قوى التغيير السودانية ترفض مقترح «العسكري» تقاسم السيادة

لوحت بإضراب سياسي وعصيان مدني مفتوح لتنفيذ مطالبها

محتجون من تحالف الحرية والتغيير يتظاهرون في أحد شوارع الخرطوم (رويترز)
محتجون من تحالف الحرية والتغيير يتظاهرون في أحد شوارع الخرطوم (رويترز)
TT

قوى التغيير السودانية ترفض مقترح «العسكري» تقاسم السيادة

محتجون من تحالف الحرية والتغيير يتظاهرون في أحد شوارع الخرطوم (رويترز)
محتجون من تحالف الحرية والتغيير يتظاهرون في أحد شوارع الخرطوم (رويترز)

عادت حركة السير تدريجياً إلى شوارع الخرطوم ومدن السودان المختلفة، بعد رفع إضراب عام شل الحياة لمدة يومين.
وعاد الموظفون والعاملون بالدولة والقطاع الخاص لممارسة عملهم المعتاد، فيما قدم المجلس العسكري الانتقالي مقترحاً جديداً لحل الخلاف بينه وقوى إعلان الحرية والتغيير لتقاسم السلطة في مجلس السيادة المقترح.
وقال عضو وفد قوى إعلان الحرية والتغيير المفاوض صديق يوسف في تصريحات، إن المجلس العسكري الانتقالي، وافق مبدئياً على مناصفة المجلس السيادي، مشترطاً أن تؤول له رئاسة المجلس طوال الفترة الانتقالية البالغة ثلاث سنوات. بيد أن يوسف أبلغ الصحافيين أن قيادة الحراك رفضت المقترح وتمسكت برئاسة مدنية للمجلس، وأضاف: «المجلس متمسك بالاستمرار في السلطة، ولا يرغب في التنازل عنها للمدنيين، كما ظل يدعي دائماً»، وتابع: «العسكري أجرى وساطات طوال اليومين الماضيين، لتوافق قوى الحرية والتغيير على مقترح تقاسم نسب المجلس السيادي».
بدورها كشفت قوى الحرية والتغيير عن نجاح الإضراب الذي نظمته يومي الثلاثاء والأربعاء حقق نسبة نجاح بلغت 90 في المائة، ولوحت بمواصلة التصعيد السلمي، للوصول للإضراب السياسي الشامل والعصيان المدني المفتوح، دون أن تحدد موعداً لتلك الخطوة. ومن جانبه، نفى القيادي بالحراك بابكر فيصل حدوث أي اتصالات على مستوى اللجان السياسية مع المجلس العسكري، وقال إن اللجان الفنية تواصل عملها في صياغة الاتفاقات التي تم التوصل إليها.
وقطع فيصل بأن تحالفه يرفض تلميحات المجلس العسكري باستعداده لإجراء انتخابات عامة خلال ثلاثة أشهر، مؤكداً صعوبة قيام انتخابات في الأوضاع التي تشهدها البلاد، وقال: «الانتخابات المبكرة إجهاض لمسيرة التفاوض، وما تم الاتفاق عليه بين الطرفين».
ووزعت قوى الحرية والتغيير جدول المقاومة الأسبوعي الذي درجت على نشره كل خميس منذ قبل سقوط نظام عمر البشير، حددت فيه مواعيد لمواكب تنطلق من الأحياء والمناطق إلى ساحات الاعتصام في العاصمة ومدن الولايات، فضلاً عن وقفات احتجاجية للقطاعات المهنية والفعاليات المختلفة لحشد التأييد للخطوة المقبلة.
وتعثرت المحادثات بين قادة المحتجين والمجلس العسكري الذي تولى الحكم بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير الشهر الماضي منذ الاثنين 20 مايو (أيار) إثر خلاف حول تشكيلة المجلس السيادي الذي سيدير شؤون البلاد. ويطالب تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، الذي يضم عددا من الجماعات الاحتجاجية والمعارضة، بمنح المدنيين رئاسة المجلس السيادي، الذي سيختص بالإشراف على مرحلة انتقالية للتحول الديمقراطي مدتها ثلاث سنوات. لكن الجماعة الرئيسية في التحالف، وهي تجمع المهنيين السودانيين، ترى أن الجيش لا يزال يصر على قيادة المرحلة الانتقالية وأن تكون الأغلبية للعسكريين داخل المجلس السيادي وكذلك الرئاسة. وقال التجمع في بيان سابق بأن «السلطة المدنية تعني أن تكون هياكلها مدنية بالكامل وبأغلبية مدنية في جميع مفاصلها».
من جهته، شدد الاتحاد الأوروبي على أهمية استكمال المفاوضات بين العسكري والحرية والتغيير بحسن نية وبدون أي تهديد، أو استخدام العنف للوصول إلى تسوية وانتقال السلطة لقيادة مدنية. وقال الاتحاد الأوروبي في بيان أمس إنه يتابع الأوضاع المتوترة في السودان بعد توقف المفاوضات السياسية بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، وأكد استعداده لتوفير الدعم السياسي والمادي للسودان حال انتقال السلطة للمدنيين، بقوله: «حال انتقال السلطة إلى المدنيين، فإن الاتحاد الأوروبي، جاهز لتوفير الدعم السياسي والمادي للسودان».
والتقت لجنة العلاقات الخارجية بتجمع المهنيين السودانيين أول من أمس، سفراء الاتحاد الأوروبي ودول الترويكا؛ وأكدت لهم موقف الحراك المتمسك بمجلس سيادي بطبيعة مدنية وعدم تنازلها عن هذا الطلب على الإطلاق.
وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج حثت الأسبوع الماضي، على التوصل سريعا إلى اتفاق بين المتظاهرين السودانيين والمجلس العسكري الحاكم حول الانتقال إلى حكم مدني في البلاد معتبرة أن عدم القيام بذلك سيجعل من الصعب عليها العمل مع السلطات الجديدة. وقالت الترويكا الغربية التي سبق أن قامت بوساطة في نزاعات السودان، في بيان «يحتاج السودان وعلى وجه السرعة إلى اتفاق بين الأطراف ينهي هذه الفترة من عدم اليقين وعدم الاستقرار وبناء توافق وطني في الآراء بشأن المستقبل». وأضافت في البيان الذي نشر على صفحة السفارة الأميركية في الخرطوم على «فيسبوك» أن «أي نتيجة لا تؤدي إلى تشكيل حكومة بقيادة مدنية وتضع سلطة الحكم الأساسية مع المدنيين، لن تستجيب لإرادة الشعب السوداني المعبر عنها بوضوح للانتقال إلى حكم مدني».
وأوضحت أن ذلك «سيؤدي هذا إلى تعقيد التعامل الدولي، وسيجعل من الصعب على بلداننا العمل مع السلطات الجديدة لدعم التنمية الاقتصادية في السودان». وتابعت الدول الثلاث «نحث الأطراف على استئناف المحادثات بسرعة والتوصل إلى اتفاق يعكس إرادة الشعب ويساعد في تسهيل الدعم الدولي».
وسبق أن دعت واشنطن باستمرار إلى حكم مدني في السودان منذ أن أطاح الجيش بالبشير في 11 أبريل (نيسان) بعد أشهر من مظاهرات عمت مختلف أنحاء البلاد طالبت بإنهاء حكمه.
بدوره، جدد الاتحاد الأفريقي في بيان صدر بعد يوم واحد من لقاء بين رئيس المجلس العسكري الانتقالي عبد الفتاح البرهان ومفوض السلم والأمن الأفريقي بأديس أبابا أول من أمس، رفضه التام لما أسماه في بيان «سياسة عدم التسامح مطلقاً مع جميع أشكال التغييرات الدستورية للحكومات، ولا سيما الانقلابات العسكرية».
وقام البرهان بعدة زيارات الأسبوع الماضي لدول الإقليم، شملت كلا من «مصر، دولة الإمارات العربية المتحدة، جنوب السودان، إثيوبيا»، قدم لقادتها شرحاً لتطور الأوضاع في السودان ومساعي إكمال عملية الانتقال في البلاد.
وأثناء ذلك التقى وفد من قيادات من الحركة الشعبية الشمال – جناح عقار المجلس العسكري الانتقالي أمس، وبحث معه استكمال الاتفاق بين العكسري وقوى الحرية والتغيير، بأسرع ما يمكن وإقامة حكومة مدنية ذات صلاحيات فعلية. وأكد اللقاء على تواصل الحوار بين الطرفين، وبحث قضايا الحرب والسلام باعتبارها جزءا لا يتجزأ من ترتيبات الفترة الانتقالية، وترأس وفد الحركة الشعبية نائب الرئيس ياسر سعيد عرمان، فيما ترأس جانب المجلس العسكري رئيس اللجنة السياسية المتحدث باسمه شمس الدين كباشي.
من جهة أخرى، دعت قوى سياسية للقاء مسيرة «مليونية» وتنظيم إفطار رمضاني وسط الخرطوم اليوم الجمعة، تطلق فيه «مبادرة» لتفويض المجلس العسكري الانتقالي تشكيل حكومة كفاءات، مع ضمان ألّا يقصى حزب أو تيار سياسي خلال الفترة الانتقالية حتى قيام الانتخابات. وتسعى القوى السياسية التي تناوئ قوى الثورة السودانية، وتقودها تيارات سلفية متشددة ورموز من الإسلاميين الموالين للنظام المعزول، لقطع الطريق أمام الاتفاق بين المجلس العسكري الانتقالي والقوى التي قادت الثورة، وتعمل تحت لافتة «تيار نصرة الشريعة ودولة القانون».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.