الفلبين تُعيد سفينة شحن تحمل نفايات إلى كندا

مسؤولو الجمارك الفلبينية يتفقدون حاويات الشحن التي تحتوي على أطنان من القمامة (أرشيف - رويترز)
مسؤولو الجمارك الفلبينية يتفقدون حاويات الشحن التي تحتوي على أطنان من القمامة (أرشيف - رويترز)
TT

الفلبين تُعيد سفينة شحن تحمل نفايات إلى كندا

مسؤولو الجمارك الفلبينية يتفقدون حاويات الشحن التي تحتوي على أطنان من القمامة (أرشيف - رويترز)
مسؤولو الجمارك الفلبينية يتفقدون حاويات الشحن التي تحتوي على أطنان من القمامة (أرشيف - رويترز)

غادرت الفلبين، اليوم (الجمعة)، سفينة شحن تحمل نفايات تخلصت منها كندا في الفلبين، قبل أكثر من 5 سنوات، بعد أن تسبب ذلك في خلاف دبلوماسي.
وانطلقت السفينة «إم في بافاريا» التي ترفع علم ليبيريا، وهي سفينة خاصة استأجرتها حكومة مانيلا، من ميناء خليج سوبيك (82 كيلومتراً شمال مانيلا) إلى فانكوفر، وعلى متنها 69 حاوية نفايات.
وقالت ويلما إسيما، رئيسة هيئة «سوبيك باي متروبوليتان أوثوريتي»، إن السفينة ستستغرق أكثر من 20 يوماً للوصول إلى المدينة الكندية. وأضافت إسيما، في بيان: «أخيراً، تم سحب حاويات القمامة التي تم نقلها من كندا وتخزينها في خليج سوبيك فريبورت منذ عدة أعوام. هذه هي لحظة فخر لجميع الفلبينيين».
وتم شحن أكثر من 100 حاوية نفايات من كندا تضم نفايات منزلية وزجاجات وأكياس بلاستيكية وصحف وحفاضات مستعملة، إلى الفلبين بين عامي 2013 و2014.
وأصرت كندا حينها على أن التخلص من المخلفات لم يكن مدعوماً من قِبل حكومتها، وأنه كان معاملة تولاها القطاع الخاص.
وطلبت الحكومة الفلبينية مراراً من كندا استعادة النفايات، لكن لم يصدر أي قرار محدد عن أوتاوا.
وبسبب عدم اتخاذ إجراء، استدعت الحكومة الفلبينية في وقت سابق من الشهر الحالي سفيرها وقنصلها العام إلى كندا، وأصدرت تعليمات إلى رؤساء المكاتب الحكومية بالامتناع عن إصدار تصاريح سفر للرحلات الرسمية إلى الدولة الواقعة في أميركا الشمالية.
وأفاد وزير الخارجية الفلبيني تيودورو لوكسين جونيور، أن إعادة النفايات هي «نهاية الأمر»، مشيراً إلى أنه استدعى الدبلوماسيين لحجز رحلاتهم مجدداً إلى كندا. وتابع موجهاً كلماته إلى الدبلوماسيين الفلبينيين: «شكراً وعذراً على المتاعب التي مررتم بها من أجل توضيح موقفنا».
وأضاف، في تغريدة عبر «تويتر»: «هناك أكثر من النفايات بيننا... لا يمكنني أن أشكر كندا بما فيه الكفاية، لكنني لن أستعيد النفايات».
وأشاد المدافعون عن البيئة بإعادة النفايات إلى كندا، باعتبارها «رسالة قوية» إلى المجتمع الدولي، مفادها أن الفلبين ليست «مستودعاً لنفايات العالم».
وقالت منظمة «غرينبيس» إن مشكلة القمامة الكندية قد سلطت الضوء على كيفية استغلال الدول المتقدمة للوائح الوطنية الضعيفة والثغرات في القانون الدولي لإلقاء النفايات على عاتق الدول الفقيرة.
ودعت «غرينبيس» إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد شحنات النفايات، والتصديق على اتفاقية بازل الخاصة بالتحكم في نقل النفايات، لتوجيه رسالة قوية، مفادها أن الفلبين ليست أرضاً للنفايات.
إلى جانب كندا، قامت دول مثل كوريا الجنوبية وأستراليا وهونغ كونغ بشحن مخلفات إلى الفلبين، منذ أن أغلقت الصين أبوابها أمام استيراد المخلفات في عام 2018.



مخزون الصور العائلية يُلهم فناناً سودانياً في معرضه القاهري الجديد

صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
TT

مخزون الصور العائلية يُلهم فناناً سودانياً في معرضه القاهري الجديد

صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)

«زهوري اليانعة في داخل خميلة»... كلمات للشاعر الجاغريو، وهي نفسها الكلمات التي اختارها الفنان التشكيلي السوداني صلاح المر، لوصف السنوات التي قضاها في مصر، والأعمال الإبداعية التي قدّمها خلالها، وضمنها في البيان الخاص بأحدث معارضه بالقاهرة «احتفالية القرد والحمار».

تنقل المر خلال 15 عاماً قضاها في مصر ما بين حواري الحسين، ومقاهي وسط البلد، وحارات السبتية، ودروب الأحياء العتيقة، متأثراً بناسها وفنانيها، ومبدعي الحِرف اليدوية، وراقصي المولوية، وبائعي التحف، ونجوم السينما والمسرح؛ لتأتي لوحاته التي تضمنها المعرض سرداً بصرياً يعبّر عن ولعه بالبلد الذي احتضنه منذ توجهه إليه.

لوحة لرجل مصري مستلهمة من صورة فوتوغرافية قديمة (الشرق الأوسط)

يقول المر لـ«الشرق الأوسط»: «أعمال هذا المعرض هي تعبير صادق عن امتناني وشكري البالغين لمصر، ويوضح: «جاءت فكرة المعرض عندما وقعت عقد تعاون مع إحدى الغاليريهات المعروفة في الولايات المتحدة، وبموجب هذا العقد لن أتمكن من إقامة أي معارض في أي دول أخرى، ومنها مصر التي عشت فيها أجمل السنوات، أردت قبل بدء الموعد الرسمي لتفعيل هذا الاتفاق أن أقول لها شكراً وأعبّر عن تقديري لأصحاب صالات العرض الذين فتحوا أبوابهم لأعمالي، والنقاد الذين كتبوا عني، والمبدعين الذين تأثرت بهم وما زلت، وحتى للأشخاص العاديين الذين التقيت بهم مصادفة».

اللوحات تقدم مشاهد مصرية (الشرق الأوسط)

استلهم الفنان 25 لوحة بخامة ألوان الأكريلك والأعمال الورقية من مجموعة كبيرة من الصور الفوتوغرافية والـ«بوستال كارد» المصرية القديمة، التي تعكس بدورها روعة الحياة المصرية اليومية، ودفء المشاعر والترابط المجتمعي فيها وفق المر: «لدي نحو 5 آلاف صورة مصرية، جمعتها من (الاستوديوهات) وتجار الروبابكيا، ومتاجر الأنتيكات، ومنا استلهمت لوحاتي».

ويضيف: «مصر غنية جداً باستوديوهات التصوير منذ عشرات السنين، ولديها قدراً ضخماً من الصور النادرة المُلهمة، التي تحكي الكثير عن تاريخها الاجتماعي».

الفنان صلاح المر (الشرق الأوسط)

يستطيع زائر المعرض أن يتعرف على الصور الأصلية التي ألهمت الفنان في أعماله؛ حيث حرص المر على أن يضع بجوار اللوحات داخل القاعة الصور المرتبطة بها، ولكن لن يعثر المتلقي على التفاصيل نفسها، يقول: «لا أقدم نسخة منها ولا أحاكيها، إنما أرسم الحالة التي تضعني فيها الصورة، مجسداً انفعالي بها، وتأثري بها، عبر أسلوبي الخاص».

لوحة مأخوذة عن صورة لطفل مصري مع لعبة الحصان (الشرق الأوسط)

تأتي هذه الأعمال كجزء من مشروع فني كبير بدأه الفنان منذ سنوات طويلة، وهو المزج ما بين التجريد التصويري والموضوعات ذات الطابع العائلي، مع الاحتفاء بالجماليات الهندسية، والرموز التراثية، والاستلهام من الصور، ويعكس ذلك ولعه بهذا الفن، تأثراً بوالده الذي عشق الفوتوغرافيا في شبابه.

يقول: «بدأ تعلقي بالفوتوغرافيا حين عثرت ذات يوم على كنز من الصور في مجموعة صناديق كانت تحتفظ به الأسرة في مخزن داخل المنزل بالسودان، وكانت هذه الصور بعدسة والدي الذي انضم إلى جماعة التصوير بكلية الهندسة جامعة الخرطوم أثناء دراسته بها».

لوحة مستلهمة من صورة قديمة لعروسين (الشرق الأوسط)

هذا «الكنز» الذي عثر عليه المر شكّل جزءاً مهماً من ذاكرته البصرية ومؤثراً وملهماً حقيقياً في أعماله، والمدهش أنه قرر أن يبوح للمتلقي لأول مرة بذكرياته العزيزة في طفولته بالسودان، وأن يبرز دور والده في مشواره الفني عبر هذا المعرض؛ حيث يحتضن جدران الغاليري مجسماً ضخماً لـ«استوديو كمال»؛ وهو اسم محل التصوير الذي افتتحه والده في الستينات من القرن الماضي.

لوحة تعكس تفاصيل مصرية قديمة (الشرق الأوسط)

يقول: «أقنع والدي جدي، بإنشاء استوديو تصوير بمحل الحلاقة الخاص به في (سوق السجانة) بالخرطوم، وتم تجهيز الاستوديو مع غرفة مظلمة من الخشب للتحميض، وذلك في الجزء الخلفي من الدكان».

وجوه مصرية (الشرق الأوسط)

وداخل المجسم تدفع المقتنيات الخاصة المتلقي للتفاعل مع ذكريات المر، والمؤثر الفني الذي شكل أعماله؛ ما يجعله أكثر تواصلاً، وتأثراً بلوحات المعرض؛ فالمتلقي هنا يستكشف تفاصيل تجربة الوالد في التصوير، بل يمكنه التقاط صور لنفسه داخل محله القديم!

وأثناء ذلك أيضاً يتعرف على جانب من تاريخ الفوتوغرافيا، حيث المعدات، وهي عبارة عن الكاميرا YASHIKA التي تستخدم أفلام مقاس 621 وEnlarger والستارة التي تعمل كخلفية وأدوات أخرى للتحميض والطباعة، وتجفيف الفيلم والصور بواسطة مروحة طاولة، وقص الصور بمقص يدوي: «استمر العمل لمدة سنة تقريباً، وأغلق الاستوديو قبل أن أولد، لكن امتد تأثير هذه التجربة داخلي حتى اللحظة الراهنة».

مجسم لاستوديو والد الفنان في الغاليري (الشرق الأوسط)

«احتفالية القرد والحمار» هو اسم «بوستال كارد» عثر عليه الفنان لدى تاجر روبابكيا، ويجسد مشهداً كان موجوداً في الشارع المصري قديماً؛ حيث يقدم أحد الفنانين البسطاء عرضاً احتفالياً بطلاه هما القرد والحمار، ومنه استلهم الفنان إحدى لوحات معرضه، ويقول: «تأثرت للغاية بهذا الملصق؛ وجعلت اسمه عنواناً لمعرضي؛ لأنه يجمع ما بين ملامح الجمال الخفي في مصر ما بين الفن الفطري، والسعادة لأكثر الأسباب بساطة، وصخب المدن التي لا تنام».