قيادي في التحالف الوطني لـ «الشرق الأوسط»: العبادي يواجه سيناريوهات تسمية الوزراء و«أحلاها مر»

بغداد المنشغلة بارتفاع درجات الحرارة وانقطاع التيار الكهربائي غير مهتمة بأخبار تشكيل الحكومة

عربة «توك توك» وضع سائقها عليها صور رجال دين شيعة في ساحة الوثبة وسط بغداد («الشرق الأوسط»)
عربة «توك توك» وضع سائقها عليها صور رجال دين شيعة في ساحة الوثبة وسط بغداد («الشرق الأوسط»)
TT

قيادي في التحالف الوطني لـ «الشرق الأوسط»: العبادي يواجه سيناريوهات تسمية الوزراء و«أحلاها مر»

عربة «توك توك» وضع سائقها عليها صور رجال دين شيعة في ساحة الوثبة وسط بغداد («الشرق الأوسط»)
عربة «توك توك» وضع سائقها عليها صور رجال دين شيعة في ساحة الوثبة وسط بغداد («الشرق الأوسط»)

بغداد حائرة، بين ارتفاع درجة حرارة الجو لنحو 50 مئوية في الظل وعدم انتظام الطاقة الكهربائية، وبين سخونة الحوارات والسجالات على خلفية تشكيل الحكومة الجديدة.
البغداديون منشغلون بالموضوع الأول، وأعني ارتفاع درجة الحرارة وشح الطاقة الكهربائية أكثر مما هم منشغلون بأخبار نقاشات الحكومة الجديدة، «ماذا يهمني، ماذا سيتحقق لنا نحن كناس إذا تشكلت حكومة جديدة أو بقت القديمة أو تكررت الوجوه أو جاءت وجوه جديدة» يوضح عمر، السائق الذي أقلني من مطار بغداد الدولي إلى مركز العاصمة، مستطردا «أربع حكومات توالت منذ رحيل صدام حسين حتى اليوم والأوضاع تسوء أكثر وأكثر، فالمواطن لم يحصد سوى الموت لتفجيرات وسوء الخدمات وتردي الأوضاع الاقتصادية، بينما الوزراء وأعضاء البرلمان والقادة السياسيون متخمون بالملايين وبعضهم بالمليارات من الدولارات من أموال الشعب، أموال فساد وفلوس حرام».
ورأي هذا الشاب الذي لم يبلغ الأربعين من عمره بعد يلخص بالفعل حالة غالبية العراقيين ببغداد.. بغداد التي لم يتطور أي مرفق فيها، ولم تتحسن خدماتها، بل بعض الشوارع الرئيسة زادت خرابا، بغداد التي أدارت الحكومات المتتالية وجهها عنها، وتنكر لها المسؤولون، هي الأخرى أدارت ظهرها لسجالات تشكيل الحكومة، وأهلها الذين يؤثثون الشوارع والمقاهي والمطاعم كل مساء ليسوا مهتمين باجتماعات الكتل السياسية وصفقات بيع وشراء الوزارات، ذلك لأنهم (البغداديين) متيقنون بأن «لن يتغير أي شيء والأوضاع ستبقى على ما هي عليه أو ستكون أسوأ مما هي عليه»، حسب عمر سائق سيارة الأجرة، وهكذا فإن البغداديين في واد والسياسيين يتجادلون ويجتمعون ويختلفون في واد آخر، والمنطقة الخضراء التي تضم مقرات ومساكن كبار المسؤولين والوزراء وأعضاء البرلمان والسفارات الغربية، أبرزها السفارة الأميركية، تشكل بالنسبة للعراقيين واديا آخر بعيدا جدا عنهم.
وعلى الرغم من أن العد التنازلي لتشكيل الحكومة ضمن الفترة الدستورية يشير إلى بقاء ستة أيام فقط لإعلان التشكيلة الوزارية، فإن التسريبات لا تشير إلى وجود تقدم ملحوظ في مطبخ أو مطابخ تشكيل الحكومة، وحسب قيادي في التحالف الوطني فإن «كلا يبكي على ليلاه»، وإن «المتورط الأكبر هو حيدر العبادي المكلف بتشكيل الوزارة».
ويوضح هذا القيادي الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» ببغداد أمس من دون أن يصرح بنشر اسمه، قائلا «بالفعل العبادي هو المتورط الأكبر لأنه ورث من سلفه المالكي أزمات معقدة ويصعب حلها وتحتاج إلى إرادات وطنية حقيقية وتوحيد جهود كل المكونات والكتل السياسية والمذهبية والقومية»، مشيرا إلى أن «المالكي تسلم البلد بـ18 محافظة وتركه بـ15 محافظة بعد أن سيطر داعش على الموصل والأكراد على كركوك وخرجت الأنبار من سيطرة الحكومة تقريبا، يضاف إلى ذلك الأزمة الأمنية في محافظة ديالى وتهديدات داعش».
ويشير إلى أن «رئيس الحكومة المكلف في وضع لا يحسد عليه، بسبب إصرار السنة على أن يكون تمثيلهم في الحكومة المقبلة ومؤسساتها 40 في المائة، وشروط الأكراد تبدو صعبة، والسنة والأكراد لا يريدون التنازل عن شروطهم التي يعدونها مشروعة»، منبها إلى أن «العبادي لا يستطيع أن يتجاوز أي مكون أو قومية بسبب الضغوط الأميركية والدولية من جهة، وضغوط الواقع العراقي الصعبة، من جهة أخرى، وهو (العبادي) لا يستطيع أن يتبع أسلوب المالكي بتقديم إغراءات لهذه الجهة أو تلك ويمنح وزارات لهذا المكون لاسترضائه وعزله عن بيئته، أو تقديم وعود لن تنفذ، فالأطراف السياسية مصرة على مواقفها ومصرة أكثر على الحصول على ضمانات لتنفيذ هذه المطالب».
ويقدم القيادي في التحالف الوطني عدة سيناريوهات لتشكيل الحكومة المقبلة، «أحلاها مر»، مستطردا «الرضوخ لشروط ومطالب السنة والأكراد وفي هذه الحالة سيصطدم العبادي بصخرة رفض التحالف الوطني أو حزب الدعوة الذي هو قيادي فيه، أما السيناريو الثاني فهو دخول سوق المساومات وهذا لك وهذا لي واسترضاء البعض على حساب البعض الثاني، وهذا قد يؤدي إلى تشكيل حكومة ضمن الفترة الدستورية، لكنها ستكون ضعيفة وستفرز مقاومة قوية، وربما لن ترضى عنها أميركا. والسيناريو الثالث هو مشاركة أسماء كبيرة مثل إياد علاوي وأحمد الجلبي وعادل عبد المهدي في حكومة قوية وهذا سيكون بدوافع وطنية لإنقاذ البلد من أزماته لكن مثل هذه الحكومة لن ترضى إيران عنها، فطهران تفضل حكومة ضعيفة تابعة لها أكثر من حكومة قوية مستقلة لا تتبع لأحد». مشيرا إلى أن «المحادثات الأخيرة بين علاوي والجلبي وعمار الحكيم وإبراهيم الجعفري تبشر بولادة مثل هذه الحكومة إذا لم تطرأ أي مفاجآت».
ويضيف «عكس ذلك يعني فشل العبادي بتشكيل الحكومة خلال الفترة الدستورية، وهذا احتمال ضعيف حتى الآن، وقد يذهب الترشيح إلى كتلة المواطن التي يتزعمها الحكيم، في حين يأمل أنصار المالكي (نوري) بأن تعود إليهم آلية تشكيل الحكومة وهذا احتمال بعيد للغاية».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.