ما بين أبوظبي ومانشستر

المسافة ما بين العاصمة الإماراتية أبوظبي ومدينة مانشستر الإنجليزية هي 5856 كيلومتراً وتحتاج إلى ثماني ساعات وأربع دقائق بالطائرة أو 74 ساعة سفر متواصلة بالسيارة... ولكن في الواقع فإن سكان العاصمة لا يشعرون بهذه المسافة أبداً بل يرون في مانشستر امتداداً «معنوياً» لهم بعدما اشترت مجموعة «أبوظبي للتطوير والاستثمار» نادي مانشستر سيتي عام 2008 وبمبلغ لا يتجاوز 220 مليون جنيه إسترليني فقط، أي أقل من ثمن لاعب واحد الآن، وكان وقتها من الأندية المتوسطة ولا يزاحم على البطولات ولا يقترب لا من قريب ولا من بعيد من جاره الأقوى والأشهر ومَن كان الأقوى عالمياً مانشستر يونايتد صاحب الصولات والجولات والبطولات.
نادي مانشستر سيتي الذي تأسس عام 1880 باسم «سانت ماركس» ثم غيّر الاسم إلى «أردويك» عام 1887 إلى أن أخذ اسمه الحالي عام 1894 ومن يومها وهو نادٍ «متوسط إلى ضعيف» وأحياناً نادرة في القمة وهو ما حدث في ستينات وسبعينات القرن العشرين حين تُوِّج بطلاً للدوري والكأس وكأس الاتحاد الأوروبي، ولكنه في أواخر التسعينات هبط إلى الدرجة الثالثة وخلال 128 سنة من عمره (من 1880 إلى 2008) لم يحرز سوى سبع بطولات كبيرة هي: لقب الدوري مرتين، وكأس إنجلترا أربع مرات، وكأس أبطال الكؤوس الأوروبية مرة واحدة، (ونال لقب كأس رابطة الأندية المحترفة مرتين، والدرع الخيرية ثلاث مرات)، ولكنه خلال 11 سنة من بداية عهده مع أبوظبي والشيخ منصور بن زايد، حقق ما فاق بكثير ما حققه خلال 128 سنة مجتمعة، وفي هذا الموسم وحده نال 3 ألقاب كبيرة في سابقة لم تحدث في تاريخ الكرة الإنجليزية بتتويجه بطلاً للدوري للمرة الثانية على التوالي والرابعة منذ انتقال ملكيته لأبوظبي، علماً بأنه حل وصيفاً مرتين أيضاً ونال كأس إنجلترا للمرة الثانية وكأس الرابطة وكان مرشحاً للمنافسة على لقب دوري أبطال أوروبا... كل هذا لم يحدث بالمال وحده، لأن الآخرين يصرفون الأموال وأغلى لاعب في العالم سابقاً كان عند جار مانشستر سيتي وهو مان يونايتد وكذلك أغلى مدربي العالم، ولكن الإدارة والرؤية والمتابعة والتدبير هي التي تصنع الفارق وهي التي تكتب التاريخ.
ألف مبروك لنا وجود مثال جيد على الاستثمار الرياضي العربي، ونتمنى أن نرى شيفيلد يونايتد بقيادة سعودية مع الأمير عبد الله بن مساعد، يحقق ما حققه مانشستر سيتي بقيادة منصور بن زايد.