خلافات اللحظات الأخيرة لحكومة العبادي.. نزاع على «الخارجية» وخلاف حول «الدفاع»

برهم صالح مرشح نائبا لرئيس الوزراء * التيار الصدري طالب بتجريم حزب البعث والاستمرار في قرار حظره

خلافات اللحظات الأخيرة لحكومة العبادي.. نزاع على «الخارجية» وخلاف حول «الدفاع»
TT

خلافات اللحظات الأخيرة لحكومة العبادي.. نزاع على «الخارجية» وخلاف حول «الدفاع»

خلافات اللحظات الأخيرة لحكومة العبادي.. نزاع على «الخارجية» وخلاف حول «الدفاع»

في وقت أكدت فيه مصادر مطلعة داخل التحالف الوطني (الكتلة الشيعية الأكبر داخل البرلمان العراقي) أن رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي انتهى أمس من وضع اللمسات الأخيرة لتشكيلة وزارته، فإن الأنباء لا تزال متضاربة بشأن بعض الحقائب الوزارية لا سيما السيادية منها، وفي المقدمة منها وزارتا الخارجية والدفاع.
وفي هذا السياق، أبلغ مصدر مسؤول في التحالف الوطني، «الشرق الأوسط»، بأن «التشكيلة الوزارية ربما تكون اكتملت بنحو أكثر من 90 في المائة من حقائبها، ولكن بقيت خلافات اللحظات الأخيرة سواء بشأن بعض الوزارات أو الأشخاص ممن تم ترشيحهم لتولي هذه الوزارات». وأضاف أن «وزارة الخارجية لا تزال موضع جدل بين التحالفين الوطني والكردستاني، ففي الوقت الذي لا تزال فيه كتلة التحالف الكردستاني تريد الحصول على وزارة الخارجية كوزارة سيادية فإن التحالف الوطني يريدها هو الآخر، وقد رشح رئيس التحالف إبراهيم الجعفري لتوليها». وأوضح أن «هناك خلافا آخر بين التحالف الوطني واتحاد القوى السنية حول وزارة الدفاع، ففيما حصل اتحاد القوى على وزارة الداخلية وأبرز مرشحيها محافظ صلاح الدين السابق أحمد عبد الله الجبوري، فإن المرشح لوزارة الدفاع من قبل التحالف الوطني هو هادي العامري باعتبار أن الحقيبة من حصة (دولة القانون)، غير أن السنة أبدوا تحفظا على العامري».
في سياق ذلك، كشف عضو البرلمان العراقي عن كتلة التحالف الكردستاني الدكتور فرهاد حسن أسماء الوزراء الكرد المرشحين، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «من بين أهم الأسماء المرشحة لنيل حقائب وزارية من التحالف الكردستاني برهم صالح لنيل الخارجية أو المالية أو نائب رئيس الوزراء، وهوشيار زيباري وفيان دخيل المرشحة لوزارة الهجرة والمهجرين، وفرياد راوندوزي المرشح لوزارة حقوق الإنسان، وكذلك خسرو كوران وخالد شواني».
وفي سياق متصل، فإنه في الوقت الذي بات فيه من المؤكد اكتمال التشكيلة الحكومية، فإن أول انشقاق حصل في كتلة التحالف المدني الديمقراطي (4 مقاعد في البرلمان). ففيما أبلغ رئيس الكتلة مثال الآلوسي «الشرق الأوسط» بأن «كتلته قدمت أسماء مرشحيها لنيل الحقائب الوزارية التي تستحقها حسب استحقاقها الانتخابي»، فإن عضو البرلمان عن الكتلة فائق الشيخ علي أعلنه أن قرر أن يكون أول نائب معارض داخل البرلمان. وقال الشيخ علي في بيان له «إنني أعلن أمام العالم بشكل رسمي ومبكر عن حجز المقعد الأول كمعارض لحكومة العبادي في مجلس النواب».
وأضاف الشيخ علي أن الأسباب التي دفعته إلى اتخاذ دور المعارضة «التزامنا بتعهداتنا أمام جماهير شعبنا وناخبينا بأننا سنكون معارضة حقيقية في مجلس النواب، بعد أن تم اعتماد الحكومة المشكلة ذات النهج والأسلوب وفق منهج المحاصصة الطائفية والعرقية واحتساب النقاط في توزيع الحقائب الوزارية والمجيء بقيادات ملطخة أيديها بالمال العراقي الحرام». ولفت إلى أن «إقدام عدد من أعضاء التحالف المدني الديمقراطي على ترشيح أنفسهم لتسلم حقائب وزارية في الحكومة المقبلة، والتي لن يحصلون عليها، كان سببا أيضا من بين تلك الأسباب التي دفعته للمعارضة». لكن الآلوسي أكد أن «التحالف المدني الديمقراطي لن يشترك في حكومة على أساس المحاصصة الطائفية والعرقية»، مشيرا إلى أن «التحالف المدني يصر على بناء الدولة والفصل بين السلطات، لكننا مضطرون الآن للتعامل مع حكومة الوحدة الوطنية لتلافي أخطاء المرحلة الماضية».
من جهته، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الحكومة الجديدة إلى «عدم التنازل عن تجريم حزب البعث وقرار حظره»، فيما وصفه بـ«الإرهابي الطاغوتي الوقح». وقال مقتدى الصدر، ردا على سؤال من أحد أتباعه بشأن طرح فكرة عدم تجريم حزب البعث وعدم حظره كشرط لبعض القوى السياسية في مباحثات تشكيل الحكومة، إن «من ثوابتنا حظر وتجريم هذا الحزب الإرهابي الطاغوتي المجرم». ودعا الصدر الحكومة الجديدة إلى «العمل على ذلك وعدم التنازل عن هذه الثوابت التي سارت عليها».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.