ماذا يحدث لحسابات مشتركي وسائل التواصل بعد وفاتهم؟

توفر الشركات جهدها في إلغاء حسابات المتوفين بتركها على الشبكة... كما أنها في الوقت نفسه لا تغضب معارف المتوفين الذين يطالعون هذه الحسابات بين حين وآخر
توفر الشركات جهدها في إلغاء حسابات المتوفين بتركها على الشبكة... كما أنها في الوقت نفسه لا تغضب معارف المتوفين الذين يطالعون هذه الحسابات بين حين وآخر
TT

ماذا يحدث لحسابات مشتركي وسائل التواصل بعد وفاتهم؟

توفر الشركات جهدها في إلغاء حسابات المتوفين بتركها على الشبكة... كما أنها في الوقت نفسه لا تغضب معارف المتوفين الذين يطالعون هذه الحسابات بين حين وآخر
توفر الشركات جهدها في إلغاء حسابات المتوفين بتركها على الشبكة... كما أنها في الوقت نفسه لا تغضب معارف المتوفين الذين يطالعون هذه الحسابات بين حين وآخر

أضحت مواقع التواصل الاجتماعي ظاهرة عالمية تتخطى الحدود الجغرافية، وهي تعد حالياً من أقوى وسائل الإعلام على نطاق عالمي. وتوضح أرقام المشاركين في هذه المواقع مدى انتشارها عالمياً وتأثيرها. فعلى سبيل المثال، «فيسبوك»، وهو من أكبر مواقع التواصل الاجتماعي تأثيراً، وأكبرها حجماً، بلغ عدد المشاركين فيه عام 2012 نحو 2.3 مليار إنسان. ويستخدمه شهرياً مليار إنسان، منهم 600 مليون على أجهزة محمولة. ويشمل الموقع 219 مليار صورة، و140 مليار طلب صداقة. وهناك نحو 255 مليون مستخدم نشط شهرياً على «تويتر» يرسلون 500 مليون تغريدة يومياً. ويوجد 300 مليون مشترك في «إنستغرام» حول العالم، وهو يتعلق أساساً بنشر الصور ومقاطع الفيديو. و«لينكد إن» المختص في التواصل الحرفي، ويشترك به 313 مليون شخص حول العالم، منهم 100 مليون في أميركا، ومليون في كل من السعودية والإمارات.
وفي المستقبل، سوف يكون عدد حسابات المتوفين على «فيسبوك» أكبر من عدد حسابات الأحياء. ويقدر الخبراء أنه في نهاية القرن الحالي سوف يصل عدد المتوفين، ولهم حسابات على «فيسبوك»، إلى ملياري إنسان. وفي الوقت الحاضر تصل نسبة الذين يتابعون حسابات أصدقاء أو معارف متوفين على «فيسبوك» نحو 59 في المائة من مجموع المشتركين في الموقع.
وكما قيل قديماً إن مَن لم ينشر نعيه في الأهرام (صحيفة مصرية) فهو لم يمت، فمن له حساب على وسيلة تواصل اجتماعي لن تموت ذكراه حيث يبقى حسابه بعد الوفاة لسنوات طويلة. وسوف يكون الموقع بمثابة مرثية للمتوفي، يزورها الأهل والأصدقاء، ويتعرف من خلالها الأحفاد على حياة أجدادهم.
ومن أحدث الخدمات التي يقدمها «فيسبوك» لمشاركيه هي إمكانية تعيين قريب أو صديق لكي يعتني بالحساب بعد وفاتهم. ولكل وسيلة تواصل أسلوبها الخاص في التعامل مع حسابات المتوفين من مشاركيها. وفي معظم الأحوال يتحول الحساب إلى ذكرى باقية للمتوفي، وتحفظ معظم المواقع جميع المعلومات والصور فيه، بينما تلغي مواقع أخرى صفحات المتوفين فوراً.
وإذا كانت شركات التواصل الاجتماعي تعمل على أساس تجاري، وتهدف إلى الربح من زبائنها الأحياء عبر عرض الإعلانات وخدمات البيع والشراء للسلع والبرمجيات، فما هي فائدة وجود حسابات لمتوفين على مواقع هذه الشركات؟ بعد دراسة الوضع توصلت الشركات إلى أن وجود مثل هذه الحسابات مهم من أجل إرضاء الأحياء، الذين يقبل بعضهم على المواقع من أجل الاطلاع على سيرة أشخاص أعزاء لهم بعد وفاتهم. كما تستفيد المواقع من صفحات المتوفين في إجراء أبحاثها وتحليلاتها عن زبائن الموقع، حتى لو كانوا متوفين.
أيضاً توفر الشركات جهدها في إلغاء حسابات المتوفين، بتركها على الشبكة، كما أنها في الوقت نفسه لا تُغضب معارف المتوفين الذين يطالعون هذه الحسابات بين حين وآخر. وعلى شبكة «فيسبوك» يظل بعض المتوفين يؤثرون في الآخرين أحياناً بدرجة أعلى من بعض الأحياء على الشبكة.
وفي حالة «فيسبوك» يتحول الحساب بعد الوفاة إلى ما يشبه النعي في ذكرى المتوفى. ويمكن للمشارك في «فيسبوك» أن يقرر في حياته ما يريد أن يحدث للحساب بعد وفاته، ويمكن تسجيل وصيته، ووضعها على صفحته. ويمكن أيضاً تعيين وصي على الحساب يمكنه إضافة معلومات أو تعديلها على الصفحة. ويمكن لهذا الوصي أن يكتب رسالة وداع، وأن يتواصل مع الأصدقاء الجدد، وأن يضيف نصوصاً وصوراً. ولكنه لا يستطيع أن يحذف صوراً أو معلومات قديمة أو يحذف أياً من أصدقاء المتوفى.
وفي حالة «تويتر»، يمكن ترك كلمة السر مع صديق أو قريب لكي يستمر في بثّ الرسائل بعد وفاة صاحب الحساب الأصلي لإطالة فاعلية الحساب، وبثّ الرسائل عليه بعد الإبلاغ بالوفاة عبر الحساب نفسه. وتشمل الخيارات الأخرى تحويل الحساب لصالح آخرين أو إغلاقه. وأظهرت أبحاث الموقع أن ثلث المشاركين لا يأبهون ماذا سيحدث لحساب «تويتر» بعد وفاتهم.
أما سياسة موقع «إنستغرام» فهي إزالة حسابات المتوفين، ومنع منح آخرين كلمة السر الخاصة بأي حساب، للحفاظ على خصوصية هذه الحسابات. وينصح بعض الخبراء أن يقوم المشاركون في «إنستغرام» بنسخ الصور والفيديو والاحتفاظ بها خارج شبكة الموقع.
في حالة حسابات «لينكد إن» يمكن ترك كلمة السر مع أحد الأصدقاء لكي يبث رسالة بعد الوفاة على الموقع. وإذا كان الموقع من نوع «بريميوم» الذي تدفع عليه رسوم تصل إلى 30 دولاراً شهرياً، يمكن تحويل الحساب إلى مجاني بعد الوفاة حتى يستمر على الموقع. كما يمكن للمشارك أن يطلب إغلاق حسابه بعد الوفاة.
والغريب أنه في جميع التعاقدات الشخصية تسقط الخصوصية بعد الوفاة، إلا في حالات الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تتعامل الشركات مع الحسابات على أنها ما زالت ملكية خاصة، ولها خصوصيتها. وتمتد خصوصية المتوفي أحياناً إلى ما قد يتعارض مع ورثته أو أقرب الناس إليه. ولا تخضع ملكية المعلومات والصور والفيديو المتاحة على مواقع المتوفين إلى قوانين الوراثة العادية، فهي لا تؤول للورثة مثل بقية ممتلكات المتوفى.
وفي حالات معدودة، تم تحدي «فيسبوك» في محكمة بريطانية لإزالة صور رجل قتل خطيبته، وظلت صورهما معاً على «فيسبوك». ولكن الشركة رفضت إزالة الصور، لأن ذلك يتعارض مع سياستها في عدم المسّ بالمعلومات بعد الوفاة.
وتستخدم إدارة «فيسبوك» حالياً برامج ذكاء اصطناعي لإدارة الحسابات، حتى لا تبعث حسابات المتوفين رسائل تحية في أعياد ميلاد الأصدقاء، أو تطلب إضافة أصدقاء للحساب. ولكن القرار في المدى البعيد سوف يكون بالتخلص من بعض المعلومات المتراكمة عبر عقود حيث السعة الهائلة لتخزين المعلومات ليست لا نهائية، ولا بد من بلوغ نقطة التشبع، ولو بعد قرن من الزمان. وهذا القرار سوف تتخذه الشركات نفسها، لكي تبقى مرنة في تلبية حاجات مستخدميها.


مقالات ذات صلة

العالم إيلون ماسك خلال مؤتمر في فندق بيفرلي هيلتون في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا بالولايات المتحدة 6 مايو 2024 (رويترز)

إيلون ماسك ينتقد مقترح أستراليا بحظر منصات التواصل الاجتماعي على الأطفال

انتقد الملياردير الأميركي إيلون ماسك، مالك منصة «إكس»، قانوناً مُقترَحاً في أستراليا لحجب وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون 16 عاماً.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
إعلام تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

أثار إعلان شركة «ميتا» تمديد فترة تقييد الإعلانات المتعلقة بالقضايا الاجتماعية أو السياسية لما بعد انتخابات الرئاسة الأميركية، من دون أن تحدّد الشركة وقتاً ...

إيمان مبروك (القاهرة)
يوميات الشرق لوسائل التواصل دور محوري في تشكيل تجارب الشباب (جمعية علم النفس الأميركية)

«لايك» التواصل الاجتماعي يؤثر في مزاج الشباب

كشفت دراسة أن الشباب أكثر حساسية تجاه ردود الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل الإعجابات (لايك)، مقارنةً بالبالغين... ماذا في التفاصيل؟

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
مذاقات الشيف دواش يرى أنه لا يحق للبلوغرز إعطاء آرائهم من دون خلفية علمية (انستغرام)

من يخول بلوغرز الطعام إدلاء ملاحظاتهم السلبية والإيجابية؟

فوضى عارمة تجتاح وسائل التواصل التي تعجّ بأشخاصٍ يدّعون المعرفة من دون أسس علمية، فيطلّون عبر الـ«تيك توك» و«إنستغرام» في منشورات إلكترونية ينتقدون أو ينصحون...

فيفيان حداد (بيروت)

كيف يؤثر «غوغل ديسكوفر» في زيادة تصفح مواقع الأخبار؟

شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
TT

كيف يؤثر «غوغل ديسكوفر» في زيادة تصفح مواقع الأخبار؟

شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)

أوردت تقارير، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أن ناشري الأخبار كثّفوا ظهورهم على «غوغل ديسكوفر» بهدف زيادة حركات المرور على مواقعهم، وهذا بعدما تراجعت وسائل التواصل الاجتماعي عن دعم ظهور الأخبار منذ مطلع العام. إذ اتجهت «غوغل» إلى نموذج الملخّصات المعزّز بالذكاء الاصطناعي بديلاً عن ترشيح روابط الأخبار من مصادرها، ما أدى إلى تراجع الزيارات تدريجياً. غير أن خبراء ناقشوا الأمر مع «الشرق الأوسط» عدُّوا هذا الاتجاه «رهاناً محفوفاً بالمخاطر، وقد لا يحقق نموذج عمل مستداماً». أبحاث أجرتها «نيوز داش»، وهي أداة متخصصة في تحسين محركات البحث (SEO) موجهة للناشرين والمواقع الإخبارية، أظهرت أن «غوغل ديسكوفر» بات يمثل في المتوسط 55 في المائة من إجمالي حركة المرور الآتية من «غوغل» للناشرين، مقارنة بـ41 في المائة، في دراسة سابقة، ما يعني أن «ديسكوفر» أضحى القناة الكبرى التي تجلب الزيارات إلى مواقع الأخبار.

جدير بالذكر أن «غوغل ديسكوفر» هو موجز للمقالات يظهر على نظامي «أندرويد» و«آبل» عند فتح «غوغل» للتصفّح. ووفق محرّك البحث، فإن المقالات المُوصى بها تُحدَّد وفقاً لاهتمامات المستخدم وعمليات البحث السابقة، ومن ثم، فإن ما يظهر لدى المستخدم من ترشيحات هو موجز شخصي جداً، لذا يحقق مزيداً من الجذب.

محمد الكبيسي، الباحث ومدرب الإعلام الرقمي العراقي المقيم في فنلندا، أرجع تكثيف بعض المواقع الإخبارية وجودها على «غوغل ديسكوفر» إلى احتدام المنافسة الرقمية بين المنصّات للوصول إلى الجمهور. وأوضح: «منطقياً، تسعى مواقع الأخبار إلى الظهور على منصات متعدّدة، مما يعزز فرص الوصول والتفاعل مع الأخبار دون الحاجة للبحث المباشر».

وحدَّد الكبيسي معايير ظهور المقالات على «غوغل ديسكوفر» بـ«جودة المحتوى، والتحديث المستمر، وتوافق SEO، والملاءمة مع اهتمامات المستخدمين وسلوكهم السابق في استخدام وسائل الإنترنت، إضافة إلى الالتزام بمعايير الإعلام والصحافة المهنية».

ومن ثم، بعدما رأى الباحث العراقي تكثيف الاهتمام بأداة «غوغل ديسكوفر» حلاًّ مؤقتاً للمرحلة الحالية، شرح أنه «يمكن القول عموماً إن (غوغل ديسكوفر) قد يُسهم في زيادة معدلات الزيارات للعديد من المواقع الإخبارية، لكن ذلك يعتمد على أهمية المحتوى وملاءمته اهتمامات الجمهور». أما عن الحلول المستدامة فاقترح الكبيسي على صُناع الأخبار تحقيق المواءمة مع تطوّرات المنصات ومواكبة التحديثات؛ لتجنب التبِعات التي قد تؤدي إلى تقليل الظهور أو انخفاض معدلات الوصول».

من جهته، يقول الحسيني موسى، الصحافي المتخصص في الإعلام الرقمي بقناة الـ«سي إن إن» العربية، إن «غوغل ديسكوفر» لا يقبل أي مقالات؛ لأن لديه معايير صارمة تتعلق بجودة المحتوى ومصداقيته. وتابع أن «الظهور على (غوغل ديسكوفر) يشترط تقديم معلومات دقيقة تلبّي اهتمامات المستخدمين وتُثري معرفتهم، مع استخدام صور عالية الجودة لا تقل عن 1200 بيكسل عرضاً، وعناوين جذابة تعكس مضمون المقال بشكل شفاف بعيداً عن التضليل». ثم أضاف: «يجب أن تكون المواقع متوافقة مع أجهزة الهواتف الذكية؛ لضمان تجربة مستخدم سلسة وسريعة، مع الالتزام الكامل بسياسات (غوغل) للمحتوى».

وعلى الرغم من أن معايير «غوغل ديسكوفر» تبدو مهنية، عَدَّ موسى أن هذا «الاتجاه لن يحقق مستقبلاً الاستقرار للناشرين... وصحيح أن (غوغل ديسكوفر) يمكن أن يحقق زيارات ضخمة، لكن الاعتماد عليه فقط قد لا يكون واقعاً مستداماً».

ورأى، من ثم، أن الحل المستدام «لن يتحقق إلا بالتنوع والتكيف»، لافتاً إلى أنه «يُنصح بالتركيز على تقديم محتوى ذي قيمة عالية وتحويله إلى فيديوهات طولية (فيرتيكال) مدعومة على منصات التواصل الاجتماعي لجذب المزيد من المتابعين وبناء قاعدة جماهيرية وفية».