تركيا تكرر سيناريو القس وتفرج عن باحث أميركي اتُّهم بصلته بغولن

إردوغان بحث مع ترمب أزمة «إس 400» واتفقا على اللقاء في اليابان

TT

تركيا تكرر سيناريو القس وتفرج عن باحث أميركي اتُّهم بصلته بغولن

في مسعى جديد لنزع أحد أسباب التوتر مع الولايات المتحدة أفرجت تركيا عن الباحث في وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) سركان غولغي الذي يحمل الجنسيتين التركية والأميركية، بعدما أدى اعتقاله لنحو 3 سنوات بتهمة الارتباط بحركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة انقلاب فاشلة وقعت في 15 يوليو (تموز) 2016، إلى توتر العلاقات بين البلدين. وعقب اتصال هاتفي بين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ونظيره الأميركي دونالد ترمب، ليل الأربعاء - الخميس، تم إطلاق سراح غولغي، في سيناريو شبيه بالإفراج عن القس الأميركي أندرو برانسون في 12 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بعد خضوعه للمحاكمة بتهم مماثلة بدعم الإرهاب والارتباط بحركة غولن، وأُفرج عنه وسُمح له بالعودة إلى بلاده بعد ضغوط شديدة من الرئيس دونالد ترمب وصلت إلى فرض عقوبات تجارية على تركيا في منتصف أغسطس (آب) 2018 تسببت في انهيار الليرة التركية، وذلك بعد أن تعهد إردوغان بأنه لن يتم الإفراج عنه مهما حدث.
ورأى مراقبون أن تركيا أرادت بالإفراج عن غولغي، الذي طالبت واشنطن أكثر من مرة بإطلاق سراحه، توجيه رسالة برغبتها في تهدئة التوتر مع الولايات المتحدة، وإظهار المرونة معها من أجل دفعها للتعامل بالمثل في عدد من الملفات العالقة بينهما، في ظل الموقف الأميركي المتشدد بشأن صفقة صواريخ «إس 400» الروسية التي أبرمتها تركيا مع روسيا وتلوّح واشنطن بعقوبات قاسية على أنقرة حال المضي في إتمامها.
ورحبت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية مورغان أوتيغوس بالإفراج عن غولغي، قائلة: «سنواصل متابعة حالة غولغي من كثب وكذلك حالات موظفينا في تركيا»، داعية أنقرة إلى السماح للباحث «بالعودة إلى بلاده في أسرع وقت». وكان قد حُكم على غولغي في فبراير (شباط) 2018 بالسجن 7 سنوات ونصف بعد إدانته بدعم منظمة إرهابية، في إشارة إلى حركة غولن. وتحاكم تركيا أيضاً متين طوبوز الموظف المحلي في القنصلية الأميركية في إسطنبول بالتهمة نفسها إلى جانب اتهامه بالتجسس.
في السياق ذاته، طالبت لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، تركيا بالإفراج عن شخصين احتجزتهما للاشتباه بأنهما على صلة بحركة غولن وتعويضهما عن الاعتقال التعسفي. وأمهلت الحكومة التركية 180 يوماً لإبلاغها بتفاصيل الإجراءات التي اتخذتها لتصحيح الوضع وتطبيق قرارها. وذكرت اللجنة، في تقرير جاء رداً على شكوى تقدم بها الضحيتان الأكاديمي عصمت أوزتشيليك والمدير المدرسي تورجاي كارامان، أن رجلين تركيين يعيشان في ماليزيا تم اعتقالهما بشكل تعسفي وسلبهما حق المحاكمة العادلة بعد أن تم تسليمهما لتركيا واحتجازهما بمنأى عن العالم.
في الوقت ذاته، أصدر القضاء التركي أمس، حكمه على 74 طياراً تركياً بدعوى قصفهم مقر المخابرات التركية وقسماً للشرطة والقصر الجمهوري في أنقرة خلال المحاولة الانقلابية.
وفي ملف صفقة «إس 400» الذي ناقشه إردوغان مع ترمب، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية مورغان أورتاغوس، إن تركيا ستواجه عواقب خطيرة، إذا استكملت الصفقة مع روسيا. مضيفة أن شراء تركيا للمنظومة الروسية سيخلّ بنظام حلف شمال الأطلسي (ناتو) وستلحق المنظومة الروسية الضرر بأنظمة مقاتلات «إف 35» الهجومية الأميركية، وأنه من غير الممكن أن تجتمع المنظومة الروسية والمقاتلات الأميركية في دولة واحدة.
كما وجّهت شركة «لوكهيد مارتن» الأميركية المصنِّعة لمقاتلات «إف 35» تحذيراً جديداً إلى تركيا، مشيرةً إلى أنها ستبيع المقاتلات المخصصة لتركيا لدولة أخرى.
وتشارك تركيا ضمن 14 دولة، في مشروع إنتاج المقاتلة الأميركية، التي يطلق عليها «المقاتلة المشتركة»، ومن المفترض أن تحصل على 100 طائرة، على مراحل. وتلوح واشنطن بوقف إمداد تركيا، حليفها في الناتو، بمقاتلات «إف 35» إذا لم توقف صفقة الصواريخ الروسية، وتقول إن شراء تركيا للصواريخ الروسية يمثل خطورة كبيرة على المقاتلات الأميركية، إذا حصلت تركيا على كليهما.
لكن السفير التركي لدى الولايات المتحدة، سردار كيليج، قال أمس، متحدثاً في نادي الصحافة الوطني بواشنطن، «(إس 400) و(إف 35) سيتم نشرهما في منطقتين محددتين في تركيا»، مشيراً إلى أن «إف 35» لن تًنشر في مناطق عمل منظومة «إس 400».
ولفت إلى أن طائرات «إف 35» المملوكة لإسرائيل تحلّق فوق مناطق في سوريا تغطيها أنظمة دفاع جوي روسية من طراز «إس 400»، لكنّ هذا لا يسبب مشكلة للولايات المتحدة، قائلاً: «لكن عندما يتعلق الأمر بتركيا التي تحاول نشر أنظمة دفاع جوي للدفاع وليست للهجوم، تنشأ المشكلات». وأكد أيضاً أن الجيش التركي وحده سيشغل أنظمة الدفاع الجوي.
على صعيد آخر، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن بلاده تحافظ على التزاماتها بالحصول على عضوية كاملة في الاتحاد الأوروبي على الرغم من أن الاتحاد لم يفِ بوعوده.
جاء ذلك في تعليق لإردوغان أمس (الخميس)، خلال كلمة أمام اجتماع في أنقرة، على الانتقادات الحادة التي حفل بها تقرير المفوضية الأوروبية حول تقييم التقدم في المفاوضات بين تركيا والاتحاد، الذي أعلن في بروكسل أول من أمس، بشأن قضايا حقوق الإنسان وسياسات الحكومة واستقلالية القضاء والاقتصاد.
وفي الملف ذاته، دعت المفوضية الأوروبية، تركيا إلى الامتناع عن الأعمال غير القانونية في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص (التنقيب عن النفط والغاز قبالة سواحل قبرص في شرق البحر المتوسط)، وشددت على أهمية تعاون أنقرة من أجل حل القضية القبرصية، وجددت تضامنها الكامل مع جمهورية قبرص. ولم تتطرق المفوضية، في تقريرها، إلى فتح فصول تفاوض جديدة أو تحديث اتفاق الاتحاد الجمركي، ودعت تركيا إلى الوفاء بالتزاماتها في تطبيع العلاقات مع جمهورية قبرص.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».