فنان مصري يروّج لتراث العمارة الإسلامية بـ«قلم جاف»

يرسم من الواقع تفاصيل فنية دقيقة... ويحلم بالعالمية

طرز معمارية متميزة في القاهرة يجسّدها هشام مخلوف بالقلم الجاف  -  إبهار فني باستخدام القلم الجاف
طرز معمارية متميزة في القاهرة يجسّدها هشام مخلوف بالقلم الجاف - إبهار فني باستخدام القلم الجاف
TT

فنان مصري يروّج لتراث العمارة الإسلامية بـ«قلم جاف»

طرز معمارية متميزة في القاهرة يجسّدها هشام مخلوف بالقلم الجاف  -  إبهار فني باستخدام القلم الجاف
طرز معمارية متميزة في القاهرة يجسّدها هشام مخلوف بالقلم الجاف - إبهار فني باستخدام القلم الجاف

لم يدر بخلد الصّحافي المجري لاديسلاو جوزيف بيرو، وهو يسجّل اختراعه «القلم الجاف» في عام 1938. أن يتحوّل هذا القلم من مجرد أداة للكتابة إلى أداة للرّسم وإبداع لوحات تشكيلية.
ففي القاهرة، اختار التشكيلي هشام مخلوف التخصص في أسلوب الرّسم بالقلم الجاف، بعد أن وجد فيه منفذا للتّنفيس عن طاقاته الإبداعية، ومخرجاً يعبر به عن موهبته الفنية، التي ثقلها بالدراسة في كلية الفنون الجميلة وتخرّج منها عام 1994.
عن هذا الأسلوب الذي تخصص فيه؛ يقول مخلوف لـ«الشرق الأوسط»: «القلم الجاف له مميزات متعددة، فهو خامة جديدة فنيا، تعطي نوعا من الإبهار الفني، فالدّارسون للفنون يختلط عليهم ما يرونه أمامهم، والجمهور غير المتخصّص لا أحد يعي منهم ما هي الخامة المستخدمة، وهو ما يعني لي وجود حالة من الإبهار، وهذا في رأيي مهم للفنان، فعليه أن يقدّم خامة مختلفة وفكرة مبهرة غير متعارف عليها».
يهتم الفنان الأربعيني بالتراث في المقام الأول، مستلهماً جلّ إبداعاته وأفكاره من التراث الإسلامي والفرعوني، بما يزخران به من بُعد حضاري وإرث معماري متنوع، يتمثّل في المباني التراثية، وأماكن أثرية، تحتوي على تفاصيل فنية دقيقة.
ويعلّل ذلك بقوله: إنّ «التراث هو الهوية، وفي مصر لدينا مزيج من الحضارة الفرعونية والإسلامية، فلدينا موروث حضاري ضخم ومبانٍ ومنشآت معمارية تحمل عبق التاريخ، وأمام ذلك الزخم كانت الفرصة أمامي لأختار ثيمات ثراثية وإعادة تشكيلها بعد أن أطوعها للرّسم بالقلم الجاف، لأنتج من خلاله رؤية فنية معاصرة خاصة بي».
تتمثّل هذه الروية في المزج بين أربعة ألوان، الأحمر والأزرق والأخضر والأسود، يطوعها مخلوف في خطوط لوحاته وظلالها، بما يعطي «خلطة» لونية ذات بهجة، تتلازم في جميع إبداعاته، التي تحظى بإشادة من يراها في المعارض التشكيلية التي يشارك بها الفنان المصري.
يقول مخلوف: «هناك فنانون يستخدمون القلم الجاف في الرّسم على مستوى العالم العربي، وأيضا على مستوى العالم، لكن باستخدام لون واحد أو اثنين، لذا فهذا المزيج اللوني أعتبره سمة مميزة لأعمالي، ويلقى إشادة من الجمهور والنّقاد والفنانين، وهو ما يشجّعني للسّير في هذا الخط الفني». ويلفت إلى أنّه انفرد بإقامة معرض العام الماضي في دار الأوبرا المصرية ضمّ 48 لوحة، ليكون المعرض الأول على مستوى العالم الذي يضمّ رسومات بالقلم الجاف فقط، وذلك وفق شهادة أساتذة كليات الفنون الذين زاروا معرضه.
يعود فنان القلم الجاف إلى سنوات سابقة متحدّثا عن بداية علاقته مع أداته الفنية، قائلا: «في سنوات الدراسة كنّا نعتمد على التحبير بالقلم الرابيدو، ولكن مشاكله كانت كثيرة. ففكّرت الاستعانة بالقلم الجاف، وهو ما راقت لي نتائجه، فبدأت التوسع فيه، ومع أول ظهور لي بعد التخرج في معرض فني بمشاركة عدد من الأسماء التشكيلية البارزة، شاركت بلوحة بعنوان (روح مصر) مرسومة بالقلم الجاف، لتجد صدى إيجابيا بين كافة المشاركات، لأقرّر من وقتها أن أتخصّص في هذا الأسلوب».
قبل أيام قليلة، شارك مخلوف في الدورة الرابعة من معرض ومسابقة تراثي للفنون التشكيلية (2019) التي ينظّمها الجهاز القومي للتّنسيق الحضاري بين الفنانين التشكيليين من المحترفين والهواة، لاستلهام ما تمتلكه مصر من إرث معماري وتراثي في أعمال فنية.
ويتابع مخلوف: «شاركت بثلاث لوحات، مضمونها عن العمارة التقليدية التي تتّسم بالنّدرة والتفرد، وتعكس سمات حقب زمنية مختلفة، فالأولى تعبّر عن الطّرز المعمارية المتميزة في منطقة القاهرة الخديوية، والثانية لملامح العمارة الإسلامية في منطقة القاهرة الفاطمية، والثالثة لمبنى قديم كائن بحي الحلمية في القاهرة القديمة، وقد نالت هذه اللوحات إشادة من الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثّقافة المصرية، التي لفتت نظرها وتوقفت أمامها تتأملها».
يعتبر فنان القلم الجاف شهر رمضان فرصة للغوص في التراث وأيضا لكي يثبت قدراته، لذا فهو يتردّد خلاله بشكل مستمر على منطقتي الأزهر والحسين، وشارع المعز لدين الله، ليرسم من الواقع ما تحتويه تلك الأماكن من تفاصيل فنية دقيقة تعكس جماليات العمارة الإسلامية.
ويسرد موقفا حدث له شهر رمضان الحالي قائلا: «كنت أرسم أحد أسبلة الماء في شارع المعز، ومرّت بي مجموعة سيّاح أجانب لفتت لوحتي وأقلامي الجاف انتباههم، وانبهروا بها، ليتقدّم نحوي أحدهم ويخبرني أنّه إسباني من أصول مصرية ويعمل بفن الغرافيتي والرّسم على الجدران والفيلات والقصور في أوروبا، وطلب شراء اللوحة، فوافقت وتسلمها، وطلب أن يسوّق لي أعمالي أوروبيا، مؤكّداً لي أنّ التراث المصري والإسلامي له مذاق خاص عند كثير من الأجانب».
يختتم مخلوف حديثه: «تراثنا زاخر... وأعمالنا لا تقلّ عن أعمال الفنانين الأجانب... وأتمنى من الله أن أصل بهذا التراث وبأقلامي الجافة للعالمية».



المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف تُحسّن السيطرة على السكري

الدعم المُرتكز على التعاطف مع المريض يعادل تناول الدواء (جامعة تكساس)
الدعم المُرتكز على التعاطف مع المريض يعادل تناول الدواء (جامعة تكساس)
TT

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف تُحسّن السيطرة على السكري

الدعم المُرتكز على التعاطف مع المريض يعادل تناول الدواء (جامعة تكساس)
الدعم المُرتكز على التعاطف مع المريض يعادل تناول الدواء (جامعة تكساس)

أظهرت دراسة أجراها باحثون من كلية «ديل ميد» في «جامعة تكساس» الأميركية، بالتعاون مع دائرة «لون ستار» المجتمعية للرعاية الصحّية في الولايات المتحدة، أنّ المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف مع مرضى السكري من ذوي الدخل المنخفض، من أفراد مدرّبين على القيام بذلك، أدَّت إلى تحسينات كبيرة في قدرة هؤلاء الأشخاص على التحكُّم في نسبة السكر بالدم.

ويقول الباحثون إنّ لتقديم الدعم الحقيقي المُرتكز على التعاطف مع المريض تأثيراً في الصحة يعادل تناول الدواء، مفسّرين ذلك بأنّ المدخل العاطفي هو البوابة إلى تغييرات نمط الحياة التي تعمل على تحسين إدارة المرض؛ وهي المنطقة التي غالباً ما تفشل فيها الرعاية الصحّية التقليدية.

وتشير الدراسة التي نُشرت، الثلاثاء، في دورية «جاما نتورك أوبن»، إلى أنّ هذا النهج يمكن أن يوفّر نموذجاً بسيطاً وفعّالاً لجهة التكلفة لإدارة الحالات المزمنة، خصوصاً المرضى الذين لديهم وصول محدود إلى الخدمات الصحّية والعقلية والدعم التقليدية.

قال المؤلِّف الرئيس للدراسة، الأستاذ المُشارك في قسم صحّة السكان في «ديل ميد»، الدكتور مانيندر كاهلون: «يبدأ هذا النهج الاعتراف بالتحدّيات الحقيقية واليومية للعيش مع مرض السكري».

خلال التجربة السريرية التي استمرت 6 أشهر، قُسِّم 260 مريضاً مصاباً بالسكري بشكل عشوائي إلى مجموعتين: واحدة تتلقّى الرعاية القياسية فقط، والأخرى الرعاية القياسية والمكالمات المنتظمة التي تركز على الاستماع والتعاطف. أجرى أعضاء مدرَّبون هذه المكالمات لتقديم «الدعم الرحيم»؛ مما أتاح للمشاركين مشاركة تجاربهم وتحدّياتهم في العيش مع مرض السكري.

وأفادت النتائج بحدوث تحسُّن في السيطرة على نسبة السكر بالدم، إذ شهد المرضى الذين تلقّوا مكالمات قائمة على التعاطف انخفاضاً متوسّطاً في الهيموغلوبين السكري بنسبة 0.7 في المائة، مقارنةً بعدم حدوث تغيير كبير في المجموعة الضابطة.

كما أظهرت الدراسة حدوث تأثير أكبر للمرضى الذين يعانون أعراض اكتئاب خفيفة أو أكثر شدّة، مع تحسُّن في متوسّط ​​الهيموغلوبين السكري بنسبة 1.1 في المائة. وصنَّف جميع المشاركين تقريباً المكالمات على أنها مفيدة جداً.

من جهته، قال الرئيس التنفيذي لدائرة «لوني ستار» للرعاية الصحّية، جون كالفن: «في وقت يشكّل فيه نقص القوى العاملة تحدّياً لتقديم الرعاية الصحّية، تؤكد هذه الدراسة التأثير السريري العميق الذي يمكن أن يُحدثه الموظفون غير السريريين».

وأوضح: «من خلال توظيف أفراد مجتمعيين عاديين ولكن مدرَّبين، نثبت أنّ التعاطف والاتصال والمشاركة المُتعمدة يمكن أن تؤدّي إلى تحسينات صحّية قابلة للقياس»، مشدّداً على أنه «في عالم الطبّ سريع الخطى بشكل متزايد، الذي يعتمد على التكنولوجيا بشكل أساسي، يُذكرنا هذا العمل بأنّ الاتصال البشري يظلّ في قلب الرعاية الفعالة. لا يعزّز التعاطف مشاركة المريض فحسب، وإنما يُمكّن الأفراد من اتخاذ خطوات ذات مغزى نحو نتائج صحّية أفضل».

بالنظر إلى المستقبل، يأمل باحثو الدراسة في استكشاف التأثيرات طويلة المدى للدعم القائم على التعاطف على كلٍّ من السيطرة على مرض السكري والصحّة العقلية على نطاق أوسع. كما يخطّطون لتوسيع نطاق هذا النموذج، بهدف جعل الدعم الشامل والمتعاطف متاحاً بشكل أوسع لمَن هم في حاجة إليه.