«وادي إسلا» المصري يجتذب هواة السفاري ومراقبة النجوم

زيارته تتجاوز الطبيعة وعبق التاريخ

يجتذب الوادي هواة الاستكشاف والمغامرة والتصوير الفوتوغرافي
يجتذب الوادي هواة الاستكشاف والمغامرة والتصوير الفوتوغرافي
TT

«وادي إسلا» المصري يجتذب هواة السفاري ومراقبة النجوم

يجتذب الوادي هواة الاستكشاف والمغامرة والتصوير الفوتوغرافي
يجتذب الوادي هواة الاستكشاف والمغامرة والتصوير الفوتوغرافي

واحة تستكين بين الجبال، في لقاء متفرد مع الطبيعة... إنه وادي إسلا، من وديان الصحراء بجنوب شبه جزيرة سيناء المصرية. أول ما ستطأ قدماك المنطقة، سيبهرك المشهد البانورامي فيها. ستُعاين كيف تتعانق المناظر الطبيعية الخلابة والنقوش الصخرية الأثرية لحضارات متعاقبة على أرض سيناء، مع المنحوتات الصخرية رائعة الألوان التي صنعتها عوامل التعرية. ستشهد أيضاً آثار الإنسان الأول بسيناء منذ ما قبل التاريخ، والعيون الجبلية، إضافة إلى شلالات المياه الصغيرة، التي تستطيع أن تشرب منها ماء صافياً. فالمنطقة تتوفر على عدة آبار تستخدم لتوصيل المياه الناتجة عن السيول من أعلى الجبال للحدائق.
من الأشياء التي تأسر الزائر إلى إسلا، ممراته الضيقة ومناظره الطبيعية التي شكّلت مياه الأمطار بعضها، حين شقت نهراً صغيراً يسير مع المنحنيات ويعلو فوق المرتفعات، ثم يهبط متخذاً شكل الشلالات الصغيرة فوق منحدرات الوادي. كما أن صخوره متعددة الألوان في تكوين جيولوجي مميز تماهى مع خضرة النباتات والأشجار النادرة المحيطة به.
الآن يمثل وادي إسلا وجهة مثالية لعشاق الطبيعة، وأيضاً لهواة المغامرة والسفاري ومحبي الأبحاث التاريخية والجيولوجية. إنه «متعة حقيقية» على حدّ وصف جميل عطية، الدليل المحلي للمكان، الذي يوضح أن الوادي يبدأ من غرب طور سيناء، ويصب في سهل القاع، ويعتبر أجمل وادٍ في سيناء. وهو يمتد على 16 كيلومتراً، من طريق الطور إلى شرم الشيخ، ويتميز ببعده التاريخي؛ حيث كان يسلكه الحجاج والرهبان قديماً، كما كانت تسير فيه القوافل التجارية.
لم يفقد إسلا هذه السمعة، فهو لا يزال الطريق المفضل الذي يربط بين مدينتي سانت كاترين والطور، التي أصبحت مدينة سياحية من الدرجة الأولى. لكن الوادي أضيفت إليه أدوار جديدة، حسب شرح جميل عطية، في حديثه إلى «الشرق الأوسط»: «فهو لم يعد مجرد طريق تجاري أو تاريخي تلاقت وتعانقت عبره الأديان والحضارات، إنما أيضاً ارتبط بأنشطة متعددة ذات طابع سياحي ترفيهي يجذب هواة المغامرة والتصوير الفوتوغرافي والاستكشاف في رحلات قد تكون شاقة، لكنها ممتعة، من دون أن نستثني عشاق سياحة الاسترخاء تحت أشعة الشمس والتخييم ومراقبة النجوم والظواهر الفلكية». ينتظم الوادي في سلسلة أودية تنبع من قلب الكتلة أو الغابة الجبلية، كما يطلق عليها المصور الشاب أحمد عماد، موضحاً: «الطريق للوادي يحمل متعة لا تقل عن الوادي نفسه؛ حيث لا بد لمن يزوره أن يمر على جبال تمثل سقف سيناء أو مصر كلها. حتى بالنسبة لهؤلاء الذين سبق لهم تسلق جبل كاترين الذي يصل ارتفاعه لنحو 2641 متراً، وأقرب نقطة في مصر إلى السماء، يمكنهم خوض مغامرة جديدة عند تسلق جبل أم شومر (2586) الذي يقف بشموخ على مدخل وادي إسلا، ويراه كثيرون يفوق متعة تسلق كاترين لصعوبته الشديدة».
ربما لهذه الأسباب أصبح من الوجهات المفضلة للشباب ومن يتمتعون باللياقة البدنية، لما يتيحه تسلق الجبل من رؤية واضحة للطبيعة الخلابة في المنطقة، تمتد إلى طور، بكل ما تحتويه من جبال وأودية وسهول.
إلا أنه يُفضل، عند تسلق جبل أم شومر، ألا تكون بمفردك. تبدأ رحلة التسلق قبل الفجر لمشاهدة شروق الشمس من القمة، أو بعد الظهيرة بوقت متأخر لمشاهدة الغروب، وسيكون معك دائماً دليل محلي يعرف تفاصيل المكان وخباياه.
أما إذا كنت ممن يجدون في تسلق الجبال مشقة، أو ممن يعانون من الدوار من الأعالي، فمن الأفضل أن تستمتع في المقابل برحلة سفاري، أو التوجه مباشرة إلى وادي إسلا، مكتفياً بإشباع عينيك بجمال المكان، والتقاط الصور الفوتوغرافية لمختلف تفاصيله.
وهناك تلتقي بأهل المكان، وتتعرف على جانب من الثقافة البدوية الأصيلة، بحيث يمكنك تناول الطعام البدوي بأطباقه المميزة، واحتساء القهوة أو الشاي معهم في الاستراحة أو «المقعدة» كما يطلق عليها أهل المكان، وهو مكان يستقبلون فيه الضيوف الذين لا يعرفونهم لتقديم واجب الضيافة. كما يمكنك شراء هدايا تذكارية ومنتجات تقليدية، من أهمها الملابس والمفروشات ذات التطريز السيناوي، والكليم والسجاد اليدوي الذي لا يضاهيه منتج مماثل في أي مكان بالعالم. وعند مدخل الوادي توجد منطقة تسمى «المطلب»، وهي عبارة عن كهف داخل جبل صخري، تشتهر بأنها مكان يستجاب فيه الدعاء، ولذلك سميت بهذا الاسم.
وخلال الزيارة للوادي، ستتعرف على الحياة الطبيعية لأنواع من الحيوانات البرية، يواجه بعضها خطر الانقراض، فضلاً عن كم هائل من نباتات لا مثيل لها في باقي أقاليم مصر، منها ما يتمتع بقيمة غذائية عالية، ومنها ما يستخدم في أغراض صناعية وطبية وعطرية، مثل الزعتر والطرف والعشار والبوص وغيرها. ولا يمكن أن تصل إلى إسلا دون أن تختم رحلتك بزيارة مدينة طور عاصمة محافظة جنوب سيناء، التي تبعد بنحو 100 كيلومتر عن شرم الشيخ.
مدينة قديمة أثبتت الحفائر أنها كانت ميناءً تجارياً مهماً على خليج السويس في عصور بعيدة. إلى جانب شهرتها التاريخية جزءاً من سيناء أرض الأنبياء ومعبر الحجاج، وهو ما تشهد عليه آثارها التاريخية، فإن طور أصبحت أيضاً مدينة سياحية، تجمع بين زراعات النخيل والشاطئ الواقع بين مياه الخليج وسلسلة الجبال في الشرق، إضافة إلى شاطئ القمر الذي يتمتع بطبيعة خاصة، فهو عبارة عن لسان ممتد لداخل المياه بشاطئ رملي ناعم يمكن عبره إلقاء نظرة بانورامية على مدينة الطور بكاملها. أما بالنسبة لهواة الغوص، فإنهم يجدون بُغيتهم إما في الشاطئ الشرقي لخليج العقبة، وإما في منتجع شرم الشيخ الذي يبعد أقل من ساعة فقط.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)
من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)
TT

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)
من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد»، إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست»، يحتوي متحف بريطاني يعرض حيثيات أشهر الجرائم الأكثر إثارة للرعب على بعض من أكثر القطع الأثرية إزعاجاً والتي تعيد عقارب الساعة إلى الوراء وتشعرك بأحلك اللحظات في التاريخ.

ويعتبر «متحف الجريمة» (المتحف الأسود سابقاً) عبارة عن مجموعة من التذكارات المناطة بالجرائم المحفوظة في (نيو سكوتلاند يارد)، المقر الرئيسي لشرطة العاصمة في لندن، بإنجلترا.

مقتنيات استحوذ عليها المتحف من المزادات والتبرعات (متحف الجريمة)

وكان المتحف معروفاً باسم «المتحف الأسود» حتى أوائل القرن الحادي والعشرين، وقد ظهر المتحف إلى حيز الوجود في سكوتلاند يارد في عام 1874. نتيجة لحفظ ممتلكات السجناء التي تم جمعها بعد إقرار قانون المصادرة لعام 1870 وكان المقصود منه مساعدة عناصر الشرطة في دراستهم للجريمة والمجرمين. كما كان المتحف في البداية غير رسمي، لكنه أصبح متحفاً رسمياً خاصاً بحلول عام 1875. لم يكن مفتوحاً أمام الزوار والعموم، واقتصر استخدامه كأداة تعليمية لمجندي الشرطة، ولم يكن متاحاً الوصول إليه إلا من قبل المشاركين في المسائل القانونية وأفراد العائلة المالكة وغيرهم من كبار الشخصيات، حسب موقع المتحف.

جانب من القاعة التي تعرض فيها أدوات القتل الحقيقية (متحف الجريمة)

ويعرض المتحف الآن أكثر من 500 قطعة معروضة، كل منها في درجة حرارة ثابتة تبلغ 17 درجة مئوية. وتشمل هذه المجموعات التاريخية والمصنوعات اليدوية الحديثة، بما في ذلك مجموعة كبيرة من الأسلحة (بعضها علني، وبعضها مخفي، وجميعها استخدمت في جرائم القتل أو الاعتداءات الخطيرة في لندن)، وبنادق على شكل مظلات والعديد من السيوف والعصي.

مبنى سكوتلاند يارد في لندن (متحف الجريمة)

يحتوي المتحف أيضاً على مجموعة مختارة من المشانق بما في ذلك تلك المستخدمة لتنفيذ آخر عملية إعدام على الإطلاق في المملكة المتحدة، وأقنعة الموت المصنوعة للمجرمين الذين تم إعدامهم في سجن «نيوغيت» وتم الحصول عليها في عام 1902 عند إغلاق السجن.

وهناك أيضاً معروضات من الحالات الشهيرة التي تتضمن متعلقات تشارلي بيس ورسائل يُزعم أن جاك السفاح كتبها، رغم أن رسالة من الجحيم سيئة السمعة ليست جزءاً من المجموعة. وفي الداخل، يمكن للزوار رؤية الحمام الذي استخدمه القاتل المأجور جون تشايلدز لتمزيق أوصال ضحاياه، وجمجمة القاتل والمغتصب «لويس ليفيفر»، والحبل الذي استخدم لشنق المجرمين. وقال جويل غريغز مدير المتحف لـ«الشرق الأوسط» إن المتحف هو بمثابة واقع وجزء من التاريخ، مضيفاً: «لا أعتقد أنه يمكنك التغاضي عن الأمر والتظاهر بأن مثل هذه الأشياء لا تحدث. هناك أشخاص سيئون للغاية».

وقال جويل إنه لا يريد الاستخفاف بالرعب، وقال إنهم حاولوا تقديم المعروضات بطريقة لطيفة، وأضاف: «عندما أنظر إلى مجلات الجريمة في المحلات التجارية، فإنها تبدو مثل مجلات المسلسلات ومجلات المشاهير، لذلك يُنظر إليها على أنها نوع من الترفيه بطريقة مماثلة».

وتُعرض البراميل الحمضية الأسيدية المستخدمة من قبل جون جورج هاي، والمعروف باسم قاتل الحمامات الحمضية، في كهف خافت الإضاءة. وهو قاتل إنجليزي أدين بقتل 6 أشخاص، رغم أنه ادعى أنه قتل 9. وفي مكان آخر، يمكن للزوار مشاهدة رسائل حب كان قد أرسلها القاتل الأميركي ريتشارد راميريز إلى مؤلفة بريطانية تدعى ريكي توماس، وكان يعرف راميريز باسم «المطارد الليلي»، لسكان كاليفورنيا بين عامي 1984 و1985 وأدين بـ13 جريمة قتل وسلسلة من اقتحام المنازل والتشويه والاغتصاب. وكشفت ريكي، التي كتبت عدداً من الكتب الأكثر مبيعاً عن القتلة المحترفين، أنها اتصلت بالقاتل في مرحلة صعبة من حياتها وشعرت بجاذبية جسدية قوية ناحيته. ووصفت رسالتها الأولى إلى راميريز بأنها «لحظة جنون». وقالت في حديثها إلى صحيفة «سوسكس بريس» المحلية: «كان رجلاً جيد المظهر، لكنني لم أشعر قط بأنني واحدة من معجباته». وقررت المؤلفة التبرع بالرسائل للمتحف عام 2017 لإعطاء فكرة عن عقلية الوحش.

من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

وفي الوقت نفسه، يعرض متحف الجريمة أيضاً السراويل البيضاء التي كانت ترتديها القاتلة روز ويست، والتي تم شراؤها بمبلغ 2500 جنيه إسترليني في المزاد. وحصل على تلك السراويل ضابط سجن سابق كان يعمل في برونزفيلد، حيث سجنت ويست لمدة 4 سنوات حتى عام 2008. وقامت روزماري ويست وزوجها فريد بتعذيب وقتل ما لا يقل عن 10 فتيات بريطانيات بين عامي 1967 و1987 في غلوسترشير. واتهم فريد بارتكاب 12 جريمة قتل، لكنه انتحر في السجن عام 1995 عن عمر 53 عاماً قبل محاكمته. وقد أدينت روز بارتكاب 10 جرائم قتل في نوفمبر (تشرين الثاني) 1995 وهي تقضي عقوبة بالسجن مدى الحياة.

يعرض المتحف الآن أكثر من 500 قطعة (متحف الجريمة)

تم التبرع بمعظم القطع الأثرية للمتحف، وقام أيضاً جويل بشراء الكثير منها في مزادات علنية.

في مكان آخر في المتحف المخيف يمكن للزوار رؤية السرير الحقيقي للموت بالحقنة القاتلة والقراءة عن الضحايا والمشتبه بهم الذين لهم صلة بجاك السفاح بين عامي 1878 إلى 1898.

الأسلحة التي استخدمت في الجريمة (متحف الجريمة)

وفي الوقت نفسه، يضم المتحف قفازات الملاكمة التي تحمل توقيع رونالد وريجينالد كراي، والمعروفين أيضاً باسم «التوأم كراي». كان روني وريجي المخيفان يديران الجريمة المنظمة في منطقة إيست إند في لندن خلال الخمسينات والستينات قبل أن يسجن كل منهما على حدة في عام 1969 ثم انتقل كلاهما إلى سجن باركهرست شديد الحراسة في أوائل السبعينات. وتوفي روني في نهاية المطاف في برودمور عام 1995، عن عمر 62 عاماً. في أغسطس (آب) 2000. تم تشخيص ريجي بسرطان المثانة غير القابل للجراحة، وتوفي عن 66 عاماً بعد وقت قصير من الإفراج عنه من السجن لأسباب إنسانية.