حملة الأردن ضد السلفيين من أنصار «داعش» و«النصرة» تسفر عن اعتقال 71 شخصا

المتحدث باسم الحكومة لـ «الشرق الأوسط»: فخورون بدورنا في مكافحة الإرهاب محليا ودوليا

حملة الأردن ضد السلفيين من أنصار «داعش» و«النصرة» تسفر عن اعتقال 71 شخصا
TT

حملة الأردن ضد السلفيين من أنصار «داعش» و«النصرة» تسفر عن اعتقال 71 شخصا

حملة الأردن ضد السلفيين من أنصار «داعش» و«النصرة» تسفر عن اعتقال 71 شخصا

أسفرت الخطوات الاحترازية التي اتخذتها السلطات الأردنية أخيرا بحق أعضاء التيار السلفي الجهادي المناصرين لتنظيمي «داعش» وجبهة النصرة عن اعتقال أكثر من 71 سلفيا من مختلف المناطق الأردنية وخصوصا مدينة السلط غرب العاصمة عمان ومدن إربد والزرقاء والرصيفة ومعان والأغوار الشمالية.
وتأتي هذه الإجراءات التي بدأتها السلطات الأمنية قبل أكثر من 10 أيام بعد تنامي نفوذ «داعش» والسيطرة على مناطق شاسعة من العراق وسوريا واقترابه من الحدود الأردنية - العراقية.
وقالت مصادر التيار السلفي الجهادي إن «السلطات الأمنية إما تعتقل أو تستدعي عناصر من التيار بهدف إشعارهم أن الأجهزة الأمنية لديها تفاصيل كاملة عن أي تحركات قد يفكر عناصر التيار القيام بها لزعزعة الأمن ونشر الشائعات أو احتضان عناصر قد تدخل مستقبلا إلى المملكة».
وأوضحت أن السلطات الأمنية اعتقلت 71 عنصرا من القياديين في التيار الذين لهم تأثير على المواطنين في غضون الأيام الماضية.
من جانبه، أكد محامي التنظيمات الإسلامية موسى العبد اللات أن عدد المعتقلين منذ بدء الحملة بلغ 52 عنصرا إذ إن السلطات الأمنية تعتقل أعضاء التيار لمدد قصيرة وتفرج عنهم أو تطلب من البعض مراجعة الدوائر الأمنية لاستجوابه دون توقيفه في السجن. وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن هؤلاء الذين يعدون من «الخلايا النائمة» وهم من غير المعتقلين والمطلوبين لقوات الأمن من عناصر التيار السلفي على خلفية تورطهم في الحرب الأهلية السورية. وقال إن عدد الفئة الثانية، سواء من الذين عادوا من سوريا أو من الذين كانوا ينوون الذهاب إلى هناك، بلغ 140 عنصرا. كما أشار إلى وجود 90 آخرين ممن صدرت بحقهم أحكام بالسجن تتراوح ما بين سنتين ونصف السنة وخمس سنوات. وأوضح أن أعمار هؤلاء ما بين 20 - 55 سنة.
وفي سياق متصل، كثفت السلطات الأردنية نشاطاتها الأمنية والاستخباراتية في المناطق الشمالية وخصوصا المدن المتاخمة للحدود الأردنية - السورية.
وقالت مصادر مطلعة إن السلطات كثفت من حضورها الأمني في مدن الرمثا وإربد ولواء بني كنانة وبلدات وقرى في محافظة المفرق والتي لها تداخل حدودي مع سوريا وذلك بهدف السيطرة على هذه المناطق، بعد أن أعرب خبراء عسكريون عن تخوفهم من مهاجمة «داعش» الحدود الشمالية والتحصن داخل هذه التجمعات السكانية، خصوصا أن 20 في المائة من سكان هذه المناطق هم من اللاجئين السوريين أو ممن حضروا إلى الأردن بعد الأزمة السورية. وأشارت المصادر إلى أن السلطات الأمنية تعمل مع قيادات شعبية ورؤساء جمعيات خيرية واتحادات وغيرها من أجل تنبيههم بمخاطر وصول «داعش» إلى الأردن والآثار المترتبة على ذلك.
وأوضحت المصادر أن درجة التخوف على الحدود الأردنية - العراقية أقل بكثير منها على الحدود الأردنية - السورية وذلك بعد أن عززت الحكومة الأردنية قواتها على الحدود مع العراق. وأضافت أن الطبيعة الجغرافية للحدود مع العراق يسهل السيطرة عليها خاصة لأن أغلبها عبارة عن مساحات صحراوية مفتوحة خالية من السكان وتستطيع القوات الأردنية صد أي هجوم عليها.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.