شرع محمد الفاضل محفوظ، الوزير المكلف بالعلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، في إحالة ملفات نحو 150 حزباً سياسياً تونسياً، من إجمالي 218 حزباً حاصلاً على الترخيص القانوني، على أنظار المكلّف العام بنزاعات الدولة، للنّظر في مخالفة قانون الأحزاب، على خلفية عدم تقديم موازناتها المالية السنوية وتسوية أوضاعها القانونية.
وتوقّع مراقبون أن تطلب الوزارة المذكورة حلّ كثير من تلك الأحزاب التي اتّخذها أصحابها واجهة للعمل السياسي الظرفي، من محطة انتخابية إلى أخرى، إذ إن نحو 50 حزباً سياسياً فقط حافظ على هيكلته وبرمج أنشطة سياسية فعلية خلال الفترة الماضية.
وتلقّت مجموعة هذه الأحزاب، التي يقدر عددها بـ150 حزباً سياسياً، تنبيهاً قانونياً في وقت سابق؛ لكن تخلّفت عن رفع تقاريرها المالية إلى رئاسة الحكومة، وفق ما ينصّ عليه قانون الأحزاب في تونس.
وتخشى السلطات من مخالفة تلك الأحزاب للوائح القانونية التي تجبرها على تقديم تقارير سنوية حول مصادر تمويلها، وكيفية إنفاقها لتلك الأموال. ويخوّل الفصل 28 من قانون الأحزاب للسلطات التونسية تعليق نشاط الأحزاب المخالفة في مرحلة أولى، والمرور إلى حلّها بشكل نهائي في حال عدم امتثالها للقانون.
وفي هذا الشأن، قال جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي، لـ«الشرق الأوسط»، إن الساحة التونسية عرفت حالة «تضخم» حزبي؛ بحيث إن عدد الأحزاب مقدر بـ218 حزباً سياسياً في بلد لا يزيد سكانه عن 12 مليون ساكن. والغريب، وفق العرفاوي، أن معظم تلك الأحزاب لا تنشط طوال السنة، فهي في «سبات» متواصل، ولا تتحرك إلا قبل فترة قليلة من تاريخ الانتخابات، في محاولة من «زعماء» تلك الأحزاب للحصول على «غنائم» محتملة، على حد تعبيره. وفي حال تطبيق قانون الأحزاب بصرامة، فإن أكثر من ثلاثة أرباع هذه الأحزاب لن يوجد له مكان على خريطة المشهد السياسي التونسي.
في السياق ذاته، كان شوقي الطبيب، رئيس الهيئة الوطنية التونسية لمكافحة الفساد (هيئة عمومية مستقلة)، قد أكّد في تصريح إعلامي، أن أكثر من 70 في المائة من الأحزاب السياسية التي راسلتها الهيئة على العناوين الرسمية المودعة لدى مصالح رئاسة الحكومة، بغرض الإدلاء بمكاسب قياداتها ومسيريها، لم تعد في العناوين نفسها. وأضحت مقراتها «غير معلومة»، وهو ما يطرح فرضيتين: إما أن هذه الأحزاب توقفت عن نشاطها السياسي، وهو ما يفرض إلغاء تصريحها القانوني، بحجة عدم وجود مقرات أو ممارسة أي أنشطة سياسية أو اجتماعية، وإما أنها غيّرت عناوينها للتهرب من التصريح بمكاسب مُسيّريها وأعضاء مكاتبها السياسية والتنفيذية، وهو ما يفرض في هذه الحالة تنفيذ القانون ضدهم، على حد قوله. على صعيد آخر، قال الحبيب خضر، القيادي في «حركة النهضة»، الحزب الإسلامي المشارك في الائتلاف الحاكم، إن منظومة الحكم في تونس فشلت في تفعيل الآليات المتعلقة بمراقبة الجمعيات، وأكد أنه يناصر فكرة الإسراع للتوافق حول قانون يضع حداً للجمعيات التي تحولّت فجأة إلى العمل السياسي، على حد تعبيره.
وأوضح خضر في تصريح إعلامي إثر إعلان نبيل القروي، مدير قناة «نسمة» الخاصة الترشح للانتخابات الرئاسية التي تجري في تونس يوم 17 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، أن العمل المدني التطوعي مغاير للعمل السياسي، وأنه من غير المقبول أخلاقياً أن يتحوّل فجأة النشاط المدني والجمعياتي إلى نشاط سياسي وينافس بقية الأحزاب.
وأشار خضر إلى وجود ثغرة قانونية وجبت معالجتها خلال الفترة التي تسبق الانتخابات التونسية.
تونس تنظر في تعليق نشاط 150 حزباً سياسياً
تونس تنظر في تعليق نشاط 150 حزباً سياسياً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة