الصناديق السيادية تضخ المليارات في شركات التكنولوجيا الناشئة

زادت استثماراتها في الأسهم غير المدرجة

تتجه الصناديق السيادية أكثر إلى الاستثمار في شركات ناشئة ومبادرات شبابية واعدة (رويترز)
تتجه الصناديق السيادية أكثر إلى الاستثمار في شركات ناشئة ومبادرات شبابية واعدة (رويترز)
TT

الصناديق السيادية تضخ المليارات في شركات التكنولوجيا الناشئة

تتجه الصناديق السيادية أكثر إلى الاستثمار في شركات ناشئة ومبادرات شبابية واعدة (رويترز)
تتجه الصناديق السيادية أكثر إلى الاستثمار في شركات ناشئة ومبادرات شبابية واعدة (رويترز)

تتجه الصناديق السيادية أكثر إلى الاستثمار في شركات ناشئة ومبادرات شبابية واعدة. فهذه الصناديق المسلحة بالمليارات، وهي لدول مليئة، تعتبر أن الفرص المجزية حالياً في الشركات غير المدرجة، وذلك وفقاً لتقرير صادر عن المنتدى العالمي لصناديق الثروة السيادية.
فعلى صعيد الاستثمار في الأسهم، أكد التقرير أن ثلثي عدد العمليات في 2018 حصلت في الأسهم غير المدرجة في البورصات والأسواق المالية وذلك مقابل 54% في 2017، وعلى صعيد القيمة شكّلت تلك العمليات العام الماضي 53% من إجمالي الاستثمارات التي قامت بها تلك الصناديق، ويعادل ذلك 13 مليار دولار. وفي 4 سنوات، بلغت المبالغ الموجّهة إلى الأسهم غير المدرجة نحو 68 مليار دولار.
ووراء هذا الاهتمام هبوط سيولة وعدد الأسهم المدرجة في السنوات الماضية. فالاندماجات وإقبال الشركات على إعادة شراء أسهمها وهبوط عدد الأسهم المدرجة حديثاً... كل ذلك خفّض عدد الفرص الجاذبة، ما دفع الصناديق إلى التفتيش عن أخرى بعيداً عن البورصات.
والصعود الكبير لبورصة «وول ستريت»، كما ارتفاع الأسعار فيها بشكل كبير لا سيما أسهم شركات التكنولوجيا والإنترنت وتقنية المعلومات، جعل إقبال الصناديق عليها أقل من السابق لأن الأسعار وصلت إلى مستويات مبالغ فيها وبعضها تحول إلى فقاعة قابلة للانفجار، والنتيجة أن الفرص الجاذبة كانت في مكان آخر، باستثناء قطاعات الطاقة والسلع الاستهلاكية التي بقيت هدفاً لتلك الصناديق في البورصات المتقدمة وبعض الناشئة.
وفي عام 2017، اكتتبت الصناديق السيادية في 38 عملية إدراج، إلا أن هذا الرقم تراجع إلى 18 فقط في 2018، والهبوط الأبرز سجلته الأسواق الآسيوية. ويشير التقرير إلى أن الكثير من شركات التكنولوجيا الواعدة ليست رابحة بعد لكنها جذبت اهتمام الصناديق للرهان عليها، لأنها وجدت فيها طاقات كامنة واعدة للمستقبل. وأجرت الصناديق 44 استحواذاً في أسهم تلك الشركات الناشئة والمبادرات التكنولوجية التي تعمل حتى الآن من دون التفكير في الإدراج في أسواق المال. وبلغت قيمة تلك الاستثمارات 3.4 مليار دولار، مقابل 12 عملية قيمتها 330 مليون دولار فقط في 2015.
وفي التفاصيل، أشار التقرير إلى استثمارات في تقنيات وشركات الواقع المعزز مثلما فعل صندوق الاستثمارات العامة السعودية، وفي تقنيات وشركات أمن المعلوماتية وحماية البيانات مثلما فعل «تيماسك» الصندوق السنغافوري. وافتتح صندوق مبادلة (أبوظبي) كما صندوق «خزانة» الماليزي مكتبين في وادي سيليكون، علما بأن المعلومات تشير إلى أن صندوق الاستثمارات العامة السعودية سيفتتح مكتباً هناك أيضاً.
إلى ذلك، يشير التقرير إلى استثمارات للصناديق في قطاعات الصحة والبيوتكنولوجي، التي بلغ عدد العمليات فيها 31 عملية وبقيمة 1.1 مليار دولار. ففي 2018 استثمر صندوق أو جهاز أبوظبي للاستثمار 230 مليون دولار في شركة تعمل في هذا القطاع أُدرجت في فبراير (شباط) الماضي.
ويلاحظ التقرير أن صناديق الثروة السيادية تستثمر في مختلف مراحل عمر تلك الشركات منذ ولادتها حتى لحظة إدراج أسهمها في الأسواق المالية، مع الإشارة إلى ميل متزايد للاستثمار في البدايات، أي عند ولادة الأفكار التي يقودها شباب مبادرون، وفي المراحل التجريبية والعمليات التشغيلية الأولية، ويقْدمون على ذلك مستعينين بصناديق أخرى لها تجارب في توظيف رأس المال المغامر، وذلك لتقاسم المخاطر وللاستفادة من دينامية النشوء. ومنذ 2017 توقفت تلك الصناديق عن الاستثمار في القطاعات التي تتأثر سلباً بازدهار التجارة الإلكترونية، مثل المجمعات التجارية والمولات وتجارة التجزئة، وفقاً للتقرير. ويضيف: «لدى هذه الصناديق أموال وفيرة ونَفَس طويل، لذا يمكنها الرهان على قطاعات لا تزهر إلا في المديين المتوسط والطويل، علماً بأن العوائد ليست قريبة الحصاد، لكنها عندما تأتي تجدها وفيرة تعوض سنوات الانتظار العجاف».



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.