دعوات سياسية يمنية للتصعيد ضد أداء غريفيث

رغم محاولة الأمين العام للأمم المتحدة لاسترضاء الرئيس هادي

طفل يمني يعبر شارعاً غمرته الأمطار الغزيرة في العاصمة صنعاء أمس (أ.ف.ب)
طفل يمني يعبر شارعاً غمرته الأمطار الغزيرة في العاصمة صنعاء أمس (أ.ف.ب)
TT

دعوات سياسية يمنية للتصعيد ضد أداء غريفيث

طفل يمني يعبر شارعاً غمرته الأمطار الغزيرة في العاصمة صنعاء أمس (أ.ف.ب)
طفل يمني يعبر شارعاً غمرته الأمطار الغزيرة في العاصمة صنعاء أمس (أ.ف.ب)

رغم محاولة الاسترضاء التي ضمنها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في رسالته إلى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي رداً على شكوى الأخير من المبعوث مارتن غريفيث، فإن الدعوات في الأوساط السياسية اليمنية لا تزال ترى أن الأمر غير كافٍ، وأنه لا بد من الاستمرار في مواجهة أداء غريفيث حتى النهاية.
وكانت ضغوط الشارع اليمني والأوساط السياسية والحقوقية نجحت في شن حملة واسعة من الانتقادات لأداء المبعوث الأممي فيما يخص تنفيذ اتفاق استوكهولم ومباركته للانسحاب الصوري والأحادي للجماعة من موانئ الحديدة. وانعكاساً لهذه الجهود، أصدرت هيئة رئاسة البرلمان توجيهاً للحكومة بعدم التعاطي مع المبعوث غريفيث حتى يعود للالتزام بتنفيذ قرارات مجلس الأمن وروح اتفاق السويد. وفيما سربت مصادر قريبة من الحكومة الشرعية عن نية غريفيث زيارة الرياض للقاء الرئيس هادي، استبعدت المصادر أن يوافق الأخير على مقابلته في الوقت الراهن.
وينفي الناشط السياسي والصحافي اليمني همدان العليي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تكون حملات الضغط الماضية ضد غريفيث فشلت، أو لم تؤتِ ثمارها، ابتداء من حملة مقاطعة العشاء الرمضاني الذي دعا له السفير البريطاني لدى اليمن مايكل آرون في الرياض، ومن ثم ما تلا ذلك من تصعيد ضده وضد غريفيث معاً. ويذهب العليي إلى القول إن السبب الرئيسي وراء هذه الحملات التي يجب أن تستمر هو سعي غريفيث والسفير إلى «فرض رؤية أممية غير واقعية في اليمن ولن تؤدي إلى أي سلام مستدام». ويعتقد أن «حملة المقاطعة والتغيير كانت مهمة ولها تأثيرها، إنه من واجب الرئاسة اليمنية والحكومة الاستجابة لدعوات اليمنيين لتغيير المبعوث الأممي، وكذا التخاطب مع الخارجية البريطانية لتوضيح مساعي السفير البريطاني غير المرغوبة وغير الصالحة».
ويتهم السفير والمبعوث غريفيث بأن ما يهمهما هو «النجاح الشخصي» على حد قوله، وأنهما يسعيان «لفرض حلول من وجهة نظرهما لا تخدم حاضر ومستقبل اليمنيين». وينصح الباحث العليي الحكومة اليمنية بأن «ترفض التعامل مع غريفيث». ويقول: «هذا كفيل بإجبار الأمم المتحدة على تغييره وإيجاد مبعوث عنده القدرة العالية على تطبيق القرارات الأممية وليس إيجاد حلول مبتكرة خارج المرجعيات الثلاث، وهو الأمر الذي لن يضمن أي سلام سواء في اليمن أو في المنطقة برمتها».
وبخصوص الرد الأممي على رسالة الرئيس هادي، يعتقد الكاتب والباحث السياسي الدكتور فارس البيل، أن هذا الرد «يوضح طبيعة التصور والأداء والدور الذي تقوم به الأمم المتحدة في المشكلة اليمنية، التي ترى أنها يجب أن تكون في المنتصف بين طرفين، وأنها ينبغي أن تتوازن في الضغوط والانتقادات الموجهة من الطرفين، إذ تشعر بذلك أنها تنتمي لمهنيتها وطبيعة رسالتها».
من جهته، يعتقد الباحث والصحافي اليمني عزت مصطفى، رئيس مركز فنار لبحوث السياسات، أنه «بغض النظر عن رد الأمين العام للأمم المتحدة على رسالة الرئيس هادي بخصوص التحفظات على أداء غريفيث، فإنه أصبح لزاماً (وفق اعتقاده) على غريفيث تغيير سلوكه فيما يتعلق بدوره في عملية السلام، خصوصاً الإجراءات على الأرض في الحديدة». ورغم المساعي الأممية نحو الاتزان كما ذكر الدكتور فارس البيل، فإنه يعود للقول إن الأمم المتحدة من ناحية أخرى «تغفل التصور الحقيقي للمشكلة اليمنية ومنه الحلول التي ينبغي أن تنتجها لإحلال السلام في اليمن». ويضيف البيل: «هذا التصور القائم على أن هناك صراعاً على السلطة بين طرفين وأن الحل يكون بتقاسم السلطة بينهما، يكاد يكون هو مختزل رؤية الأمم المتحدة للمشكلة والحل، بينما لا ترى الأمم المتحدة جذر المشكلة، وعوائق الحلول، جذرها المتمثل في ميليشيات قوّضت كل شيء لأجل مشروعها الطائفي والخارجي، وبالتالي ليس الأمر مجرد انقضاض على السلطة، وعوائقها المتمثلة في عدم تعايش الميليشيات مع الدولة والمؤسسة ومع المجتمع السياسي والتقاسم».
ويرى الدكتور البيل أن الحوثيين ميليشيات تمثل مجرد أداة عسكرية لمشروع إيران وليست طرفاً سياسياً داخلياً ذا مطالب مشروعة، وهذا ينسف تصورات الأمم المتحدة التي ترى أن التقاسم أو المشاركة ستنهي الحرب، بل إن هذه الحلول تؤسس لصراع طويل المدى. ويتصور البيل أن الشرعية «تلقت درساً مهماً قد يبدو قاسياً، لكنه كان عادلاً من جهة ضعف التفاوض السياسي الذي لعبته الشرعية منذ أول الأزمة، ولا يقصد التعنت وعدم الاستجابة للجهود الدولية، لكن المقصود أن الشرعية أخفقت في الكسب التفاوضي بأدوات دبلوماسية ضعيفة، ولغة هشة، وفريق بأداء محدود غير واسع، ولم تستغل الشرعية كل هذا الدعم من التحالف والدعم الدولي لتحقيق ضغط ونجاح حقيقي»، على حد توصيفه.
ويرى البيل أن هذا التقصير هو الذي «دفع الأمم المتحدة لتتخلى عن مسؤولياتها تجاه الأزمة اليمنية تباعاً، والشرعية تنساق وراء كل ذلك بسلاسة، فمن القرار 2216 الشامل للأزمة اليمنية كلها، إلى قرارات تتعلق بموانئ الحديدة فقط». ومع ذلك، يرى البيل أن «الشرعية أخفقت في تحقيق نصر دبلوماسي وتفاوضي أو حتى حضور وسمعة دولية تشكل ضغطاً وحرجاً ما أمام القوى الوسيطة، فلا نجحت الشرعية في الخيار العسكري، ولو لمجرد الضغط، ولا نجحت في التفاوض السياسي، بينما على الجانب الآخر حققت الميليشيات على الأقل عوامل استمرارها وضمنت لنفسها مساحات مناورة عسكرية وسياسية، وهذا الحد الأدنى من مكاسبها فقط من هذه اللعبة التفاوضية». ويعترف الدكتور البيل في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا يمكن القول بتقديم كل ذلك للميليشيات من الأمم المتحدة، لكن الميليشيات استغلت فجوة الشرعية، وقصور الأمم المتحدة، ولعبت على ذلك بالإضافة لعوامل خارجية كثيرة».
بدوره، يعود الباحث والكاتب عزت مصطفى للاعتقاد أنه «يتعين على غريفيث استيعاب أن تطورات سياسية قد حدثت وتحدث باستمرار، وما لم يتواكب مع مجمل هذه التطورات فإنه يقود مهمته بنفسه إلى الفشل، وأهم ما حدث مؤخراً على المستوى السياسي هو استئناف مجلس النواب لعقد جلساته في مدينة سيئون وكذا تشكيل (التحالف الوطني للقوى السياسية اليمنية)، وهو ما يعني أن ممارسة المبعوث الأممي للضغط على شخص الرئيس هادي لم يعد يجدي بعد الآن، وأن رئيس الجمهورية يتخفف الآن من ضغط غريفيث نتيجة أنه واقع تحت ضغط جديد يتمثل بالبرلمان وتكتل القوى السياسية». ويستطرد مصطفى: «لذا، فعلى غريفيث من الآن أن يحاول دفع الحوثيين للتعاطي الجاد مع عملية السلام بدلاً من الرضوخ لإملاءاتهم التي يهددون فيها بنسف العملية السياسية، وهو ما يخشاه غريفيث أصلاً». ويتابع: «لكني أظن أن غريفيث إذا استوعب التغير السياسي الحادث مؤخراً فإنه لن يكون لديه خيار سوى تغيير منهجيته في حل الأزمة اليمنية».
أما الدكتور فارس البيل فيتصور «أن الكرة في ملعب الشرعية؛ فإما أن تنقذ نفسها باتخاذ موقف قوي وحاسم من مسيرة التفاوض وتحول مجرى الضغوط لصالحها بأدوات ناعمة كثيرة للغاية، تحتاج لجهود وإخلاص وحركة نشطة، أو أنها ستجد نفسها في المستقبل الحلقة الأضعف أمام الميليشيات والمجتمع الدولي وترضى بالفتات وتكون حينها قد أضاعت اللبن في الصيف». ويجزم البيل أنه تبقى للشرعية الوقت للحفاظ على ماء وجهها الآن عبر «توحيد صفوفها ونبذ خلافاتها، والعمل بنفوس وطنية متخلية عن الذاتوية والأطماع، للتحرير العسكري الشامل، ومعه تحسين الأداء في المناطق المحررة، وعندها - كما يقول - ستأتي إليها الحلول صاغرة وستفرض ما يريده اليمنيون».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.