رئيس «الموساد» السابق يحذر من ضم المستوطنات

TT

رئيس «الموساد» السابق يحذر من ضم المستوطنات

عشية الزيارة التي سيقوم بها مستشار الرئيس الأميركي وصهره، جاريد كوشنير، إلى تل أبيب، وعلى إثر الضغوط التي يمارسها قادة المستوطنات والأحزاب اليمينية الحاكمة على الإدارة الأميركية لمنح الشرعية للمستوطنات والاعتراف بضمها لإسرائيل، خرج الرئيس السابق لجهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلية (الموساد)، تمير باردو، بتحذير شديد اللهجة رفض فيه هذا الضم، وقال إنه يحقق للفلسطينيين حلمهم بالدولة الواحدة، ويحطم الحلم الصهيوني بجعل إسرائيل دولة يهودية، وعلى الطريق يتسبب في صدامات دامية لا أحد يعرف مداها.
وقال باردو إن الدعوات التي تتعالى في إسرائيل، ويشارك فيها رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وتصل أصداؤها إلى واشنطن، وفيها ينشدون ضم أجزاء من الضفة الغربية إلى إسرائيل، سوف تقود، في حال التجاوب معها، إلى تدهور الوضع وتشكيل خطر على حياة الإسرائيليين.
وقد حملت تحذيرات باردو هذه أهمية، كونها تأتي عشية بدء كوشنير زيارة إسرائيل، اليوم الخميس، ضمن جولته في الشرق الأوسط، لبحث خطة السلام الأميركية المعروفة بـ«صفقة القرن»، والتي يرافقه فيها جيسون غرينبلات، المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط، وبريان هوك، المبعوث الأميركي الخاص حول إيران. وقد وجه ممثلو المستوطنات رسالة إلى الوفد الأميركي، يطلبون فيها الاعتراف بالقرار الذي تنوي الحكومة الإسرائيلية القادمة اتخاذه بضم المستوطنات. فخرج باردو في موقف يوضح فيه أن مثل هذا الضم سيعود بالوبال على إسرائيل وشعوب المنطقة.
وقال باردو: «هناك نوعان من الزعماء في تاريخ إسرائيل: نوع مبادر وآخر ينجر وراء الأحداث. فرئيس الحكومة الأسبق، مناحيم بيغن، هو من النوع المبادر، لذلك قرر توقيع اتفاقية سلام مع مصر. في حينه، وصف مسؤولون إسرائيليون الاتفاقية مع مصر بأنها (قطعة ورق) ستفقد إسرائيل بموجبها (عمقاً استراتيجياً)، بسبب انسحابها من سيناء. وفي المقابل، كانت تقديرات بيغن أن الاتفاقية ستخرج مصر من دائرة الحرب، وستؤدي إلى تغيير ميزان القوى بشكل يبرر المخاطر وآلام إخلاء المستوطنات في سيناء. لقد كان بيغن مثالاً للزعيم المبادر والشجاع. فهل يوجد اليوم زعيم يملك رؤية وشجاعة ويتحمل مخاطرة كبيرة، ولكن محسوبة، من أجل تدعيم الحلم الصهيوني لأجيال قادمة؟».
وقال باردو إن «القيادات الإسرائيلية المتعاقبة منذ 50 عاماً تتهرب من قضية رسم الحدود الشرقية لإسرائيل. وقد حان الوقت للقول: كفى. بالطبع ما من شك في أن من حقنا وواجبنا الاستيلاء على المناطق (الضفة الغربية) لأهداف أمنية، وعدم إجلاء قواتنا منها إلى حين الاتفاق على ترتيبات أمنية لاحتياجاتنا، في إطار اتفاق سياسي، رغم أن هذا لا يبدو واقعياً في المستقبل المنظور. ولكن أغلبية مطلقة من الشعب (الإسرائيلي) تعي أننا نتدهور إلى واقع يداهمنا فيه خطر على الأغلبية اليهودية في دولتنا الواحدة والوحيدة. والجميع يعرف المعطيات التي بموجبها يوجد بين النهر (الأردن) والبحر (الأبيض المتوسط)، نحو 15 مليون إنسان، نصفهم غير يهود. ولذلك لم يسعَ أحد إلى ضم يهودا والسامرة (الضفة). وهذا الواقع يوشك أن يتغير. ومن شأن قيود ائتلافية، لا توجد أي علاقة بينها وبين أمن إسرائيل، أن تشكل خطراً على المشروع الصهيوني، عندما يُتخذ قرار متسرع بضم مناطق في يهودا والسامرة، ويحرك تطورات هدامة. والأمر الأشد خطورة هو أنه يوجد إجماع واسع في إسرائيل على أن الكتل الاستيطانية والأحياء اليهودية (المستوطنات) في شرقي القدس ستبقى بأيدينا إلى الأبد. إضافة إلى ذلك، فإن الفلسطينيين والجهات الإقليمية والدولية ذات العلاقة، استوعبوا من زمان أنه في إطار الاتفاق سيتم ضمها لإسرائيل. ولذلك، ما هو المبرر لتحمل مخاطر الخطوة الأحادية الجانب، غير الضرورية برأيي، بفرض القانون، والتي ستشعل المناطق، وتشكل خطراً على حياة إسرائيليين، وتبعد الاحتمال - مهماً كان ضئيلاً - لتسوية مستقبلية؟».
وحذر باردو من أن ضم الضفة الغربية لإسرائيل سيكون بمثابة كابوس أمني وسيادي؛ لأن المستوطنات اليهودية المتوقع ضمها، تطوّق نحو 170 منطقة، منفصل بعضها عن بعض (كنتونات) ويعيش فيها 2.6 مليون فلسطيني. «فهل اتخذ قرار بالانتقال من حلم صهيوني بدولة يهودية إلى حلم عربي بدولة واحدة فيها أقلية يهودية؟ وهل - كما تدعي الأقلية المؤيدة للضم - حصلت من مواطني إسرائيل في الانتخابات الأخيرة على تفويض بإنهاء حلم الأجيال، الذي تحقق هنا قبل 71 عاماً، ومن أجل حمايته حارب منذئذ مئات آلاف الإسرائيليين من كافة ألوان الطيف السياسي؟».
وقال باردو إن «على حكومة إسرائيلية تتحلى بالمسؤولية أن تبادر إلى تخليد وجودنا وسيطرتنا على الكتل الاستيطانية، والمساهمة في تطويرها وازدهارها، ولكن في الوقت نفسه تضمن حلماً صهيونياً لإسرائيل آمنة، ديمقراطية، مع أغلبية يهودية تصمد لأجيال من خلال الانفصال المدني عن ملايين الفلسطينيين. ليس انسحاباً أحادي الجانب. ليس انسحاباً أبداً، وإنما انفصال من خلال استمرار السيطرة الأمنية... واستمرار انتشار الجيش الإسرائيلي و(الشاباك) وراء حدود شرقية (مع الضفة)، إلى حين التوصل لاتفاق يضمن إزالة الخطر عن الأغلبية اليهودية في دولة إسرائيل، من دون مخاطر أمنية أكثر من تلك الموجودة اليوم».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».