الموضة والفنون تكشف الحنين إلى زمن التسعينيات الجميل

مهما بلغت من العمر، حتماً سوف تلاحظ أن الموضة تتحرك في إطار في دوائر في نهاية المطاف، إن معرفة هذه المقولة شيء، ومعايشتها شيء آخر.
وأوضحت وكالة الأنباء الألمانية، في تحقيق لها عن هذه الظاهرة التي تجتاح المجتمعات الغربية، أنه من المستحيل أن تتجاهل إعادة إحياء أجواء التسعينيات، سواء في السينما، أو على منصات عرض الأزياء، أو في التلفزيون أو الإذاعة.
يقول تريستان هوركس، الباحث الألماني في دراسات المستقبل، «إننا نعيش في زمن العودة إلى الماضي المثالي، حيث العالم المثالي يكمن في الماضي، لأننا نفتقد حالياً إلى رؤية مستدامة للمستقبل». لم يتفاجأ هوركس إطلاقاً بموجة الحنين إلى التسعينيات. ويوضح قائلاً: «دائماً ما تبرز هذه الصيحات القديمة بين الحين والآخر. وهو ما حدث على نحو الدقة مع السبعينيات». وها هي بعض الأمثلة على عودة التسعينيات:
> في السينما: القمصان القصيرة (تيشيرتات) المزينة بسلاحف «النينجا» أو شخصيات مسلسل «بيفيس» و«باتهيد» الكرتوني، بجانب سماع أغاني فرقة «نيرفانا» على محطات الإذاعة وألعاب «ناينتندو» القيمة في حجرات النوم.
كما أن فيلم التزلج الدرامي «منتصف التسعينيات» (Mid90s) أعاد المشاهدين مباشرة إلى هذه الحقبة الزمنية، حينما كان التزلج باللوح وموسيقى «الهيب هوب»، هما ثقافة الشباب السائدة.
حادثة أخرى معروفة من فترة التسعينيات خلدها فيلم وثائقي ساخر عام 2018 بعنوان «أنا، تونيا» (I، Tonya). يدور الفيلم حول لاعبة التزلج على الجليد تونيا هاردينغ، التي تعرضت منافستها نانسي كيريجان لحادث اعتداء قبل فترة قصيرة من دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 1994. وحتى الآن لا تزال مسألة دراية هاردينغ بأن زوجها السابق هو منفذ الاعتداء آنذاك محل خلاف.
> في التلفزيون: فضيحة رياضية أخرى تصدرت العناوين الرئيسية عبر البلاد في التسعينيات، هي قضية لاعب كرة السلة الأميركي أو جاي سيمبسون. ومن أبرز وقائع القضية آنذاك كانت التغطية الإعلامية الحية التي أتاحت لنحو 95 مليون شخص متابعة مطاردة السيارات التي دارت بين الشرطة وسيمبسون، إثر العثور على زوجته السابقة وعشيقها مقتولين بوحشية في لوس أنجليس. ورغم الأدلة الدامغة التي تدين سيمبسون وقتها، إلا أن هيئة المحلفين برأته لأسباب مختلفة.
والآن، عادت هذه القضية الدرامية للظهور مجدداً بفضل المسلسل المكون من عشرة أجزاء «الشعب ضد أو جاي سيمبسون: قصة جريمة أميركية» (The People v OJSimpson: American Crime Story) الذي يؤدي فيه الممثل كوبا جوودينج جونيور الدور الرئيسي والنجم جون ترافولتا دور محاميه.
لكن ما السبب وراء الإعجاب بعقد التسعينيات بصفة خاصة؟ يوضح غراف إديلمان «الاشتياق إلى وقت الفراغ، وأن يكون المرء حراً من كل القواعد، وحراً من الحدود المادية والروتين اليومي، هذا هو العنصر الجذاب في الأمر».
في أحد مقاطع الفيديو المعروضة في المعرض، يتحدث مُشرد سابق عما كانت عليه برلين في التسعينيات. فيقول «إننا عايشنا الأحداث الأروع، التي لم يكن ليحدث أفضل منها أبداً».
وتتذكر المغنية إنجا هيومب كيف شاركت في أول مسيرة حب في برلين عام 1989، حين شارك 150 شخصاً بها. وبعد مرور عقد من الزمان يشارك مليون ونصف المليون شخص في المسيرة.
وفي متجر المتحف، يمكن للزوار أداء لعبة «باك مان» (PAC - MAN) الإلكترونية وغيرها من ألعاب الفيديو «الآركيد». ويقول غراف إديلمان إن أغلب الزوار تتراوح أعمارهم ما بين 25 و45 عاماً. وخلال الأشهر الستة الأولى من افتتاحه، جذب المعرض 80 ألف زائر.
> الموضة: كانت أحذية «الشانكي» من ماركة «دوكيرز» أو «بافلو» جزءاً من خزينة ملابس أي شخص أنيق خلال التسعينيات، وببطء راجت هذه الصيحة مجدداً، خصوصاً في المدن الكبرى.
كما راجت مجدداً شعبية القمصان القصيرة (تي شيرتات) الفضفاضة، وإدخالها في السراويل الجينز ذات الوسط العالي من ماركة «ليفيز». وتفيض الذكريات أيضاً مع قصات الشعر الأكثر شعبية: فمن ذا الذي لا يتذكر على الفور فرقة «سبايس غيرلز» (Spice Girls) عندما يرى فتاة تعقد شعرها على هيئة كعكة مزدوجة في مقدمة الرأس لتشبه ميل بي الملقبة بـ«فتاة سبايس المرعبة».
*الموسيقى: كانت فرقة «سبايس غيرلز» هي الرد النسائي على الفرق الشبابية التي اشتهرت كفرق «تيك ذات» (Take That) و«باكستريت بويز» (Backstreet Boys) و«ان سينيك» (N›Sync)، وعلى أقل تقدير، فقد كانت التسعينيات فترة تألق الفرق الغنائية الشبابية المصحوبة بصياح المعجبين.
أما عن وقتنا هذا، ففي برلين يترقب المعجبون الحفلة المنتظرة لفرقة «تيك ذات»، كما بدأت فرق «السبايس غيرلز» جولة جديدة بعد اعتزالها تحت عنوان لم الشمل، بالإضافة إلى طغيان موسيقى التسعينيات على السمة العامة للحفلات المنظمة.
ومع هذا يعتقد هوركس أن هناك بضعة أشياء لن يعود إليها الناس كاستبدال مشغل «الديسكمان» القديم نسبياً، أو جهاز «الووكمان» بهواتفهم الذكية.
وفي النهاية، إلى متى يحتاج المرء إلى الاحتفاظ بقطعه المتطورة، والأكثر حداثة قبل أن تعود للرواج مجدداً. يقول هوركس: «إنه من المؤكد خلال نحو عشرة أعوام سيكون هناك حنين إلى نمط الألفية الماضية».