عملية للشرطة بشمال كوسوفو يقابلها استنفار للجيش الصربي

حاجز للشرطة على طريق قرية كابرا بشمال كوسوفو (إ. ب. أ)
حاجز للشرطة على طريق قرية كابرا بشمال كوسوفو (إ. ب. أ)
TT

عملية للشرطة بشمال كوسوفو يقابلها استنفار للجيش الصربي

حاجز للشرطة على طريق قرية كابرا بشمال كوسوفو (إ. ب. أ)
حاجز للشرطة على طريق قرية كابرا بشمال كوسوفو (إ. ب. أ)

واجهت عملية للشرطة تستهدف الجريمة المنظمة في كوسوفو، خصوصا في المناطق التي تسكنها أكثرية صربية في شمال البلاد «مقاومة مسلحة»، كما أعلنت وزارة الداخلية. وأصيب شرطي بحسب أغين بهتيري، رئيس بلدية الجزء الألباني من مدينة ميتروفيتشا المقسومة.
وتحدث مسؤول من الصرب المحليين، طالبا عدم كشف اسمه، عن تبادل لإطلاق النار في قرية زوبين بوتوك بين الشرطة الكوسوفية ومسلحين صرب.
وفي البلدات ذات الاكثرية الصربية في شمال الدولة الصغيرة التي أعلنت استقلالها عام 2008، تواجه سلطات بريشتينا صعوبة في فرض سيادتها وتصطدم كل عملية للشرطة برد فعل معاد.
وجاء في بيان لوزارة الداخلية: «رغم حصول مقاومة مسلحة في شمال ميتروفيتشا، تتواصل عملية الشرطة، بما في ذلك التوقيفات ومراقبة عدد كبير من المواقع».
وقال رئيس الوزراء راموش هاراديناي: «بناء على أمر المدعي العام، تجري عملية للشرطة في كل أنحاء كوسوفو، مستهدفة أفرادا ضالعين في التهريب والجريمة المنظمة وجرائم أخرى»، موضحا أن عناصر من الشرطة هم بين الموقوفين.
وعلى غرار ما فعل على في كل مرة يرتفع فيها منسوب التوتر في شمال كوسوفو، أمر الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش بوضع وحدات الجيش الصربي في حالة تأهب، علماً أن صربيا لا تعترف باستقلال إقليمها السابق الذي تسكنه اكثرية من الألبان. كما ترى بلغراد في العملية محاولة من السلطات في بريشتينا للسيطرة على الأجزاء الشمالية من كوسوفو.
وفي كلمة عاجلة إلى البرلمان قال الرئيس الصربي إن بلغراد «ستسعى إلى الحفاظ على السلم والاستقرار»، لكنها في الوقت نفسه جاهزة للرد. وأضاف: «باعتباري القائد الأعلى وضعت وحدات الجيش في حالة استعداد قتالي كامل لتحمي شعبنا إذا وقع أي تهديد حقيقي للنظام أو الشعب في شمال كوسوفو».
في تطور آخر، دانت بعثة الأمم المتحدة في كوسوفو توقيف شرطة كوسوفو لإثنين من موظفيها أصيبا بجروح خلال أعمال العنف. وجاء في بيان للبعثة: «نتابع بقلق كبير التطورات في شمال كوسوفو (...) ومنها اعتقال إثنين من موظفي الأمم المتحدة أثناء تأديتهما مهماتهما... نقل الموظفان إلى المستشفى لمعالجة جروحهما».
وفي موسكو، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن روسياً «يعمل مع الأمم المتحدة أوقف مع أنه يتمتع بحصانة دبلوماسية... نعتبر أن هذا العمل المعيب دليل آخر على النهج الاستفزازي» لقادة كوسوفو.
وردّ رئيس كوسوفو هاشم تاجي إن المواطن الروسي «كان يمنع شرطة كوسوفو من القيام بواجباتها مستفيداً من وضعه كدبلوماسي».
وحذر ممثل الأمم المتحدة في كوسوفو زاهر تانين من أن «أي ضرر يلحق بموظفين أمميين سيستدعي رداً على أعلى المستويات الدبلوماسية والقانونية».
 



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.