غناء بروح الجنوب في معرض «أهازيج نوبية»

عبر لوحات ومنحوتات فنية

TT

غناء بروح الجنوب في معرض «أهازيج نوبية»

في مشاهد تتّسع لفلكلور وفنون النوبة الشعبية، يستضيف غاليري «خان المغربي» في القاهرة معرضاً فنياً بعنوان: «أهازيج نوبية»، عبر لوحات تشكيلية وأعمال نحتية تحاكي هذا العالم الخاص.
ويسعى المعرض من خلال اختياراته الفنّية إلى منح صيغة غنائية على طريقة الأهازيج الشعبية لعالم النوبة العامر بالفنون والتقاليد، وذلك من خلال أعمال ثلاثة فنانين مصريين هم: أحمد سليم، وإيهاب لطفي، وإسلام عبادة.
في تكوينات فنّية تستلهم نهر النيل، وأشرعة مراكبه، والزّي التقليدي للنوبيين، يُضيئ الفنان المصري إيهاب لطفي بتشكيله على عالم النوبة من منظوره الخاص، ويقول لـ«الشرق الأوسط»، إنّ اهتمامه بعالم النوبة بدأ قبل نحو 10 سنوات، في إطار شغفه بتأصيل التراث المصري القديم: «أبحث عن الأصالة، وبدأت رحلتي في هذا البحث من الجنوب، حيث لا يزال الحرص على العادات والتقاليد أصيلاً في النوبة، علاوة على الألفة التي تسودها».
ويضيف لطفي: «أتناول موضوعاتي فنياً بخطوط بسيطة متأثراً بروح الجنوب، ولا أرصد مشاهد مباشرة، خصوصاً أن النوبة اليوم أطلال، لذلك؛ فأنا أستند إلى التخيل والذّاكرة، وهذه تقنيتي في العمل أكثر من الرصد المباشر».
ويهتم الفنان إيهاب لطفي بالمواصفات المحلية النابعة من الحضارة الفرعونية بأسلوب يتّسق مع فكر الفن المعاصر، فيما يعدّ الفنان أحمد سليم، المدرس في قسم التصوير بكلية الفنون الجميلة بجامعة المنيا، أحد المهتمين بتأصيل التراث الجنوبي المصري من خلال أعماله على مدار سنوات، وفي هذا المعرض مرّ على أبرز الطقوس النوبية من خلال بورتريهات تعتني بالتفاصيل المحيطة بالوجوه النوبية، كالأزياء التقليدية لكل من الرجال والنساء، والبيوت البسيطة، وآنية الماء المصنوعة من الفخار، والدِّكَك الخشبية التي تتّسع لها ساحات البيوت في الهواء الطّلق.
يرصد سليم بلغته البصرية الخصبة حالة الحركة العفوية التي تتحلّق حول الطّقوس التقليدية مثل التحطيب؛ أحد أشهر الفنون الشّعبية في النّوبة والصّعيد، وهو الطقس الذي عبّر بخطوطه عن ارتباطه بالمنافسة الحامية، وقدرته على جمع الناس من حوله في حماس وتأهب، مُستمداً من الواقع ألوانه الترابية المُشتقة من ألوان الشّمس الحارقة التي تصبغ الجنوب. تظهر في اللوحات أيضاً طقوس احتفالية، كتقليد ليلة الحنة للعروسين، الذي يكون مصحوباً عادة بأنغام الأهازيج وإيقاعات الدفوف.
وإلى جوار المناسبات والطقوس الاحتفالية، ثمة حضور رومانتيكي في المعرض لثيمات الأمومة، والطّفولة، والطبيعة النقية التي تبتعد عن الصّخب. وقدّم الفنان إسلام عبادة، الدكتور في كلية الفنون والتصميم بالجامعة الأردنية، من وحي الطبيعة، أعمالاً تُشارك في الدراما النوبية بوسيط فني مختلف، وهو النّحت؛ ومنه أعمال تُحاكي الخيل ودينامية حركتها، في انتصار للحرية التي ينطلق بها خالقاً أنشودته الخاصة، التي تتماهى مع أهازيج المعرض النوبية.
يذكر أنّ الفنان إسلام عبادة، المولود في القاهرة عام 1977، خريج كلية الفنون الجميلة في القاهرة، ويعمل مدرساً في قسم النّحت بكلية الفنون الجميلة، في الزّمالك التابعة لجامعة حلوان، وشارك في كثير من المعارض الجماعية المحلية والدّولية بألمانيا والأردن. وله مقتنيات لدى بعض الأفراد في مصر والخارج، ومقتنيات رسمية في «متحف أسوان المفتوح»، و«متحف الطفل» في القاهرة.



رحيل الإعلامية ليلى رستم يذكّر ببدايات التلفزيون المصري

الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
TT

رحيل الإعلامية ليلى رستم يذكّر ببدايات التلفزيون المصري

الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)

رحلت الإعلامية المصرية ليلى رستم، الخميس، عن عمر يناهز 88 عاماً، بعد تاريخ حافل في المجال الإعلامي، يذكّر ببدايات التلفزيون المصري في ستينات القرن العشرين، وكانت من أوائل المذيعات به، وقدمت برامج استضافت خلالها رموز المجتمع ومشاهيره، خصوصاً في برنامجها «نجمك المفضل».

ونعت الهيئة الوطنية للإعلام، برئاسة الكاتب أحمد المسلماني، الإعلامية القديرة ليلى رستم، وذكرت في بيان أن الراحلة «من الرعيل الأول للإعلاميين الذين قدموا إعلاماً مهنياً صادقاً متميزاً وأسهموا في تشكيل ثقافة ووعي المشاهد المصري والعربي، حيث قدمت عدداً من البرامج التي حظيت بمشاهدة عالية وشهرة واسعة».

والتحقت ليلى بالتلفزيون المصري في بداياته عام 1960، وهي ابنة المهندس عبد الحميد بك رستم، شقيق الفنان زكي رستم، وعملت مذيعةَ ربط، كما قدمت النشرة الفرنسية وعدداً من البرامج المهمة على مدى مشوارها الإعلامي، وفق بيان الهيئة.

ليلى رستم اشتهرت بمحاورة نجوم الفن والثقافة عبر برامجها (ماسبيرو زمان)

وتصدر خبر رحيل الإعلامية المصرية «التريند» على منصتي «غوغل» و«إكس» بمصر، الخميس، ونعاها عدد من الشخصيات العامة، والعاملين بمجال الإعلام والسينما والفن، من بينهم الإعلامي اللبناني نيشان الذي وصفها على صفحته بمنصة «إكس» بأنها «كسرت طوق الكلاسيكية في الحوار ورفعت سقف الاحترام والمهنية».

كما نعاها المخرج المصري مجدي أحمد علي، وكتب على صفحته بموقع «فيسبوك» أن المذيعة الراحلة «أهم مذيعة رأتها مصر في زمن الرواد... ثقافة ورقة وحضوراً يفوق أحياناً حضور ضيوفها».

واشتهرت ليلى رستم بلقب «صائدة المشاهير»؛ نظراً لإجرائها مقابلات مع كبار الشخصيات المؤثرة في مصر والعالم؛ مما جعلها واحدة من أعلام الإعلام العربي في تلك الحقبة، وقدّمت 3 من أبرز برامج التلفزيون المصري، وهي «الغرفة المضيئة»، «عشرين سؤال»، و«نجمك المفضل»، بالإضافة إلى نشرات إخبارية ضمن برنامج «نافذة على العالم»، وفق نعي لها نشره الناقد الفني المصري محمد رفعت على «فيسبوك».

الإعلامية المصرية الراحلة ليلى رستم (إكس)

ونعاها الناقد الفني المصري طارق الشناوي وكتب عبر صفحته بـ«فيسبوك»: «ودّعتنا الإعلامية القديرة ليلى رستم، كانت أستاذة لا مثيل لها في حضورها وثقافتها وشياكتها، جمعت بين جمال العقل وجمال الملامح»، معرباً عن تمنيه أن تقدم المهرجانات التلفزيونية جائزة تحمل اسمها.

ويُعدّ برنامج «نجمك المفضل» من أشهر أعمال الإعلامية الراحلة، حيث استضافت خلاله أكثر من 150 شخصية من كبار الأدباء والكتاب والصحفيين والفنانين، من بينهم طه حسين، وعبد الحليم حافظ، وأحمد رمزي، وفاتن حمامة وتوفيق الحكيم، كما أجرت مقابلة شهيرة مع الملاكم الأميركي محمد علي كلاي.

وأبرزت بعض التعليقات على «السوشيال ميديا» حوار الإعلامية الراحلة مع كلاي.

وعدّ رئيس تحرير موقع «إعلام دوت كوم» محمد عبد الرحمن، رحيل ليلى رستم «خسارة كبيرة» وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الإعلامية الراحلة كانت تنتمي إلى جيل المؤسسين للتلفزيون المصري، وهو الجيل الذي لم يكن يحتاج إلى إعداد أو دعم، لكن دائماً ما كان قادراً على محاورة العلماء والمفكرين والفنانين بجدارة واقتدار»، موضحاً أن «القيمة الكبيرة التي يمثلها هذا الجيل هي ما جعلت برامجهم تعيش حتى الآن ويعاد بثها على قنوات مثل (ماسبيرو زمان) ومنصة (يوتيوب) وغيرهما، فقد كانت الإعلامية الراحلة تدير حواراً راقياً يحصل خلاله الضيف على فرصته كاملة، ويبرز الحوار حجم الثقافة والرقي للمذيعين في هذه الفترة».

بدأ أول بث للتلفزيون المصري في 21 يوليو (تموز) عام 1960، وهو الأول في أفريقيا والشرق الأوسط، واحتفل بعدها بيومين بعيد «ثورة 23 يوليو»، وبدأ بقناة واحدة، ثم قناتين، ثم قنوات متعددة تلبي احتياجات شرائح مختلفة من المجتمع، ومع الوقت تطور التلفزيون المصري ليصبح قوة للترفيه والمعلومات، وفق الهيئة العامة للاستعلامات.

وشهدت بدايات التلفزيون ظهور إعلاميين مثَّلوا علامة بارزة فيما بعد في العمل التلفزيوني مثل أماني ناشد، وسلوى حجازي، وصلاح زكي وأحمد سمير، وكانت ليلى رستم آخر من تبقى من جيل الروَّاد المؤسسين.