قتلى بغارات سورية على أريحا في إدلب

أنباء عن نشر قوات روسية شمال حلب

مسعفون يجلون ضحايا بعد غارة سورية على أريحا في إدلب أمس (أ.ف.ب)
مسعفون يجلون ضحايا بعد غارة سورية على أريحا في إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

قتلى بغارات سورية على أريحا في إدلب

مسعفون يجلون ضحايا بعد غارة سورية على أريحا في إدلب أمس (أ.ف.ب)
مسعفون يجلون ضحايا بعد غارة سورية على أريحا في إدلب أمس (أ.ف.ب)

ارتكبت طائرات سورية مجزرة في مدينة أريحا التابعة لإدلب في شمال غربي البلاد، في وقت استمرار القصف شمال حماة وباقي مناطق إدلب، وسط أنباء عن نشر روسيا نقاط مراقبة في تل رفعت شمال حلب.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، إن القصف الجوي والصاروخي تواصل ضمن منطقة «خفض التصعيد» التي قتل فيها نحو 1343 شخصاً، بعد مرور 100 يوم على القمة الروسية - التركية - الإيرانية.
وكان المرصد أشار إلى مقتل 6 أشخاص بينهم طفلان «جراء مجزرة نفذتها طائرات النظام باستهدافها مدينة أريحا بريف إدلب الجنوبي، علماً أن عدد القتلى مرشح للارتفاع لوجود بعضهم في حالة خطرة». ومع سقوط مزيد من الخسائر البشرية، يرتفع إلى 973 شخصاً عدد من قتلوا منذُ بدء التصعيد الأعنف على الإطلاق ضمن منطقة «خفض التصعيد» في 20 الشهر الماضي.
وفي التفاصيل، فإن عدد القتلى منذ القمة الثلاثية في 15 فبراير (شباط) ارتفع إلى 1349 شخصاً، وهم 530 مدنياً بينهم 133 طفلاً و118 مواطنة، قضوا في القصف الجوي الروسي والقصف الصاروخي من قبل قوات النظام والفصائل، ومن ضمن حصيلة المدنيين؛ 49 بينهم 16 طفلاً و9 مواطنات قتلوا بسقوط قذائف أطلقتها الفصائل على مناطق تخضع لسيطرة قوات النظام، و395 مقاتلاً قضوا في ظروف مختلفة ضمن المنطقة منزوعة السلاح منذ اتفاق بوتين - إردوغان، من ضمنهم 237 مقاتلاً من المتطرفين و424 من قوات النظام والمسلحين الموالين لها.
واستمر تحليق أسراب من الطائرات الحربية والمروحية في سماء منطقة «خفض التصعيد» بالتزامن مع تنفيذها ضربات جوية مكثف بشكل مستمر، متسببة في مزيد من الدمار والتهجير لسكان المنطقة، حيث نفذت طائرات حربية مزيداً من الغارات الجوية مستهدفة أماكن في كنصفرة ومعرة الصين وابلين ومشون ومعرة حرمة وكفرنبل، كما ألقى الطيران المروحي 19 برميلاً متفجراً على مناطق في بلدة معرة حرمة بالقطاع الجنوبي من الريف الإدلبي.
من جهته، قال «الائتلاف الوطني السوري» المعارض إن النظام وحلفاءه يستخدمون «كل ما هو ممنوع ومحرم ومجرم وفق القانون الدولي» ضد المدنيين في إدلب وريف حماة، مطالبين الأعضاء الفاعلين في الأمم المتحدة بالتحرك وتولي مسألة حماية المدنيين، موضحاً أن خان شيخون ومناطق ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي تتعرض لحملة حرق وتدمير وإبادة وإفناء.
وتابع «الائتلاف» أن «قنابل الطائرات الروسية وبراميل مروحيات النظام المتفجرة وقنابل الفوسفور الأبيض الحارقة والقصف المدفعي على المدن والبلدات، وكل ما هو ممنوع ومحرم ومجرم وفق القانون الدولي يتم ارتكابه واستخدامه الآن ضد المدنيين في تلك المناطق». وأشار إلى أن الأمم المتحدة مطالبة أيضاً باتخاذ قرارات عملية لإيقاف مشروع القتل والتدمير والتهجير بشكل نهائي، مضيفاً أن القرارات والقوانين لا تنفذ ولا تفرض ولا تتحقق من تلقاء نفسها. وشدد على أن المنظمة الدولية وأعضاءها الفاعلين هم من يجب أن يتولوا واجب حماية المدنيين بشكل فوري وعاجل، ومحاسبة المجرمين، وتنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس الأمن.
على صعيد آخر، أفادت شبكة «الدرر الشامية» بأن روسيا بدأت في اتخاذ إجراءات عسكرية في مدينة تل رفعت في ريف حلب؛ بما ينذر بتصاعد التوتر مع تركيا.
وذكر موقع «باسنيوز» أن «مصدراً كرديّاً» قال إن «القوات الروسية توصّلت بعد 3 أيام من المفاوضات مع وحدات حماية الشعب الكردية إلى اتفاق لإقامة 3 نقاط مراقبة في مدينة تل رفعت، ونشر دوريات مشتركة في مناطق التماس مع القوات التركية في أعزاز شمالي حلب».
وأضاف المصدر أن «روسيا لن تتخلى عن تل رفعت والمناطق المحيطة بها الواقعة تحت سيطرة الوحدات الكردية لصالح تركيا دون مقابل».
وفي السياق ذاته، ذكرت مصادر محلية، أن القوات الروسية استقدمت تعزيزات عسكرية إلى مدينة تل رفعت خلال الأيام الأخيرة، تضمنت جنوداً وآليات ثقيلة ومعدات لوجيستية وعسكرية، ترافقت مع إنشاء 3 نقاط عسكرية جديدة لها في المدينة، بالتزامن مع تعزيز نقاطها في قرية كشتعار بريف حلب الشمالي أيضاً.
وتداولت الأوساط الإعلامية في الآونة الأخيرة أخباراً عن عودة العلاقات بين روسيا والأكراد، للرد على الدعم التركي لفصائل المعارضة في معارك ريف حماة وإدلب، بعد تمسكها بانسحاب قوات النظام من المناطق التي تقدمت عليها شمال حماة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم