واشنطن ترفض «نورمبيرغ» لـ«الداعشيين»

هددت بإرسالهم إلى سجن غوانتانامو في كوبا

TT

واشنطن ترفض «نورمبيرغ» لـ«الداعشيين»

على ضوء احتجاجات فرنسا على أحكام في محاكم عراقية بإعدام «داعشيين» فرنسيين، واقتراح السويد تأسيس محكمة دولية لمحاكمة «الداعشيين»، واقتراحات عن تشكيل «نورمبيرغ» أخرى، على خطى المحكمة الدولية التي حاكمت النازيين بعد هزيمتهم في الحرب العالمية الثانية، قالت مصادر في البيت الأبيض إن الولايات المتحدة تفضل أن تقبل كل دولة «داعشييها»، وتحاكمهم. وأنذر المصدر بأن الولايات المتحدة، إذا لم يتحقق ذلك، ستضطر إلى اعتقال «الداعشيين»، الذين يهددون الأمن العالمي، وإلى إرسالهم إلى سجن غوانتانامو في كوبا.
وأشار المصدر إلى تصريحات كان أدلى بها الرئيس دونالد ترمب، عن هذا الموضوع. وقبل شهرين غرد ترمب في صفحته على «تويتر»، قائلاً: «تطلب الولايات المتحدة من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وغيرها من الحلفاء الأوروبيين، استعادة أكثر من 800 من مقاتلي (داعش)، الذين أسرناهم في سوريا، وتقديمهم للمحاكمة. الخلافة على أبواب السقوط. البديل ليس جيداً لأننا سنضطر إلى إطلاق سراحهم».
أمس الاثنين، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية، أن فرنسا تعارض عقوبة الإعدام لمقاتلي «داعش» الفرنسيين في العراق. وكانت تقارير إخبارية قالت، قبل أسبوعين، إن السويد اقترحت محكمة دولية لمحاكمة مقاتلي «داعش». وأنها تفضل أن تجرى المحاكمات الدولية في العراق، حيث يوجد عدد كبير من معتقلي «داعش»، وحيث يتوقع أن تسلم القوات الكردية العراقية معتقلين إضافيين إلى حكومة العراق.
حسب هذه التقارير، لا يشير اقتراح السويد إلى محاكم «نورمبيرغ»، ولكن إلى محاكم إقليمية في أوروبا وأفريقيا حاكمت، في الماضي، متهمين في مذابح في رواندا، وفي يوغسلافيا.
وفي الشهر الماضي، في خطاب أمام مجلس الأمن، دعت محامية حقوق الإنسان البريطانية اللبنانية، آمال كلوني، إلى تقديم مقاتلي «داعش» إلى «العدالة».
وقالت: «هذه هي لحظة (نورمبرغ). هذه فرصتكم للوقوف على الجانب الأيمن من التاريخ». وحثت الدول الأعضاء على تجاوز مشروع قرار عن محاربة العنف الجنسي كسلاح خلال الحروب، وذلك من أجل قرار شامل عن تقديم إرهابيي «داعش» إلى العدالة.
وقالت: «أنتم مدينون لآلاف النساء والفتيات اللائي يجب عليهن مشاهدة أعضاء (داعش) وهم يحلقون لحاهم، ويعودون إلى حياتهم الطبيعية، بينما هم، الضحايا، لا يستطيعون ذلك».
وأعربت عن أسفها لأنه، في حال قيام السلطات بإلقاء القبض على زعيم «داعش»، أبو بكر البغدادي، فإن قضيته «لن تقدم على الأرجح إلى المحكمة الجنائية الدولية».
وأمس الاثنين، أشارت مصادر البيت الأبيض إلى أن الولايات المتحدة، من خلال تغريدات الرئيس ترمب، ومن خلال تصريحات مستشار الأمن القومي، جون بولتون، ووزير خارجيتها، مايك بومبيو، كررت أن المحكمة الجنائية الدولية «ميتة بالنسبة لنا»، كما قال بومبيو. وأضاف: «الذين يدعمون تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية يمكن أن يُمنعوا من دخول الولايات المتحدة، ويمكن أن تجمد ممتلكاتهم، وربما يمكن أن يعتقلوا».
وكان بومبيو قال في مارس (آذار) الماضي، إن الإدارة ستحرم تأشيرات الولايات المتحدة لموظفي المحكمة الجنائية الدولية، الذين عززوا الملاحقة القضائية ضد العسكريين والمدنيين الأميركيين. وأضاف: «نحن مصممون على حماية الأفراد العسكريين والمدنيين الأميركيين والقوات المتحالفة معهم من العيش في خوف من المقاضاة الجائرة بسبب الإجراءات المتخذة للدفاع عن أمتنا العظيمة».
لكن، في نقاش مجلس الأمن، عبر المندوب الفرنسي عن سياسة بلاده بأهمية محاكمة «الداعشيين» أمام محاكم دولية، بدلاً من محاكمات محلية. كان هذا النقاش قبل إعلان محاكمات «الداعشيين» الفرنسيين في العراق.
وشمل النقاش في مجلس الأمن اتهامات للولايات المتحدة بأنها تعارض محاكمات دولية لـ«الداعشيين»، لأنها لا تريد أن يقود ذلك إلى دعاوى بمحاكمة أميركيين قادوا الحروب في أفغانستان والعراق بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001.
وفي بداية هذا العام، قالت صحيفة «ميليتاري تايمز» في واشنطن، التي تتابع الأخبار العسكرية، «قال مسؤولون إن سجن غوانتانامو سيحصل على سجناء جدد لأول مرة منذ أكثر من 10 سنوات. وذلك لتوقع تنفيذ خيار واحد مع سحب الولايات المتحدة لقواتها من سوريا. وهو مصير مئات من مقاتلي (داعش)».
في ذلك الوقت، قالت الخارجية الأميركية إن مقاتلي «داعش» «إذا لم يعادوا إلى أوطانهم، يمكن استخدام القاعدة الأميركية في غوانتانامو حيثما كان ذلك قانونياً ومناسباً».
وأضافت الخارجية، في بيان وزعته وكالة «أسوشيتيد برس»: «الاستراتيجية الوطنية في الحرب ضد الإرهاب تؤكد، في وضوح، أن معتقلات النزاع المسلح، بما في ذلك غوانتانامو، تظل أداة مهمة، وفعالة، لمكافحة الإرهاب».


مقالات ذات صلة

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عنصر من المعارضة السورية المسلحة في حمص يحتفل بدخول العاصمة دمشق (إ.ب.أ)

الأردن ومخاوف من خلط أوراق المنطقة والخشية من فوضى سوريا

يبدي أمنيون أردنيون مخاوفهم من عودة الفوضى لمناطق سورية بعد الخروج المفاجئ للأسد إلى موسكو، وان احتمالات الفوضى ربما تكون واردة جراء التنازع المحتمل على السلطة.

محمد خير الرواشدة (عمّان)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».