فريق من جامعة {كاوست} يطور أجهزة ذكية لامتصاص الطاقة

لا يوجد صمام تجاري في العالم يعمل بهذا التردد فائق السرعة

الباحثون عاطف شميم وجوراف جاياسوال وعزت ميريدوف يناقشون التداخل على المستوى النانوي بين ذراعي الهوائي
الباحثون عاطف شميم وجوراف جاياسوال وعزت ميريدوف يناقشون التداخل على المستوى النانوي بين ذراعي الهوائي
TT

فريق من جامعة {كاوست} يطور أجهزة ذكية لامتصاص الطاقة

الباحثون عاطف شميم وجوراف جاياسوال وعزت ميريدوف يناقشون التداخل على المستوى النانوي بين ذراعي الهوائي
الباحثون عاطف شميم وجوراف جاياسوال وعزت ميريدوف يناقشون التداخل على المستوى النانوي بين ذراعي الهوائي

طور فريق من الباحثين بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) جهازاً يمكنه الاستفادة من الأشعة تحت الحمراء التي تنبعث باستمرار من حولنا بسبب الاحترار الناتج عن امتصاص الأسطح والمحيطات والغلاف الجوي لأشعة الشمس، وهي طاقة تُقَدَّر بملايين الجيجا واط في الثانية.
الجهاز المطور يمكنه الاستفادة من هذه الطاقة وكذلك الحرارة المفقودة الناتجة عن العمليات الصناعية، وذلك من خلال تحويل إشارات موجية مدتها جزء من الكوادريليون (Quadrillionth) من الثانية إلى كهرباء مفيدة.
وبخلاف الألواح الشمسية المقيدة بالضوء في ساعات النهار وظروف الطقس وأحوال المناخ، يمكن لهذا الجهاز امتصاص حرارة الأشعة تحت الحمراء على مدار 24 ساعة في اليوم. وتتمثل إحدى طرق ذلك في التعامل مع فاقد الحرارة أو حرارة الأشعة تحت الحمراء كموجات كهرومغناطيسية عالية التردد. وباستخدام هوائيات مصممة خصيصاً لهذا الغرض، تُرسَل الموجات التي جُمعَت إلى جهاز مُقوِّم، يكون في المعتاد عبارة عن صمام ثنائي (مركب إلكتروني مصمم للحماية من الرجوع العكسي للتيار) من أشباه الموصلات، يحول الإشارات المتناوبة إلى شحنة تيار كهربائي مباشرة للبطاريات أو أجهزة الطاقة.
كان تحويل تصميم هذه «الهوائيات المقومة» إلى أجهزة فعلية ملموسة أمراً صعباً. فنظراً إلى أن انبعاثات الأشعة تحت الحمراء تتسم بطول موجي صغير للغاية، فإنها تحتاج إلى هوائيات ميكروية أو نانوية ليس من السهل تصنيعها أو اختبارها. وبالإضافة إلى ذلك، تتذبذب موجات الأشعة تحت الحمراء بسرعة أعلى آلاف المرات من قدرة أي مادة شبه موصلة تقليدية على تحريك الإلكترونات عبر نقطة التوصيل. وأوضح عاطف شميم، مدير المشروع البحثي أنه لا يوجد صمام تجاري في العالم يستطيع أن يعمل بهذا التردد فائق السرعة. كل تلك الصعوبات جعلت الفريق يلجأ إلى استخدام طريقة النفق الكمي في الانتقال.
تعمل أجهزة النفق الكمي، كالصمامات الثنائية التي تستخدم مادة عازلة بين معدنين، على تقويم موجات الأشعة تحت الحمراء وتحويلها إلى تيار كهربائي من خلال نقل الإلكترونات عبر حاجز صغير. ولأن سُمك هذا الحاجز يبلغ نانومتراً واحداً فقط، فبوسع هذه الصمامات الثنائية التعامل مع إشارات التردد العالية في زمن يصل إلى فمتو ثانية (وحدة قياس زمنية). ولتوليد المجالات المكثفة المطلوبة لطريقة النقل النفقي الكمي، اتجه الفريق إلى هوائيات نانوية على شكل «رابطة عنق فراشية الشكل»، تستخدم طبقة عازلة رقيقة بين ذراعين معدنتين متداخلتين.
ويشير باحث ما بعد الدكتوراه، جاوراف جاياسوال إلى أن الجزء الأكثر صعوبة كان تداخل ذراعي الهوائي، الأمر الذي تطلب محاذاة فائقة الدقة، ومن خلال الجمع بين الحيل البارعة والأدوات المتقدمة في وحدة التصنيع النانوية بالجامعة، تم إنجاز هذه الخطوة.
يستطيع الصمام الثنائي الجديد - الذي يستخدم معادن ذات وظائف مختلفة - التقاط موجات الأشعة تحت الحمراء بجهد كهربائي مقداره صفر، وهي مزية موفرة للطاقة تقوم بتشغيل الجهاز فقط عند الحاجة. وكشفت تجارب التعرض للأشعة تحت الحمراء أن الصمام الثنائي نجح في استخلاص الطاقة من الإشعاع، وليس من التأثيرات الحرارية، كما دل على ذلك الجهد الكهربائي الناتج المعتمد على الاستقطاب.
وبحسب شميم فإن هذا المشروع يعد بمثابة البداية، فما زالت هناك مرحلة إثبات المفهوم، وأضاف: «يوماً ما قد نجد ملايين من هذه الأجهزة متصلة معاً لتعزيز الإنتاج الشامل للطاقة الكهربائية».


مقالات ذات صلة

من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

الخليج «منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)

من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

صادقت 15 دولة من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الرقمي، على إطلاق مبادرة استراتيجية متعددة الأطراف لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت».

غازي الحارثي (الرياض)
يوميات الشرق الجهاز الجديد يتميز بقدرته على العمل ميدانياً مباشرة في المواقع الزراعية (جامعة ستانفورد)

جهاز مبتكر ينتِج من الهواء مكوناً أساسياً في الأسمدة

أعلن فريق بحثي مشترك من جامعتَي «ستانفورد» الأميركية، و«الملك فهد للبترول والمعادن» السعودية، عن ابتكار جهاز لإنتاج الأمونيا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً