النظام يشن 20 غارة على حي جوبر في دمشق.. وحريق كبير في محيط القصر الرئاسي

قتلى وجرحى في قصف حافلة ركاب بدير الزور.. وسقوط 10 براميل متفجرة على حلب

جنديان سوريان يسيران في أحد شوارع مدينة حلب المدمرة جراء العمليات القتالية بين النظام والمعارضة، أمس (أ.ف.ب)
جنديان سوريان يسيران في أحد شوارع مدينة حلب المدمرة جراء العمليات القتالية بين النظام والمعارضة، أمس (أ.ف.ب)
TT

النظام يشن 20 غارة على حي جوبر في دمشق.. وحريق كبير في محيط القصر الرئاسي

جنديان سوريان يسيران في أحد شوارع مدينة حلب المدمرة جراء العمليات القتالية بين النظام والمعارضة، أمس (أ.ف.ب)
جنديان سوريان يسيران في أحد شوارع مدينة حلب المدمرة جراء العمليات القتالية بين النظام والمعارضة، أمس (أ.ف.ب)

سقط 16 قتيلا في قصف نفذه الطيران النظامي الحربي على حافلة ركاب بدير الزور، وخمسة آخرون جراء انفجار عبوتين ناسفتين في حافلة أخرى تقل مواطنين على طريق داما – عريقة، بريف السويداء. وجاء ذلك بينما واصلت قوات النظام قصفها أمس على حي جوبر في دمشق لليوم الخامس على التوالي، فيما هز صوت انفجار قوي حي الروضة بالعاصمة جراء سقوط قذيفة على مبنى سكني في محيط القصر الرئاسي أصابت خزان وقود منزليا وتسببت في اندلاع حريق كبير.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن صاروخا استهدف حافلة عند منطقة الشولا بدير الزور، كانت في طريقها إلى العاصمة دمشق، مما أدى إلى مقتل 16 شخصا بينهم 10 أطفال، مشيرا إلى أن عدد القتلى مرشح للارتفاع بسبب وجود جرحى في حالات خطرة، في حين ذكرت شبكة دير الزور الإخبارية أن بين القتلى خمسة أطفال من عائلة واحدة، ونقل الضحايا إلى مستشفى الخريطة الميداني.
كذلك نفذ الطيران الحربي غارتين على مناطق بالقرب من مقار لتنظيم داعش في مدينة موحسن بالريف الشرقي لدير الزور وبلدة محيميدة في الريف الغربي. وأشارت «شبكة سوريا مباشر» إلى سقوط خمسة قتلى وتسعة جرحى في انفجار عبوة ناسفة في حافلة على الطريق بين بلدتي بداما وعريقة بريف محافظة السويداء جنوب البلاد. وأفاد مصدر في قيادة شرطة محافظة السويداء، لوكالة الأنباء السورية (سانا)، بأن «حافلة لنقل الركاب كانت متجهة من قرية حران بريف السويداء إلى دمشق تعرضت لاعتداء بتفجير عبوتين ناسفتين على طريق داما – عريقة، زنة إحداهما 10 كيلوغرامات والثانية 20 كيلوغراما». وأوضح أن «الاعتداء أسفر عن مقتل 5 أشخاص وإصابة 9 آخرين أسعفوا إلى المستشفى الوطني بالسويداء لتلقي العلاج».
وفي غضون ذلك، جددت قوات النظام قصف حي جوبر بضواحي العاصمة دمشق بمختلف أنواع الأسلحة، وأفاد شهود من الأهالي لوكالة الأنباء الألمانية بأن الطيران الحربي التابع للنظام لم يهدأ منذ صباح أمس، إذ توالى قصف الحي بالصواريخ والقذائف، وهزت أصوات الانفجارات المناطق القريبة من الحي. وقال الشهود إن أكثر من 20 غارة استهدفت الحي، كما طال قصف مدفعي وصاروخي مناطق فيه، فيما خفت حدة الاشتباكات في محيطه، إذ اعتمدت قوات النظام على القوة النارية الكبيرة للطيران والمدفعية وراجمات الصواريخ. وتصاعد الدخان الأبيض الناجم عن انفجارات القذائف من مناطق عدة في حي جوبر، ولم ترد أنباء عن إصابات جراء القصف.
وبدأ النظام منذ الأسبوع الماضي حملة ضد حي جوبر الذي تسيطر عليه قوات المعارضة منذ أكثر من عام، في محاولة لاستعادة السيطرة عليه، عقب استعادته بلدة المليحة القريبة منه.
وفي دمشق أيضا، أفادت مصادر مطلعة بأن عدة قذائف سقطت في مناطق العاصمة، الواقعة تحت سيطرة النظام. وسقطت قذيفة في شارع بغداد دون أنباء عن إصابات، كما سقطت قذيفتان في حي المهاجرين قرب ساحة الأمويين، مما أدى إلى تصاعد كثيف للدخان. ودوى صوت انفجار قوي في حي الروضة بالعاصمة جراء سقوط قذيفة على مبنى سكني في محيط القصر الرئاسي أصابت خزان وقود منزليا وتسببت في اندلاع حريق كبير. وشوهدت سحابة دخان أسود تغطي حيي الروضة والمالكي، وسمعت أصوات سيارات الإسعاف والإطفاء تسرع إلى المكان.
وفي حلب، ألقت طائرات النظام أكثر من 10 براميل متفجرة صباح أمس على السيارات في طريق الكاستلو الرئيس شمال المدينة، أسفرت عن سقوط عشرات المارة بين قتيل وجريح، إضافة إلى تدمير واحتراق العديد من سيارات النقل جراء القصف. كما ألقي برميل متفجر على مدينة الباب بريف حلب، وتعرضت بلدة أرشاف وقرية تركمان بارح في الريف الحلبي للقصف المدفعي من قبل قوات النظام، فيما سيطرت الكتائب الإسلامية المقاتلة على مقرات في حي سليمان الحلبي وسط مدينة حلب.
وفي ريف إدلب، واصلت طائرات النظام غاراتها على مدن وبلدات ريف المحافظة، والتي استهدفت إحداها مناطق معرة مصرين وبنش ورام حمدان، وأسفرت عن تهدم مدرسة في مدينة سراقب بالتزامن مع إلقاء المروحيات براميل متفجرة على معرة النعمان، مما أدى إلى سقوط جرحى.
وفي تطور لاحق أمس، أفاد «مكتب حماه الإعلامي» بمقتل 40 عنصرا من قوات النظام في معركة «كسر المعصم» على جبهة بطيش بريف حماه، وتمكن «الجيش الحر» و«الكتائب الإسلامية المقاتلة» في المنطقة من الاستيلاء على ست آليات. وأشارت «شبكة سوريا مباشر» إلى سيطرة الكتائب المقاتلة على ثلاث نقاط لقوات النظام جنوب مدينة حلفايا القريبة منها بعد اشتباكات عنيفة.
من جهة أخرى، أفادت الإذاعة الإسرائيلية بأن قذيفتي هاون سقطتا قرب السياج الأمني في هضبة الجولان المحتلة الليلة الماضية، مشيرة إلى أن القذيفتين أطلقتا من الطرف السوري من الحدود من دون أن تقع إصابات أو أضرار، فيما لم يظهر أي جديد على خط قضية العناصر الـ45، من قوات فيغي، المختطفين لدى «جبهة النصرة»، التي سيطرت على معبر القنيطرة الحدودي، الأسبوع الماضي. وكانت «النصرة» اشترطت حذفها من لائحة الإرهاب الدولي للإفراج عن المخطوفين.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.