إضراب عام في السودان... و«الأمة» يحذر من التصعيد

مسافرون يقفون خارج مطار الخرطوم حيث بدأ موظفون إضرابا عاما اليوم (أ.ف.ب)
مسافرون يقفون خارج مطار الخرطوم حيث بدأ موظفون إضرابا عاما اليوم (أ.ف.ب)
TT

إضراب عام في السودان... و«الأمة» يحذر من التصعيد

مسافرون يقفون خارج مطار الخرطوم حيث بدأ موظفون إضرابا عاما اليوم (أ.ف.ب)
مسافرون يقفون خارج مطار الخرطوم حيث بدأ موظفون إضرابا عاما اليوم (أ.ف.ب)

بدأ في السودان، اليوم (الثلاثاء)، إضراب عام دعت له قوى من المعارضة، وذلك للضغط على المجلس العسكري الانتقالي بعد تعثر المفاوضات بين الجانبين، بينما حذر صديق الصادق المهدي القيادي في حزب «الأمة» المعارض من حدوث تصعيد يضيع كل ما تم التوصل إليه إلى الآن.
وقالت مصادر من المعارضة إن الإضراب، المقرر أن يستمر حتى يوم غد «بدأ في جميع مؤسسات القطاع الحكومي والخاص».
وأعلن موظفون في مطار الخرطوم والبنك المركزي وشركة الكهرباء والنيابة العامة، أنهم سيتوقفون عن العمل لمدة 48 ساعة.
وكتب «تجمع المهنيين»، وهو أحد مكونات قوى «الحرية والتغيير» التي تقود الحراك الشعبي في السودان، على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «سنمضي معاً لخيار الإضراب كضرورة حتمية لإنجاز أهداف الثورة، دفعتنا إليها مقتضيات المرحلة وتعنت المجلس (العسكري) ونأمل صادقين أن يوقف المجلس تجاربه في اختبار إرادة الشعب».
ودعا التجمع ألا يشمل الإضراب القطاعات الحيوية مثل المواصلات العامة وأقسام الطوارئ بالمستشفيات.
وعلق مئات الركاب في مطار الخرطوم الدولي وكذلك في محطة الحافلات الرئيسية في العاصمة إثر انضمام العديد من الموظفين إلى الإضراب. كما توقف موظفون في مكاتب حكومية وفي شركات خاصة عن العمل. وهتف عشرات الموظفين في المطار «حكم مدني حكم مدني»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وحمل موظفون آخرون لافتات أو وضعوا شارات كتب عليها «أنا مضرب».
وعلّقت شركات الطيران السودانية "بدر" و"تاركو" و"نوفا" رحلاتها اليوم، لكن بعض الرحلات الدولية ظلت على قوائم الوصول والمغادرة. وألغت مصر للطيران رحلاتها الثلاثاء إلى الخرطوم فيما قالت شركة "فلاي دبي" إنها "تراقب" الموقف.
كما عَلِق ركاب في محطة الخرطوم الرئيسية للركاب بسبب مشاركة مئات الموظفين في الإضراب. وحمل بعض الموظفين لافتات تقول «لا حافلات اليوم وغدا. نحن مضربون».
وفي بورتسودان، المرفأ الاقتصادي الحيوي، انضم العديد من الموظفين للإضراب. وقال الموظف على رصيف المرفأ عثمان طاهر «نريد حكما مدنيا للتخلص من الفساد في بورتسودان».
من جانبه، جدد صديق الصادق المهدي التأكيد على أن حزب «الأمة» لا يشارك في الإضراب. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) عن المهدي قوله إن «الحزب يرفض المشاركة في الإضراب، رغم كونه «جزءا أصيلا من قوى الحرية والتغيير» خوفا من أن يفتح التصعيد الباب أمام ردود فعل متبادلة من الجانبين.
وشدد على أن موقف حزبه برفض المشاركة بالإضراب ليس لترجيح كفة المجلس العسكري على حساب قوى الحرية والتغيير،التي تقود الحراك الشعبي في السودان، وإنما «حرصا على روح الشراكة بين الطرفين في إدارة الفترة الانتقالية واستمرار التفاوض بينهما، خاصة في ظل توصلهما لاتفاقات حول نقاط عديدة مهمة بالفترة الماضية كالاتفاق على هياكل المجالس التنفيذية والتشريعية والمشاركة في المجلس السيادي، مع بقاء الاختلاف على نسب التمثيل به، وبالتالي فإن مزيدا من الصبر قد يكون مطلوبا لتجاوز العقبات الباقية والاستمرار في بناء جسور الثقة».
ونفى المهدي أن يكون حزب «الأمة» بديلا يسعى المجلس العسكري الانتقالي ليحله منفردا محل قوى الحرية والتغيير خلال التفاوض، واعتبر أن "وصف المجلس العسكري للحزب بالمعتدل جاء في إطار الواقع، فنحن حزب يفكر ويتصرف بموضوعية واعتدال، ولن ندخل بالنوايا لنعلم إن كانت هناك نوايا بشق صفوف المعارضة من عدمه".
وشدد: «لسنا بدلاء لأحد ولا نطرح أنفسنا بهذه الصيغة. وسبق أن أعلنا  بوضوح أن هناك إشارات سلبية من قبل المجلس العسكري كقرار فك تجميد النقابات»، مضيفاً: «مبدأ الإضراب أو التصعيد ليس مرفوضا لدينا كمبدأ، ولكننا نرى أن توقيته غير مناسب، وأنه لا يجب القيام به إلا بعد استنفاد كل فرص التفاوض، حتى لا نفتح الباب لردود الفعل المتبادلة ويتم ضياع كل ما وصلنا إليه ... كما أن القرار يجب أن يُتخذ على مستوى قيادي وتنظيمي أعلى داخل قوى الحرية والتغيير، ويضم تمثيلا أكبر لكل القوى المشاركة بهذا الكيان».
وكان نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي، محمد حمدان دقلو، المعروف بحميدتي، اتهم أمس دولا وقوى بـ«هندسة» الفتنة في البلاد، والسعي إلى الوقيعة بين القوات المسلحة وقوى الحرية، وفقا لما نقلته عنه وسائل إعلام سودانية. إلا أنه لفت إلى أن المجلس العسكري لن يقفل باب التفاوض مع المعارضة، بل إنه يسعى لإشراك الأطراف الأخرى في السلطة المدنية. وتعهد بأن المجلس لن يسلم السودان إلا لأياد أمينة.
وانتقد حميدتي قوى الحرية والتغيير، وقال إنهم «لا يريدوننا شركاء بل في موقع شرفي». وأضاف أن القوى «تريد تغيير كل الأجهزة بما فيها الدعم السريع والأجهزة الأمنية والمدنية».
وشدد حميدتي على أن المجلس لن يسلم السلطة إلا لحكومة مدنية تمثل كل الشعب السوداني.
وكان المجلس العسكري يجري محادثات مع قوى «الحرية والتغيير» من أجل الاتفاق على إدارة المرحلة الانتقالية، إلا أن المحادثات تعثرت بعد اختلافهما حول توزيع المناصب بين العسكريين والمدنيين، وحول من يرأس مجلس السيادة الذي سيتولى حكم البلاد في المرحلة الانتقالية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.