مصر لإشراك القطاع الخاص في بناء الإسكان الاجتماعي

تتجه الحكومة المصرية نحو إشراك القطاع الخاص في بناء وحدات الإسكان الاجتماعي، تنفيذاً لتوصيات البنك الدولي، واستكمالاً لجهودها في بناء وحدات إسكان اجتماعي على مدار السنوات الماضية، لتوفير وحدات سكنية ملائمة لمحدودي الدخل، في ظل استمرار ارتفاع الأسعار، وانخفاض القدرة الشرائية للمواطنين التي أدت إلى حالة من التباطؤ في سوق العقارات.
وقدمت شعبة الاستثمار العقاري المصرية اقتراحاً بمشاركة القطاع الخاص في إنشاء 200 ألف وحدة سكنية من الإسكان الاجتماعي على مدار 5 سنوات، وأكد المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، في بيان صحافي، أن «مشاركة القطاع الخاص في مشروعات الإسكان الاجتماعي تساهم في توفير احتياجات محدودي الدخل، ورفع الأعباء عن الدولة»، مشيراً إلى أن «وزارة الإسكان بدأت دراسة المبادرة التي قدمها القطاع الخاص، والتي سبق تقديمها من قبل عام 2015، وتقضي بمشاركة القطاع الخاص في بناء وحدات إسكان اجتماعي مقابل حصولها على أراض من الدولة».
وعقد وزير الإسكان المصري اجتماعاً مؤخراً مع المطورين العقاريين، وممثلي البنك الدولي، لمناقشة المبادرة، وأوضح بدر الدين أن «المبادرة تقضي بتوفير الأرض للمطور العقاري بأسعار مخفضة، ويقوم بدوره ببناء وحدات سكنية وبيعها للمواطنين دون تحميل سعر الأرض على الوحدة، على أن يسدد العميل قيمة الأرض بتسهيلات تصل إلى 10 سنوات، وينفذ المطور العقاري وحدات الإسكان الاجتماعي على 50 في المائة من الأرض، بينما ينفذ على الباقي وحدات إسكان متوسط يتم بيعها بسعر السوق»، مشيراً إلى أن «المقترحات ما زالت قيد الدراسة من جانب وزارة الإسكان التي تعهدت خلال الاجتماع بالخروج من منظومة البناء، وتركها للقطاع الخاص بحلول 2020».
من جانبه، أكد الخبير العقاري تامر ممتاز «أهمية التكامل بين الحكومة والقطاع الخاص»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التكامل بين الحكومة والقطاع الخاص مطلوب جداً اليوم، حيث يوفر كل طرف ما يملك لتعم الفائدة على الطرفين، بما يحقق في النهاية توفير إسكان اجتماعي للمواطنين»، مشيراً إلى أن «القطاع الخاص عادة ما يسعى للربح، وهو يستطيع تحقيق أرباح خلال هذه المبادرة من خلال وحدات الإسكان المتوسط التي سيبنيها في المشروع، إضافة إلى أن مشاركة القطاع الخاص في المشروع ستحقق له مزيداً من المصداقية، وتساهم في تسويق وشهرة الشركات المنفذة للإسكان الاجتماعي».
لكن الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي والعقاري، يرى أن «مشاركة القطاع الخاص في الإسكان الاجتماعي هي نوع من التجارة بمحدودي الدخل واحتياجاتهم»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك سوابق في هذا الصدد تدخل فيها القطاع الخاص لبناء وحدات إسكان اجتماعي، وتسببت في رفع أسعار وحدات الإسكان الاجتماعي بشكل كبير، لتصل إلى نصف مليون جنيه».
بدوره، أكد المهندس هشام شكري، نائب رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري، أنه «بعد الانتهاء من دراسة أسعار الأراضي، سيتم تحديد سعر وحدات الإسكان الاجتماعي، التي ستبلغ مساحتها 80 متراً، في حين تتراوح وحدات الإسكان المتوسط ما بين 90 و150 متراً»، مشيراً إلى أن «المواطن سيحصل على دعم من صندوق التمويل العقاري بقيمة 50 ألف جنيه (الدولار الأميركي يعادل 16.8 جنيه مصري)، في إطار الدعم المقدم من البنك الدولي لمشروع الإسكان الاجتماعي بقيمة 500 مليون دولار».
وأضاف أن «مشاركة القطاع الخاص في بناء الإسكان الاجتماعي ستساهم في تقليل أزمة السكن، وتزيد من التنافسية بين شركات التطوير العقاري، وتوفر المزيد من فرص الاستثمار».
وشدد ممتاز على أن «التنافسية هي التي تحدد الأسعار، ويتم حسابها بعد حساب التكلفة الأساسية للبناء، وليس من المقبول أو المعقول أن يرفع المستثمر سعر وحدات الإسكان الاجتماعي بصورة مبالغ فيها، خصوصاً مع وجود منافسين يعرضون الوحدات السكنية بأسعار أقل».
كانت الحكومة المصرية قد وضعت شروطاً في السابق لتنفيذ هذه المبادرة، تقضي بتقديم شركات العقارات الراغبة في الانضمام للمبادرة خطاب ضمان بـ25 في المائة من إجمالي تكلفة المشروع، وهو ما تم رفضه من جانب المطورين العقاريين لصعوبة تنفيذه، وتم التغاضي عن هذا الشرط. وتطالب الشركات العقارية بأن «تكون الخدمات التي سيتم إنشاؤها في مشروعات الإسكان الاجتماعي مفتوحة على الخارج، وليست مغلقة على سكان التجمع السكني والمشروع، إضافة إلى رفع الكثافة السكانية ونسب البناء للفدان لتقليل تكلفة المشروعات». ووفقاً لبدر الدين، فإن «الحكومة المصرية وافقت على هذه المقترحات».
وقال النحاس إن «الدولة الآن في مأزق عقاري نتيجة البالونة العقارية التي صنعتها، والتي أدت إلى ارتفاع أسعار العقارات بشكل مبالغ فيه، مع انخفاض القوة الشرائية للمواطنين، ونتج عنها تجميد في سوق العقارات»، مشيراً إلى أن «الحل هو الاتجاه للإيجار التمويلي، أما اللجوء للقطاع الخاص لبناء الإسكان الاجتماعي، فسيرفع الأسعار ولن يستفيد منه إلا سماسرة العقارات»، موضحاً أنه «في ظل انخفاض القوة الشرائية للمواطنين، انتشرت ظاهرة بيع بطاقات الرقم القومي لسماسرة العقارات للحصول على وحدات إسكان اجتماعي بأسمائهم، ثم تأجيرها أو بيعها من الباطن فيما بعد»، مطالباً «بتفعيل القانون الخاص بأن مالك الوحدة هو من يسكنها لحل هذه المشكلة».
ويوفر برنامج الإسكان الاجتماعي الذي تتبناه الحكومة وحدات سكنية لمحدودي الدخل في 22 مدينة جديدة، بمساحات تصل إلى 90 متراً للوحدة. ووفقاً للبيانات الرسمية الصادرة عن صندوق الإسكان الاجتماعي والتمويل العقاري، فإنه «منذ بدء مشروع الإسكان الاجتماعي في عام 2014 حتى منتصف العام الماضي، وفر صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري تمويلاً لإنشاء 592 ألف وحدة سكنية، بتكلفة مليار ونصف المليار جنيه مصري».