جنوب شرق آسيا يعلن الثورة على النفايات الغربية

حملة لمقاومة الوضع والرئيس الفلبيني يهدّد بقطع العلاقات مع كندا

ماليزيا تعاود شحن النفايات البلاستيكية الملوثة إلى بلدانها الأصلية (إ.ب.أ)
ماليزيا تعاود شحن النفايات البلاستيكية الملوثة إلى بلدانها الأصلية (إ.ب.أ)
TT

جنوب شرق آسيا يعلن الثورة على النفايات الغربية

ماليزيا تعاود شحن النفايات البلاستيكية الملوثة إلى بلدانها الأصلية (إ.ب.أ)
ماليزيا تعاود شحن النفايات البلاستيكية الملوثة إلى بلدانها الأصلية (إ.ب.أ)

على امتداد العام الماضي، تكدّست نفايات العالم على شواطئ جنوب شرق آسيا. وتكدست صناديق تضمّ نفايات غير مرغوب بها قادمة من الغرب في موانئ الفلبين وإندونيسيا وفيتنام، في الوقت الذي تراكمت جبال النّفايات البلاستيكية السّامة القادمة من أوروبا والولايات المتحدة في مختلف أرجاء ماليزيا.
وعلى الرّغم من ذلك، لا يبدو أنّ الحال هذه ستستمر طويلاً، فقد بدأت حملة مقاومة للوضع مع تعهد الكثير من دول جنوب شرق آسيا بإعادة النّفايات إلى الدّول التي جاءت منها.
الأسبوع الماضي، هدّد رئيس الفلبين رودريغو دوتيرتي بقطع العلاقات الدّبلوماسية مع كندا إذا لم توافق حكومتها على استعادة 69 حاوية تحمل 1.500 طن من المخلفات جرى تصديرها إلى الفلبين خلال عامي 2013 و2014.
كانت كندا قد رفضت حتى مجرد الاعتراف بالقضية لسنوات، لكنّ الخلاف بين الجانبين تفاقم، وأعلن دوتيرتي أنّ الفلبين ستنقل النّفايات إلى المياه الإقليمية الكندية وتلقي بها هناك.
وقال سالفادور بانيلو، المتحدث الرّسمي باسم الرّئاسة الفلبينية إنّ «الفلبين دولة مستقلة ذات سيادة ولا يجب التعامل معها كصندوق قمامة من جانب دولة أجنبية».
ويعكس هذا الخطاب رفضا إقليميا واسعا بدأ العام الماضي عندما مرّرت كل من تايلاند وماليزيا وفيتنام تشريعات للحيلولة دون دخول نفايات أجنبية ملوثة موانئها.
وفي 23 أبريل (نيسان)، كشف تحقيق أجرته الحكومة الماليزية أنّ نفايات قادمة من المملكة المتحدة وأستراليا والولايات المتحدة وألمانيا تتدفّق على البلاد على نحو غير قانوني، ويجري الإعلان عنها كذباً باعتبارها واردات أخرى.
من جهتها، قالت يو بي بين، وزيرة البيئة، إنّ الصّبر قد نفد، مضيفة: «لن تتحوّل ماليزيا إلى مقلب نفايات للعالم. سنعيد النّفايات إلى بلدانها الأصلية». حسبما ذكرت «الغارديان» البريطانية.
وبالفعل، التزمت الوزيرة بكلمتها. وبالفعل، جرى للتو إعادة خمس حاويات تضم نفايات غير قانونية من إسبانيا جرى اكتشاف وجودها داخل أحد الموانئ الماليزية، وفي الثلاثاء من المقرّر أن تعلن يو مزيدا من إجراءات إعادة نفايات بلاستيكية أجنبية.
ويعتقد كثيرون أنّ هذا السبيل الوحيد الذي يمكن من خلاله إجبار دول، تحديداً في الغرب، أخيراً على مواجهة مشكلات النفايات الخاصة بها، بدلاً عن إلقاء عبئها على دول نامية.
جدير بالذكر أنّ 9 في المائة فقط من النّفايات البلاستيكية على مستوى العالم تجري إعادة تدويرها، بينما ينتهي الحال بمعظم المتبقي في مكبّات نفايات عبر جنوب شرق آسيا أو يجري حرقها على نحو غير قانوني لتطلق أدخنة شديدة السمية.
وقد اكتشف نشطاء في إندونيسيا العام الماضي أنّ واردات غير قانونية من النّفايات تُستخدم كوقود بأحد مصانع التوفو.
من جهتها، قالت ماغيسواري سانغارالينغام، الباحثة لدى اتحاد المستهلكين في بينانغ و«أصدقاء الأرض» في ماليزيا: «هذا هو الإجراء السّليم من جانب الحكومة الماليزية كي تظهر للعالم أنّنا جادّون في حماية حدودنا من التحول إلى مكب نفايات». وأضافت أنّ كمّيات كبيرة من النّفايات التي ترد إلى ماليزيا: «ملوثة ومختلطة ورديئة»، ما يعني أنّه من المتعذّر معالجتها وسينتهي بها الحال في مكبات ضخمة للنفايات السّامة.
كانت المشكلة قد بدأت أمام دول جنوب شرق آسيا مطلع عام 2018، بعدما توقفت الصين عن قبول مخلفات بلاستيكية وإعادة تدويرها من باقي دول العالم بسبب مخاوف بيئية. وأثار الحظر الصيني على استقبال نفايات أجنبية، مشكلات كبيرة. جدير بالذكر أنّه عام 2016 عالجت الصين على الأقل نصف صادرات العالم من البلاستيك والورق والمعادن، بما في ذلك كميات من النّفايات القادمة من المملكة المتحدة تكفي لملء 10 آلاف حمام سباحة أوليمبي.
من جهتها، حوّلت ماليزيا الجزء الأكبر من النّفايات المعاد توجيهها. وتبعاً لما ذكرته منظمة «غرين بيس»، فإنّ واردات ماليزيا من النّفايات البلاستيكية ارتفعت من 168.500 طن عام 2016 إلى 456 ألف طن في غضون ستة شهور فقط خلال عام 2018. وجاءت هذه النّفايات بصورة أساسية من المملكة المتحدة وألمانيا وإسبانيا وفرنسا وأستراليا والولايات المتحدة.
وقد انطوى هذا الأمر على تكاليف بيئية واجتماعية ضخمة. وتضمّن تقرير صادر عن منظمة «غلوبال أليانس فور إنسينيريتور الترنتيفز» (جي إيه آي إيه)، معلومات تفصيلية حول، كيف أن تدفّق النّفايات السّامة تسبب في تلوث المياه والمحاصيل وإصابة الكثيرين بأمراض في الجهاز التنفسي. وإقراراً بالأضرار التي وقعت، جرى تعديل معاهدة بازل المتعددة الأطراف التي تتناول كيفية التعامل مع النّفايات عالمياً، هذا الشهر لتحظر تصدير نفايات بلاستيكية ملوّثة تتعذر إعادة تدويرها، إلى دول نامية من دون موافقة الأخيرة. إلّا أنّ المعاهدة ستصبح سارية فقط عام 2020، ولم توقّع عليها جميع دول جنوب شرق آسيا. وعلى الرّغم من ذلك، وحتى مع شروع حكومات جنوب شرق آسيا في التصدي للمشكلة، لا تزال النفايات تتدفق على البلاد. في إندونيسيا، تستقر في ميناء بجزيرة رياو منذ خمسة أشهر 60 حاوية تضمّ نفايات أجنبية خطيرة وسامة. والأسبوع الماضي، قدمت إلى الفلبين حاويات تضمّ نفايات أسترالية جرى توصيفها كوقود في محاولة للالتفاف على التنظيمات المتعلقة بالجمارك. وأكد مسؤولون بالجمارك الفلبينية أنّهم يعملون على إعادة الحاويات.



احتجاجات مؤيدة وأخرى مناهضة لاعتقال رئيس كوريا الجنوبية المعزول (صور)

تمثال للرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول مغطى بالثلوج خلال احتجاج ضده بالقرب من مقر إقامته الرسمي في سيول (رويترز)
تمثال للرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول مغطى بالثلوج خلال احتجاج ضده بالقرب من مقر إقامته الرسمي في سيول (رويترز)
TT

احتجاجات مؤيدة وأخرى مناهضة لاعتقال رئيس كوريا الجنوبية المعزول (صور)

تمثال للرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول مغطى بالثلوج خلال احتجاج ضده بالقرب من مقر إقامته الرسمي في سيول (رويترز)
تمثال للرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول مغطى بالثلوج خلال احتجاج ضده بالقرب من مقر إقامته الرسمي في سيول (رويترز)

تحدى آلاف الأشخاص الثلوج الكثيفة في سيول اليوم (الأحد) للتجمع تعبيراً عن تأييد أو معارضة اعتقال الرئيس المعزول يون سوك يول في الوقت الذي يبدو فيه أن الأزمة السياسية في كوريا الجنوبية تتجه نحو مواجهة أخرى عالية المخاطر.

ومع قرب انقضاء المهلة المحددة لمذكرة الاعتقال الصادرة بحق يون بتهمة التمرد عند منتصف الليل (15:00 بتوقيت غرينتش) غداً (الاثنين)، نظمت عدة مجموعات احتجاجات بالقرب من مقر إقامته الرسمي، حيث دعا البعض إلى اعتقاله الفوري واحتج البعض الآخر على ذلك.

يرتدي المتظاهرون بطانيات حرارية خلال مسيرة ضد الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول بالقرب من مقر إقامته في سيول (أ.ف.ب)

وأصبح يون أول رئيس في السلطة يواجه الاعتقال بسبب محاولته الفاشلة لإعلان الأحكام العرفية في الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، والتي أثارت فوضى سياسية اجتاحت رابع أكبر اقتصاد في آسيا وأحد الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

وعزل البرلمان الرئيس ومنعه من ممارسة مهامه الرسمية إلى أن تقرر المحكمة ما إذا كانت ستعيده إلى منصبه أو ستقيله. ويوم الجمعة، منع الحرس الرئاسي وقوات الجيش محققين من اعتقاله في مواجهة استمرت ست ساعات.

جانب من مظاهرة لمؤيدي الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول بالقرب من مقر إقامته في سيول (رويترز)

وتجمع بعض المحتجين اليوم الأحد طوال الليل في وسط مدينة سيول، حيث انخفضت درجات الحرارة إلى أقل من خمس درجات مئوية تحت الصفر، بينما تراكمت الثلوج بسمك يتجاوز خمسة سنتيمترات في بعض أنحاء العاصمة التي حذرت الأرصاد الجوية من أنها ستكون معرضة لهطول ثلوج كثيفة.

وإلى ذلك، قال يانج كيونج سو، زعيم اتحاد النقابات العمالية الكوري، وهي جماعة عمالية رئيسية شاركت في الاحتجاجات: «يتعين علينا إعادة إرساء أسس مجتمعنا من خلال معاقبة الرئيس الذي رفض الدستور». وأضاف: «يجب علينا القبض على المجرم يون سوك يول واعتقاله واحتجازه في أقرب وقت ممكن».

وفي مكان قريب، رفع أنصار يون لافتات كُتب عليها: «سنقاتل من أجل الرئيس يون سوك يول» و«أوقفوا السرقة»، وهي العبارة التي روج لها أنصار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بعد خسارته انتخابات عام 2020.

أنصار يون يرفعون لافتات كُتب عليها «أوقفوا السرقة» في سيول (أ.ف.ب)

واستقطبت احتجاجات مماثلة عشرات الآلاف أمس (السبت)، مما دفع الشرطة إلى محاولة تفريق المحتجين التابعين لاتحاد النقابات العمالية الكوري الذين احتلوا الطرق وأعاقوا حركة المرور. وذكرت وكالة يونهاب للأنباء أن اثنين من المحتجين اعتقلا بتهمة الاعتداء على أفراد الأمن.

وطلب مكتب التحقيقات في قضايا الفساد للمسؤولين رفيعي المستوى أمس السبت، والذي يقود التحقيق الجنائي مع يون، من القائم بأعمال الرئيس تشوي سانج موك، وزير المالية، إصدار أمر إلى جهاز الأمن بالامتثال وتنفيذ أمر الاعتقال.