدمة كبيرة في الأوساط المالية والاقتصادية الإيطالية: الدين العام ارتفع بمقدار 75 مليار دولار منذ مطلع الصيف الماضي، عندما تشكّلت الحكومة الائتلافية، وسندات الخزينة الإيطالية تعطي مردوداً أعلى من السندات اليونانية للمرة الأولى منذ 15 عاماً، نظراً لارتفاع مستوى المخاطر، ما يجعل من إيطاليا الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي ما زال معدّل النمو فيها دون كلفة الدين العام الذي اقترب من 2500 مليار دولار، حسب الأرقام الأخيرة.
التحذير الأقوى هذه المرة لم يأتِ من بروكسل، التي لا يكفّ الائتلاف الحاكم عن اتهامها بأنها سبب العلل الإيطالية، بل من حاكم المصرف المركزي الإيطالي الذي قال: «سنكون أفقر خارج الاتحاد الأوروبي، ومناصبة المؤسسات الأوروبية العداء والمواجهة الدائمة معها سبيل أكيد إلى المزيد من الفقر». وما هي إلا ساعات قليلة حتى كرّت وراء تحذيره تصريحات مشابهة على ألسنة القيادات المالية والاقتصادية التي طالبت معظمها بتغيير المسار الاقتصادي للحكومة، أو بالانتقال إلى صيغة حاكمة أخرى.
لكن يبدو، حتى الآن، أن صوت المعركة السياسية يعلو على صخب الاضطرابات الاقتصادية، لا بل إن الأحزاب السياسية الإيطالية، كعادتها، تحاول الاصطياد في مياه الأزمة الاجتماعية التي شكّلت في الأساس الرحم الذي تولّدت منه المعادلة السياسية الجديدة القائمة على الشعبويين واليمين المتطرف.
وزير الداخلية وزعيم «الرابطة» ماتّيو سالفيني، لا يبدو مستعجلاً لتجيير انتصاره في الانتخابات الأوروبية، ويفضّل استغلال الضغط المعنوي والنفسي الذي يشكّله هذا الانتصار على شريكه في الحكم لتنفيذ بنود برنامجه التي تحتاج إلى أغلبية برلمانية لا يملكها في الوقت الحاضر، ولا يضمن الحصول عليها في انتخابات عامة مسبقة رغم الصعود الكبير في شعبيته.
أما زعيم حركة «النجوم الخمس» لويجي دي مايو، الذي استعاد الثقة بتجديد قيادته بعد هزيمة الانتخابات الأوروبية، فقد انتقل للمرة الأولى إلى موقع التلميح بفرط الائتلاف الذي كان العنوان غير المعلن لسياسة سالفيني، الذي منذ تشكيل الحكومة يتصرّف وكأنه في حملة انتخابية مستمرة. ونُقِل عن دي مايّو أنه قال في اجتماع لقيادة الحركة، منذ أيام، «أعتقد أن فسخ الائتلاف مع سالفيني سيعود بالفائدة علينا في كل الأحوال».



باريس بعد تهديدات ترمب: سنرد إذا تعرضت مصالحنا التجارية للضرر

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
TT

باريس بعد تهديدات ترمب: سنرد إذا تعرضت مصالحنا التجارية للضرر

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)

حذّر وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، أمس (السبت)، من أنه «إذا تعرضت مصالحنا للضرر فسوف نرد»، في وقت ينذر فيه وصول دونالد ترمب إلى السلطة في الولايات المتحدة بعلاقات تجارية ودبلوماسية عاصفة بين واشنطن والاتحاد الأوروبي.

وقال بارو في مقابلة مع صحيفة «ويست فرنس»: «من لديه مصلحة في حرب تجارية بين الولايات المتحدة وأوروبا؟ الأميركيون لديهم عجز تجاري معنا، ولكن العكس تماماً من حيث الاستثمار. فكثير من المصالح والشركات الأميركية موجود في أوروبا».

وأضاف: «إذا رفعنا رسومنا الجمركية، فستكون المصالح الأميركية في أوروبا الخاسر الأكبر. والأمر نفسه ينطبق على الطبقات الوسطى الأميركية التي ستشهد تراجع قدرتها الشرائية».

ووفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، فقد حذر بارو قائلاً: «إذا تأثرت مصالحنا، فسوف نرد بإرادة من حديد».

وتابع: «يجب أن يدرك الجميع جيداً أن أوروبا قررت ضمان احترام العدالة في التبادلات التجارية. وإذا وجدنا ممارسات تعسفية أو غير عادلة، فسنرد عليها».

وقد هدد ترمب الذي يعود إلى البيت الأبيض، الاثنين، الأوروبيين بفرض رسوم جمركية شديدة جداً. وهو يتوقع خصوصاً أن يشتري الاتحاد الأوروبي مزيداً من النفط والغاز الأميركي ويقلل من فائضه التجاري مع الولايات المتحدة.