«أسرار الشرق»...تحية من «شانيل» إلى منطقة الشرق الأوسط

هناك رموز خاصة بكل مصمم. يُذكر اسمه فتتبادر هذه الرموز إلى الذهن مهما مر الزمن وخضعت لتطويرات من قبل مصممين آخرين. في حالة «مادوموازيل شانيل»، فإن جاكيت التويد والفستان الناعم الأسود واللؤلؤ هم رموزها الخاصة جداً. كانت أول من أعطى اللؤلؤ مكانته في عالم الموضة بتنسيقه على شكل صفوف متعددة حتى يلفت الأنظار أكثر. حبها له جعلها لا تستغني عنه في كل المناسبات، صباحاً ومساءً، تنسقه مع الملابس الرياضية أو سترة مع بنطلون رجالي كما تنسقه مع تايور التويد الكلاسيكي. كانت تناقضاته المتناغمة، بين لمعانه المشابه للقمر وشكله المستدير، تثيرها. بحس مصممة الأزياء، انتبهت أنه يناسب كل الأقمشة، حيث يضفي نعومة إلى التويد ورقة إلى الحرير، كما يخفف بنعومته من هندسية الخطوط الصارمة. مع الوقت أصبح يمثل لها تميمة جالبة للحظ على المستويين الشخصي والعملي.
تقول بعض القصص إن بداية حبها لهذا الحجر كانت عند اكتشافها إحدى لوحات فيرونزيه كانت معلقة في البلاط الملكي. أسرها جمال اللؤلؤ فيها ومنذ ذلك الحين شغل بالها وأصبح تيمة متكررة في تصاميمها. إلى آخر أيامها ظلت تلعب على تناقضاته وبياضه بشكل لم يستطع أي أحد أن يُتقنه سواها لحد الآن، كأنها فهمت لغته، وباتت تربطها به علاقة شقاوة أيضاً. فعن جورج أوريك، يحكي أنه في إحدى أمسيات عام 1925 انقطعت قلادتها من اللؤلؤ، وكانت بطول مترين تقريباً، أثناء رقصها الشارلستون. وبكل رقي ودون الاكتراث للموقف، وقفت تتابع بصبر مجموعة من الرجال ببدلات مسائية يجثون على ركبهم يلتقطون تلك الأحجار المتناثرة لتعيد رصها فيما بعد.
وإذا كانت غابرييل شانيل قد أدخلت هذا الحجر إلى عالم الموضة من أوسع الأبواب، فإن العرب، ومنذ قرون، كانت لهم علاقة لا تقل حميمية وحباً له، بدليل هذا بيت من الأبيات يقول فيه الشاعر الراحل حافظ إبراهيم قبل ما يقرب من قرن من الزمان: أنا البحر في أحشائه الدرُّ كامنٌ > فهل سألوا الغواص عن صدفاتي؟
فلقرون طويلة ظل اللؤلؤ من الأحجار الثمينة، خصوصاً أن الماس لم يكن معروفاً في العالم القديم. في الخليج العربي، كان يشكل أثمن مصدر للثروة، بحيث كان يشتغل في صيده ما لا يقل عن 70 ألف غواص. كان الهدف تجارياً وثقافياً على حد سواء، بوصفه تقليداً توارثوه أباً عن جد، وظلت صناعة اللؤلؤ مزدهرة في الخليج وتحديداً في البحرين، إلى أن ظهر اللؤلؤ المستزرع الذي عرض الطبيعي لهزة عنيفة لم يستطع تجاوزها واستعادة مكانته القديمة إثرها.
تحية لهذا التاريخ، ولتاريخ غابرييل شانيل أيضاً مع هذا الحجر، عادت دار «شانيل» إليه عندما فكرت بابتكار مجموعة من المجوهرات تخص بها المنطقة العربية. لم ترَ أفضل من اللؤلؤ بطلاً لها، ومن هنا جاءت مجموعة «أسرار الشرق» (SECRETS D’ORIENTS) وهي من المجوهرات الراقية.
تضم طقمين تم تصميمهما بشكل خاص لـ«الشرق الأوسط» من لؤلؤ أكويا والتوباز الإمبراطوري. ووقع اختيار استوديو ابتكار المجوهرات الراقية على هذه الأحجار على وجه التحديد لتعكس الألوان الدافئة المميزة لـ«الشرق الأوسط»، وتحاكي الهندسة الفريدة للمشربيات. ويتسم تصميم قطع هذه المجموعة بالفخامة والانسيابية، فتتدلى اللآلئ بكل أناقة وتتزين السلاسل الناعمة والثمينة بالذهب المرصع بالماس.