«عشاء مع النجوم» قد يكون الاسم الذي يليق بالفعل بمطعم «ميري غو راوند» (Merry go round) في فندق «سمولفيل» الواقع في قلب العاصمة اللبنانية؛ وبالتحديد في منطقة بدارو. هنا نكهات الأطباق الفرنسية الأصيلة لا تشبه غيرها، فتحلق مع مذاقها اللذيذ لتلامس النجوم. ولا نذكر هذه العبارة من باب معناها المجازي؛ إذ إن الشيف الفرنسي كريستوف فيسير (Christophe Vessaire) المسؤول عن مطبخ هذا المطعم والحاصل على نجمتين من دليل «ميشلان» العالمي سيترجمها لك فعلياً على الأرض.
ومع لائحة طعام تأخذك إلى عالم سندريلا مع حساء اليقطين، وإلى حقول الريف الفرنسي مع سلطات الـ«أنديف» و«بوراتا» والـ«أفوكادو»، ستأخذ فترة استراحة مع أطباق أساسية مثل «بيف بورغينيون» التي استوحى خلطاتها الشيف الفرنسي من مطبخ جدته قديم الطراز. فهي ملهمته في عالم الطبخ، لا سيما أنها كانت من أهم الطهاة في مدينة ليون الفرنسية.
«لقد تأثرت كثيراً بجدتيَّ من ناحية أمي ومن ناحية أبي معاً. فالأولى تتقن صنع الأطباق الفرنسية الأصيلة. والثانية إسبانية ولديها طراز طبخ خاص بها فاكتسبت منها أسرار الحلويات أيضاً». ويضيف الشيف فيسير في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «زوجتي مغربية، وأستقر حالياً في لبنان، وهذه الخلطة من ثقافات بلدان مختلفة أضعها في أطباقي وأحدث الفرق».
حتى عندما يقدم لك الشيف أكلاته، فهو يحملها إلى مائدتك كأنها كنز يفتخر به. ورغم شهرته الواسعة، فهو لا يزال ينتظر ردود فعل الزبائن... «كنت أتمنى أن أطلق اسم (ناقص وكامل) (Parfait et imparfait) على هذا المطعم. وبذلك يكون على رواده أن يعترفوا بانطباعهم حول الطعام انطلاقاً من هاتين الكلمتين فيكون لذيذاً أو العكس».
لا تستطيع أن تفصّل النكهات الكثيرة التي يحتويها كل طبق من أطباق الشيف الفرنسي، وأنت تلتهمها، وتتلذذ بمذاقها وتفكّ أحجيتها. بين طعم اليقطين الطازج والفطر المشوي والروكا الخضراء، تكتشف طعم حساء لزج وخفيف يسرق انتباهك. ومع حبيبات فاكهة الرمان ومكسرات الفستق الحلبي المغلفة بطعم الحبق المرشوش بتأن على حبات البندورة والباذنجان، ستتذوق سلطة خضراوات كأنها مقطوفة للتو. «من المهم جداً في عملية تحضير أي طبق انتقاء مكونات طازجة له. فهي بمثابة التغليفة السحرية التي بإمكانها أن تعطيك مذاقاً مختلفاً وغنياً في آن»... يعلق الشيف كريستوف فيسير الذي يعتمد قاعدة ذهبية في المطبخ تتألف من الاحترام والانضباط، والقيمة في المكونات.
تكمل رحلتك مع أكلات «ميري غو راوند» بحماس، فشغف المفاجآت التي تنتظرك في كل طبق يحفّز زيارتك لهذا المكان مرة أخرى. وهو صالتان؛ إحداهما مقفلة، والثانية بمثابة حديقة مقفلة تطل من واجهاتها الزجاجية على شارع بدارو العريق. ويقع في نهايتها مطبخ مفتوحة أبوابه أمام الجميع للثقة التي يتمتع بها فريق العمل، مما ينعكس إيجاباً على رأيك في اللقمة التي يقدمونها لك... «هنا كل شيء واضح، وفي استطاعتك لمس الدقة المتبعة في عملية تحضير الأطباق، وبعضها، كاللحم المستخدم في طبق (بيف بورغينيون)، يتم نقعه لساعات طويلة في مزيج من البهارات والأعشاب، تصل لنحو 72 ساعة قبل تقديمه»؛ يوضح الشيف كريستوف فيسير خلال الجولة التي قمنا بها معاً في مطبخه.
فهو طاه تنقل بين مطابخ الشرق والغرب، فعمل في سان فرنسيسكو في فندق «ماندرين أورينتال» حيث حصد نجمتي «ميشلان». وكذلك عمل في بلجيكا وكندا وسويسرا والمغرب، إضافة إلى فرنسا بلده الأم... «لقد التقيت مشاهير من هوليوود أمثال شارون ستون وروبرت دي نيرو ومادونا وجان بول غوتييه... وغيرهم، وصنعت من تواقيعهم أول كتاب ذهبي لي (livre d’or) واليوم أحضر لكتابي الثاني منه».
بدأ ممارسة هوايته في الطبخ منذ السادسة عشرة من عمره بعد أن خزّن من جدته الفرنسية مشاهد طبخ حفرت في ذاكرته... «كنت أستمتع وأنا أقوم بمراقبتها في مطبخ مطعمها (لو ماس) القريب من مدينة ليون الفرنسية. وهذا الأمر حفزني على تقديم الأفضل في مهنتي، لا سيما أن خبرتها تفوق الـ50 عاماً في عالم الطبخ».
واللافت أن فريق العمل في مطعم «ميري غو راوند» من طهاة ومشرفين على تنظيم إيقاع العمل في المطبخ، يستقبلك بابتسامة عريضة وهو يضع شبكاً على الرأس وقفازات بالأيدي، متبعين أصول النظافة المعروفة في قواعد المطبخ العالمية.
وتطول لائحة الأطباق الرئيسية في المطعم، لتشمل سمك السلمون مع صلصة البرتقال والزنجبيل، و«فيل فيليه» مع صلصة الكمأ، ومهروس الخرشوف... وغيرها من الأطباق الفرنسية الأصيلة.
وبقسم الحلويات في مسك الختام ستذوب الشوكولاته «الكونشرتو» بين شفتيك لتتذوقها بنهم الأطفال. ومع طبق حلو «بروفيتيرول» الخاص بالمطعم ستضع نقطة النهاية لرحلة مرصعة بالنجوم.
«ميري غو راوند»... عشاء مع النجوم في قلب بيروت
أطباق تأخذك إلى عالم سندريلا وحقول الريف الفرنسي
«ميري غو راوند»... عشاء مع النجوم في قلب بيروت
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة