لبنان يوقف أمين بغداد السابق على الحدود مع سوريا

متهم بالفساد خلال فترة توليه المنصب بين 2013 و2015

نعيم عبعوب
نعيم عبعوب
TT

لبنان يوقف أمين بغداد السابق على الحدود مع سوريا

نعيم عبعوب
نعيم عبعوب

ألقت الشرطة الدولية على الحدود بين سوريا ولبنان، أول من أمس، القبض على أمين العاصمة بغداد السابق نعيم عبعوب على خلفية تهم فساد وإهدار للمال العام خلال فترة توليه المنصب من عام 2013 وحتى عام 2015. وتأتي عملية إلقاء القبض الصادرة بناء على مذكرة قبض من السلطات العراقية، بعد أيام قليلة من عملية مماثلة طالت محافظ كركوك السابق نجم الدين كريم على الخلفية نفسها. وسبق أن ألقي القبض بالطريق نفسها على وزير التجارة السابق القيادي في حزب «الدعوة - تنظيم العراق» عبد الفلاح السوداني.
وتفيد الأنباء بأن عملية القبض تمت عند نقطة حدودية بين لبنان وسوريا، أثناء توجه الأمين السابق للعاصمة من لبنان لزيارة العتبات الدينية في سوريا. بناءً على مذكرة قبض من بغداد فعّلتها شرطة الإنتربول الدولية. ويتندر عراقيون وناشطون في مواقع التواصل المختلفة هذه الأيام بمسألة أن لبنان صارت «مصيدة» للمتهمين والمدانين بقضايا فساد وسوء إدارة من كبار المسؤولين وصغارهم.
بدورها، أكدت دائرة الاسترداد في هيئة النزاهة المستقلة، أمس، عملية إلقاء القبض على الأمين السابق نعيم عبعوب. وأشارت الدائرة في بيان إلى أنها «تعمل وبشكل حثيث، على استرداد المدان الهارب نعيم عبعوب مساعد أمين بغداد السابق، وأنها بصدد تسليم ملف استرداده إلى السلطات السورية».
وذكرت في معرض حديثها عن تفاصيل إجراءاتها المتخذة بصدد استرداد المدان، أنها تعمل على «إكمال ملف استرداد المدان وتسليمه إلى السفارة العراقية في دمشق؛ بغية تقديمه إلى السلطات المختصة»، مؤكدة «تحركها فور تلقيها معلومات تـفيد بتوقيف المدان على أراضي الجمهورية العربية السورية؛ تنفيذا لإذاعة البحث الصادرة بحقه التي سبق تنظيمها بالتعاون والتنسيق بينها وبين الادعاء العام ومديرية الشرطة العربية الدولية».
وبين بيان النزاهة أن «أمين بغداد السابق، مدان بقضية فساد تتعلق بإضراره العمدي بالأموال العامة في مشروع تطوير قناة الجيش، ومحكوم عليه بالسجن مدة سبع سنوات، استنادا إلى أحكام المادة (340) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل».
ونوه إلى «الدور الإيجابي والسريع للجهات العراقية المعنية بموضوع استرداد المدانين الهاربين خارج العراق بقضايا فساد؛ لتنفيذ القرارات الصادرة بحقهم من القضاء العراقي»، متطلعة إلى «المزيد من العطاء لمكافحة آفة الفساد التي تتطلب تضافر الجهود؛ لتحقيق هذه الغاية».
كانت محكمة الجنايات المختصة بقضايا النزاهة في بغداد، قضت في يناير (كانون الثاني) 2019 بالحكم غيابياً لمدة 7 سنوات بحق أمين بغداد السابق ومدير عام دائرة المتنزهات، نتيجة تسببهما في هدر نحو 15 مليار دينار عراقي (نحو 12 مليون دولار أميركي). خلال التعاقد على تطوير متنزه قناة الجيش عبر التعاقد مع شركة مصرية وأخرى محليَّة.
بدوره، يؤكد الخبير القانوني طارق حرب، أن أغلب عمليات إلقاء القبض التي تتم في لبنان ودول عربية أخرى، تعود إلى أن تلك «الشخصيات ليس لديها استثمارات مالية في تلك الدول وليس لوجود اتفاقات لتبادل المطلوبين مع العراق».
ويقول حرب لـ«الشرق الأوسط» إن «الأردن قامت بتسليم شخص واحد فقط هو المستشار السابق في وزارة الدفاع زياد قطان، مع أن عددا غير قليل من الفاسدين يقيم في المملكة لكنها لن تسلمهم بسبب الاستثمارات الكبيرة التي يعملون بها هناك، وكذلك الأمر مع لبنان وسوريا وبقية الدول».
ويضيف أن «العراق لديه اتفاقيات مع بعض الدول العربية بشأن تسليم المطلوبين من فاسدين وغيرهم، لكن أغلب تلك الدول لن تستجيب للمطالبات العراقية؟، في حال وجدت تلك الدول أن لدى المطلوب سلسلة واسعة من المصالح والاستثمارات».
ويرى حرب أن «أي دولة بإمكانها أن تقدم شتى الذرائع لعدم تسليم المطلوب إلى العراق أو غيره، ويبدو أن من حسن حظنا أن بعض المطلوبين ليس لديهم أي استثمارات أو مصالح مالية في لبنان وغيره لذلك نجد أنهم يسلمون إلى العراق».
وتعد أمانة بغداد من أكبر وأضخم المؤسسات الخدمية في عموم البلاد وترصد لها سنويا أموال طائلة لتغطية الخدمات البلدية المتمثلة في إمدادات مياه الشرب وشبكات المجاري والصرف الصحي وإصلاح الشوارع في مراكز العاصمة بغداد التي يسكنها نحو 8 ملايين مواطن.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.