أحزاب سلفية تونسية تستعد للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة.. وأخرى تعلن مقاطعتها

«جبهة الإصلاح» تقدم لوائح انتخابية في 23 دائرة

أحزاب سلفية تونسية تستعد للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة.. وأخرى تعلن مقاطعتها
TT

أحزاب سلفية تونسية تستعد للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة.. وأخرى تعلن مقاطعتها

أحزاب سلفية تونسية تستعد للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة.. وأخرى تعلن مقاطعتها

تستعد مجموعة من الأحزاب السياسية التونسية ذات المرجعية السلفية للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة. وتشمل القائمة حزب الأصالة الذي يقوده المولدي مجاهد، وحزب جبهة الإصلاح الذي أسسه محمد بلخوجة، فيما أعلن حزب التحرير مقاطعته العملية الانتخابية متعللا بأن منظومة الحكم في تونس مسبوقة بمنظومة تحكم غربية تكمن في الاعتمادات الغربية الموجهة لتونس قبل الانتخابات وبعدها.
وتختلف رؤية تلك الأحزاب تجاه العملية الانتخابية، إذ عدت بعضها المشاركة أفضل من التسليم للآخرين، وعدم المنافسة على خدمة الناس، فيما لا ترى أحزاب سلفية أخرى أي جدوى من المشاركة في الانتخابات، وتعتقد أن «النتائج معدة ومعلومة مسبقا».
وعابت عدة أحزاب سلفية على حركة النهضة ذات المرجعية الإسلامية الفائزة في انتخابات 2011 تنازلها عن حلم الخلافة وعن التصديق على دستور تونسي مصدره الشريعة الإسلامية، ووجهت لها عدة انتقادات أثناء فترة حكمها تونس ضمن ائتلاف الترويكا المكون من حزبي «التكتل» و«المؤتمر»، ومن المنتظر أن تستعمل هذه الورقة في حملتها الانتخابية.
ولم تشارك أحزاب إسلامية كثيرة في انتخابات «المجلس التأسيسي» التي جرت يوم 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2011 ما عدا حركة النهضة التي حصلت على 89 مقعدا، وحزب العدل والتنمية الذي تأسس بعد الثورة بزعامة محمد الصالح الحدري، إذ إن معظم تلك الأحزاب لم يكن لها في ذاك التاريخ وجود قانوني، ومن المتوقع أن تختلف الصورة خلال ثاني انتخابات تنظم بعد الثورة.
وفي سياق ذلك، تقدم حزب جبهة الإصلاح بمرشحين في مجموعة من الدوائر الانتخابية، في نطاق ائتلاف مع حزب الاستقلال الوطني. وصرح محمد بلخوجة مؤسس الحزب لـ«الشرق الأوسط» بأن الائتلاف الانتخابي سيتقدم في 23 دائرة انتخابية ضمن لوائح انتخابية تحمل شعار «الشعب يريد».
وأشار بلخوجة إلى الاستعدادات الحثيثة لعقد المؤتمر الأول لحزب جبهة الإصلاح المبرمج يومي 5 و6 سبتمبر (أيلول) الحالي في العاصمة التونسية. ومن المنتظر أن ينبثق المؤتمر عن انتخاب مجلس شورى ورئيس منتخب للحزب لتبدأ مرحلة جديدة في تاريخه مبنية على مبدأ الانتخاب والاحتكام إلى صناديق الاقتراع. وحصلت «جبهة الإصلاح» على الترخيص القانوني في مايو (أيار) 2012.
وفي الاتجاه نفسه، اعتمد البعض الآخر من الأحزاب السلفية على فتوى بعض شيوخ السلفية (بنزرت والقيروان على سبيل المثال) بجواز المشاركة في الانتخابات والتصريح بأن الديمقراطية ليست كفرا، وتقدم تبعا لذلك بلوائح انتخابية للمنافسة على مقاعد بعض الدوائر الانتخابية.
ولم يتوصل حزب الأصالة سوى إلى تشكيل 4 لوائح انتخابية بمناطق قابس ومدنين وتطاوين، وهي مدن تقع كلها في الجنوب .



«دواء مر»... مخاوف عميقة وشراكة قلقة تجمع مصريين بـ«النقد الدولي»

السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي الأحد في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي الأحد في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

«دواء مر»... مخاوف عميقة وشراكة قلقة تجمع مصريين بـ«النقد الدولي»

السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي الأحد في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي الأحد في القاهرة (الرئاسة المصرية)

رغم قناعتهم بأنه الملجأ وقت الأزمات، وأنه الطريق الذي «لا بديل عنه» عندما تعصف التحديات الاقتصادية بالدولة، تجمع شراكة «قلقة» مصريين بـ«صندوق النقد الدولي»، وسط مخاوف عميقة من تبعات الالتزام بشروطه وتأثيرها في قدرتهم على تلبية احتياجاتهم اليومية، حتى باتت صورة الصندوق لدى كثيرين أشبه بـ«الدواء المر»، يحتاجون إليه للشفاء لكنهم يعانون تجرعه.

على قارعة الطريق جلست سيدة محمود، امرأة خمسينية، تبيع بعض الخضراوات في أحد شوارع حي العجوزة، لا تعلم كثيراً عن صندوق النقد وشروطه لكنها تدرك أن القروض عادةً ما ترتبط بارتفاع في الأسعار، وقالت لـ«الشرق الأوسط» ببساطة: «ديون يعني مزيداً من الغلاء، المواصلات ستزيد والخضار الذي أبيعه سيرتفع سعره».

وتنخرط مصر حالياً في تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي مع صندوق النقد الدولي تم الاتفاق عليه في نهاية 2022، بقيمة ثلاثة مليارات دولار، قبل أن تزيد قيمته في مارس (آذار) الماضي إلى ثمانية مليارات دولار، عقب تحرير القاهرة لسعر الصرف ليقترب الدولار من حاجز الـ50 جنيهاً. وتلتزم مصر في إطار البرنامج بخفض دعم الوقود والكهرباء وسلع أولية أخرى، مما دفع إلى موجة غلاء يشكو منها مصريون.

«دواء مر»، هكذا وصف الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة، قروض صندوق النقد الدولي، مشيراً إلى ما يثيره «الصندوق»، في نفوس المصريين من «قلق»، ارتباطاً بما تولِّده «الديون والقروض» في نفوسهم من «أعباء ومخاوف».

يقول بدرة لـ«الشرق الأوسط» إن «المصريين دائماً ما يتحفزون ضد الصندوق نظراً لمتطلباته التي عادةً ما تؤثر في حياتهم وتزيد من أعبائهم المالية». وفي الوقت نفسه يؤكد بدرة أنه «لم يكن هناك باب آخر أمام الدولة المصرية إلا الصندوق في ظل أزمة اقتصادية بدأت عام 2011، وتفاقمت حدتها تباعاً».

كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد أكد خلال لقائه ومديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، الأحد، في القاهرة أن «أولوية الدولة هي تخفيف الضغوط والأعباء عن كاهل المواطنين».

وتأتي زيارة غورغييفا للقاهرة عقب دعوة السيسي، نهاية الشهر الماضي، لمراجعة قرض صندوق النقد مع مصر «حتى لا يشكل عبئاً على المواطن» في ظل التحديات الجيوسياسية التي تعاني منها البلاد، وأعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أن «المراجعة الرابعة للقرض ستبدأ الثلاثاء»، وهي واحدة من أصل ثماني مراجعات في البرنامج.

الوصفة الاقتصادية القياسية التي يقدمها صندوق النقد عادةً ما ترتبط بالسياسة النقدية والمالية، لكنها «لا تشكل سوى ثلث المطلوب لتحقيق الإصلاح الاقتصادي والهيكلي»، حسب الخبير الاقتصادي هاني توفيق الذي أشار إلى أنه «لا ينبغي ربط كل الأعباء والتداعيات الاقتصادية بقرض صندوق النقد».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «اشتراطات صندوق النقد أو متطلباته أمور منطقية لكن لا بد أن تمتزج بخطوات إصلاح هيكلي اقتصادي لتحفيز الاستثمار والنظر في الأولويات».

بدوره، قال الخبير الاقتصادي المصري، مدحت نافع لـ«الشرق الأوسط» إن «صندوق النقد كأي مؤسسة مالية أخرى هو جهة مقرضة، لديها شروط مرتبطة بحجم مخاطر الدين وبأجندتها التي قد لا تتوافق دائماً مع أجندة الدولة وأولوياتها الوطنية».

ولفت نافع إلى أن «دراسات عدة أشارت إلى أن برامج صندوق النقد عادةً ما تحقق أهدافاً جيدة على المدى القصير من حيث كبح جماح التضخم وتحرير سعر الصرف، لكنها على المدى الطويل قد تؤدي إلى تداعيات سلبية على مستويات النمو الاقتصادي ونسب عجز الموازنة والبطالة».

لكن رغم ذلك يؤكد نافع أن «مصر كانت بحاجة إلى قرض صندوق النقد»، فهو على حد وصفه «شهادة دولية تتيح لمصر الحصول على تمويلات أخرى كانت في أمسّ الحاجة إليها في ظل أزمة اقتصادية طاحنة».

علاقة مصر مع صندوق النقد تاريخية ومعقدة، ويرتبط في مخيلة كثيرين بوصفات صعبة، تدفع نحو اضطرابات سياسية وأزمات اقتصادية، وربما كان ذلك ما حفَّزهم أخيراً لتداول مقاطع فيديو للرئيس الراحل حسني مبارك يتحدث فيها عن رفضه الانصياع لشروط الصندوق، حتى لا تزيد أعباء المواطنين، احتفى بها رواد مواقع التواصل الاجتماعي.

وهنا يرى بدرة أن «الظروف السياسية والاقتصادية في عهد مبارك كانت مغايرة، والأوضاع كانت مستقرة»، مشيراً إلى أن «مبارك استجاب لمتطلبات الصندوق وحرَّك سعر الصرف لتصل قيمة الدولار إلى 3.8 جنيه بدلاً من 2.8 جنيه».

واتفق معه توفيق، مؤكداً أن «الوضع الاقتصادي في عهد مبارك كان مختلفاً، ولم تكن البلاد في حالة القلق والأزمة الحالية».

ووفقاً لموقع صندوق النقد الدولي، نفّذت مصر في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي أربعة برامج اقتصادية بدعم مالي من الصندوق، بقيمة 1.850 مليار دولار، لكنها لم تصرف سوى خمس المبلغ فقط، ما يعادل 421.3 مليون دولار. حيث تم إلغاء وعدم استكمال بعضها، بعد أن مكَّن الاتفاق مع الصندوق مصر من إلغاء 50 في المائة من دينها الرسمي في «نادي باريس».

ولتلافي التداعيات السلبية لقرض «صندوق النقد» أو على الأقل الحد منها، شدد نافع على «ضرورة الموازنة بين متطلبات (صندوق النقد) وبين أجندة الدولة الإصلاحية».

وقال: «تعديل شروط الصندوق أو تأجيل تنفيذ بعضها ليس صعباً في ظل أن الهدف الأساسي من الخطة، وهو كبح التضخم، لم يتحقق»، مشيراً في السياق نفسه إلى أن «الصندوق أيضاً متورط ويرى أن عدم نجاح برنامجه مع مصر قد يؤثر سلباً في سمعته، مما يتيح إمكانية للتفاوض والتوافق من أجل تحقيق أهداف مشتركة».

وانضمت مصر لعضوية صندوق النقد الدولي في ديسمبر (كانون الأول) 1945، وتبلغ حصتها فيه نحو 1.5 مليار دولار، وفقاً لموقع الهيئة العامة للاستعلامات، الذي يذكر أن «تاريخ مصر مع الاقتراض الخارجي ليس طويلاً، وأن أول تعاملاتها مع الصندوق كان في عهد الرئيس الراحل أنور السادات عامَي 1977 و1978 بهدف حل مشكلة المدفوعات الخارجية وزيادة التضخم».

وعقب أحداث 2011 طالبت مصر بالحصول على قرض من الصندوق مرة في عهد «المجلس العسكري» ومرتين في عهد الرئيس السابق محمد مرسي، لكنها لم تحصل عليه. وعام 2016 وقَّعت مصر اتفاقاً مع الصندوق مدته ثلاث سنوات بقيمة 12 مليار دولار. وعام 2020 حصلت مصر على 2.77 مليار دولار مساعدات عاجلة للمساهمة في مواجهة تداعيات الجائحة، وفقاً لهيئة الاستعلامات.