«حزب الله» يراقب بحذر الحراك الأميركي لإطلاق مفاوضات ترسيم حدود مع إسرائيل

خياراته في العرقلة ضيقة ما يدفعه للاحتماء بموقف الدولة اللبنانية

ساترفيلد مع الرئيس عون خلال وساطته المكوكية الاخيرة (دالاتي ونهرا)
ساترفيلد مع الرئيس عون خلال وساطته المكوكية الاخيرة (دالاتي ونهرا)
TT

«حزب الله» يراقب بحذر الحراك الأميركي لإطلاق مفاوضات ترسيم حدود مع إسرائيل

ساترفيلد مع الرئيس عون خلال وساطته المكوكية الاخيرة (دالاتي ونهرا)
ساترفيلد مع الرئيس عون خلال وساطته المكوكية الاخيرة (دالاتي ونهرا)

يراقب «حزب الله» اللبناني بحذر الحراك الأميركي الهادف للتوسط بين لبنان وإسرائيل لإطلاق مفاوضات ترسيم الحدود التي يقودها حاليا السفير دايفيد ساترفيلد.
ويبدو أن الحزب رضخ لقرار الحكومة السير بالوساطة الأميركية الجديدة رغم أنه كان وعلى الأرجح لا يزال، يتعاطى مع الطرف الأميركي بوصفه «وسيطا غير حيادي» في مفاوضات الترسيم، وهو ما أعلنه الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله بالفم الملآن العام الماضي حين قال إن «الأميركي هو محامي إسرائيل» في هذه المعركة، ناصحاً الدولة اللبنانية بألا تعوّل على وساطته. وكان لافتاً تعبير نصر الله بوضوح خلال إطلالته الأخيرة عن تراجعه عن موقفه المتقدم في الرفض، بقوله إن «المقاومة تدعم موقف الدولة وتقف خلفها».
ويصر الحزب على وجوب أن تتعاطى الدولة اللبنانية مع أي مفاوضات من موقع قوة ومن منطلق أنه «إذا كان الإسرائيليون يستطيعون أن يمنعوا لبنان من الحصول على النفط والغاز، فإن لبنان يستطيع أيضا أن يمنعهم من الحصول على هذه الثروات».
وبحسب مصادر في قوى 8 آذار مقربة من الحزب، فإن ما يتمسك به الحزب وأبلغه المفاوضون اللبنانيون للمبعوث الأميركي ديفيد ساترفيلد هو وجوب تلازم مساري ترسيم الحدود البرية والبحرية في آن، أضف إلى ذلك الرفض المطلق لكل الاقتراحات التي تتداولها مصادر ومرجعيات غربية آخرها تقول بتخلي لبنان عن 5 نقاط من أصل النقاط الـ13 البرية المتنازع عليها والتي يؤكد لبنان أنها خاضعة للسيادة اللبنانية، إلى جانب تخليه عن 160 كلم من أصل الـ860 كلم والتي يؤكد لبنان أنها جزء من مياهه الإقليمية. وتضيف المصادر أن «حزب الله يرفض بالمطلق أي اقتراحات تفضي للتخلي عن شبر من الحقوق اللبنانية سواء في البحر أو في البر، أضف إلى أنه لا يؤيد تحييد النقاش بملف مزارع شبعا وأن يكون دور الأمم المتحدة شكليا والدور الأميركي هو الفعلي في أي مفاوضات مرتقبة».
ويعتبر رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري - إنيغما» رياض قهوجي أن «لبنان اليوم أمام فرصة قد لا تتكرر لترسيم حدوده، وبالتالي أي طرف سيسعى لتخريب ما يحصل يعني أنه لا يريد المصلحة اللبنانية العليا»، لافتا إلى أن «لا جهة أخرى تستطيع أن تمون على إسرائيل في هذا الملف سوى الولايات المتحدة الأميركية وبالتالي طالما أن واشنطن مهتمة إلى هذا الحد وأرسلت شخصا بمستوى ساترفيلد ليقوم بالوساطة، فالخيار اللبناني السليم والحكيم هو تعامل كل الأطراف بإيجابية مع الموضوع». ويضيف قهوجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك بأن خيارات (حزب الله) في هذا الملف ضيقة، فحتى لو ضغط لرفض المفاوضات أو لتخريب الوساطة الأميركية، فإنه لا بديل آخر يقدمه خاصة أن لبنان لن يكون قادرا على الاستفادة من ثرواته من النفط والغاز الموجودة جنوب البلاد بغياب اتفاق دولي كبير حول الموضوع».
ويرى قهوجي أن السؤال الأساسي الذي يطرح نفسه في هذه المرحلة هو «ما إذا كانت طهران مستعدة للتخلي عن حالة التوتر الموجودة جنوب لبنان أو أنها ستبقى تستغلها لغايات جيوسياسية خاصة بها».
في المقابل، يتحدث الكاتب والمحلل السياسي، المتخصص في شؤون «حزب الله» قاسم قصير عن «موقف واضح أعلنه الحزب بملف ترسيم الحدود ويُختصر بأنه سيسير بما تقرره الدولة وبأي إجماع أو تفاهم وطني، فإذا كانت الدولة ترى أن مصلحتها بالترسيم في هذه المرحلة، فهو لن يمانع أي مفاوضات مع إسرائيل خاصة أنها مفاوضات غير مباشرة وتتم برعاية الأمم المتحدة، وهي على الأرجح ستكون شبيهة بتلك التي تحصل دوريا منذ عام 2006 في الناقورة عبر اللجنة الثلاثية في مقر اليونيفيل».
ويضيف قصير في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «الحزب لم يعلن عن أي خطوط حمراء سواء في المفاوضات الحاصلة مع الأميركيين حاليا أو في تلك المرتقبة مع إسرائيل، وهو يرفض حاليا ما ترفضه الدولة ويريد ما تريده لذلك يؤيد كما باقي الفرقاء الورقة التي قدمها رئيس الجمهورية بوقت سابق للسفيرة الأميركية في بيروت والتي تقوم على أساس التمسك بكامل الثروات اللبنانية في البحر وبكل شبر من أراضيه».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».