السيسي والبرهان يتفقان على استمرار التشاور لتحقيق استقرار السودان

رئيس «الانتقالي» إلى مكة المكرمة للمشاركة في القمتين العربية والإسلامية... قضاة السودان مع «الإضراب العام»

الرئيس المصري خلال استقباله رئيس المجلس العسكري السوداني (موقع الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال استقباله رئيس المجلس العسكري السوداني (موقع الرئاسة المصرية)
TT

السيسي والبرهان يتفقان على استمرار التشاور لتحقيق استقرار السودان

الرئيس المصري خلال استقباله رئيس المجلس العسكري السوداني (موقع الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال استقباله رئيس المجلس العسكري السوداني (موقع الرئاسة المصرية)

استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قصر الاتحادية بالقاهرة أمس، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني، وذلك بحضور كل من سامح شكري وزير الخارجية، واللواء عباس كامل رئيس الاستخبارات العامة، حيث تم عقد جلسة مباحثات ثنائية منفردة، تلتها جلسة مباحثات موسعة.
وقال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، إن «الرئيس السيسي رحب بالفريق أول البرهان بالقاهرة في أول زيارة خارجية له، مؤكداً على عمق الروابط الأزلية التي تجمع شعبي وادي النيل، والترابط التاريخي بين مصر والسودان، ووحدة المصير والمصلحة المشتركة».
وأوضح المتحدث الرئاسي المصري، أن «الرئيس أشار إلى متابعته الحثيثة عن كثب لجميع التطورات والتفاعلات الراهنة على الساحة السودانية»، مؤكداً «دعم مصر الكامل لأمن واستقرار السودان، ومساندتها للإرادة الحرة ولخيارات الشعب السوداني الشقيق في صياغة مستقبل بلاده، والحفاظ على مؤسسات الدولة»، معرباً عن «استعداد مصر لتقديم كل سبل الدعم للأشقاء في السودان لتجاوز هذه المرحلة بما يتوافق مع تطلعات الشعب السوداني بعيداً عن التدخلات الخارجية».
من جانبه، أكد الفريق أول البرهان على «التقارب الشعبي والحكومي المتأصل بين مصر والسودان»، مشيداً بالجهود القائمة للارتقاء بأواصر التعاون المشترك بين البلدين، مثمناً الدعم المصري غير المحدود لصالح الشعب السوداني وخياراته وللحفاظ على سلامة واستقرار السودان في ظل المنعطف التاريخي المهم الذي يمر به.
كما استعرض رئيس المجلس العسكري الانتقالي تطورات الأوضاع في السودان، والجهود المبذولة للتعامل مع المستجدات في هذا الصدد، معرباً في هذا الخصوص عن التقدير للحرص الذي تبديه مصر من أجل دعم الشعب السوداني.
وأضاف السفير راضي أن «الرئيس السيسي أعرب عن ثقته في قدرة الشعب السوداني ومؤسسات الدولة على استعادة الاستقرار وتحقيق الأمن والحفاظ على مقدرات دولة السودان»، مؤكداً «أهمية تكاتف الجهود الإقليمية والدولية الرامية لمساعدة السودان الشقيق على تحقيق استحقاقات هذه المرحلة ومواجهة الأزمة الاقتصادية لما فيه صالح الشعب السوداني».
وقال راضي: «كما أكد الرئيس حرص مصر على مواصلة التعاون مع السودان في كل الملفات محل الاهتمام المتبادل، والدفع نحو سرعة تنفيذ المشروعات التنموية المشتركة، كالربط الكهربائي وخط السكك الحديدية، بما يحقق الرخاء والتقدم لشعبي البلدين».
وقد تم التوافق بين الجانبين، بشأن استمرار التشاور المكثف بهدف المساهمة في تحقيق استقرار السودان وتفعيل الإرادة الحرة للشعب السوداني الشقيق والانحياز لخيراته.
وكان البرهان وصل إلى مطار القاهرة الدولي على متن طائرة خاصة، في زيارة للعاصمة المصرية رافقه خلاها عدد من المسؤولين السودانيين، للقاء كبار المسؤولين المصريين، وذلك لبحث مستجدات الأوضاع ودعم العلاقات الثنائية.
وكان الرئيس المصري عقد قمة تشاورية حول الأوضاع في السودان بحضور بعض الدول الأفريقية في أبريل (نيسان) الماضي. وقال خلال تلك القمة، إن «الحل في السودان سيكون من صنع السودانيين أنفسهم عبر حوار شامل»، مضيفاً حينها: «نحن كدول جوار للسودان وكشركاء إقليميين، نتطلع لتقديم العون والمؤازرة للشعب السوداني، وصولاً إلى تحقيق الاستقرار والرخاء الذي يتطلع إليه ويستحقه».
وكان نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان الفريق أول محمد حمدان دقلو المعرف بـ«حميدتي» قد قام بزيارة للمملكة العربية السعودية الخميس والجمعة التقى خلالها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. وقال المجلس العسكري في بيان إن الغرض من زيارة حميدتي هو «تقديم الشكر للمملكة... لما قدّمته من دعم اقتصادي للشعب السوداني، فضلاً عن دعمها السياسي للمجلس للمساهمة في الوصول إلى حلّ سريع للمشكلات».
من جهة ثانية، يشارك رئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان، في القمتين العربية والإسلامية، المزمع عقدهما في مكة المكرمة، يومي 30و31 مايو (أيار). ونسبت صحيفة «الصيحة» السودانية، إلى مصادر حكومية، قولها إن البرهان، سيلبي الدعوة التي وجهها له خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، قبل أيام للمشاركة في القمتين. وبحسب الصحيفة، فمن المنتظر أن يغادر وفد مقدمة سوداني إلى المملكة اليوم، للمشاركة في التحضيرات لقمتي منظمة المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية.
وفي هذا السياق، تتصاعد عمليات الاستعداد للإضراب العام الشامل المعلن عنه يومي الثلاثاء والأربعاء القادمين. وأعلن نادي القضاة، استعداد قضاة المحاكم بمختلف درجاتها للمشاركة في الإضراب السياسي الشامل، والعصيان المدني الذي تدعو له قوى إعلان الحرية والتغيير.
وقال بيان صادر عن «نادي القضاة»، إن عضويته مستعدة لتنفيذ الإضراب، ليكونوا «نصيراً للشعب عند المحن»، ومدافعين عن حقوقه دون أن تتأثر مواقفهم بحيادية واستقلال القضاء. وأشار البيان إلى أن إضرابهم سيشمل «جميع القضاة» من مختلف الدرجات، ابتداء من المحكمة العليا ومحكمة الاستئناف والمحكمة العامة، والمحاكم الجزئية الأولى والثانية، في مختلف الأجهزة القضائية بالسودان.
ووصف البيان مطالب الشعب في حكومة تعبر عن ثورته وكفاحه وصبره في ساحات الاعتصام والنضال، بأنها «لم تعد محل تقدير ممن بيدهم مقاليد الأمور»، وتابع: «القضاء السوداني على مر السنين، ظل نصيراً للشعب عند المحن، حامياً لحقوقه ومدافعاً عنها، دون أن يؤثر ذلك على حياديته واستقلاله، وأضاف: «فهو لا ينحاز إلى فريق دون آخر، ولكنه ينحاز إلى جانب الحق متمثلاً فيما تعبر عنه إرادة الشعب السوداني».
وأوضح قضاة السودان أنهم كانوا يأملون أن «تتكلل المساعي المبذولة بين أطراف التفاوض فتنتهي إلى بلوغ النجاح والتوفيق، تحقيقاً لمطالب شعب السودان وغاياته، وإلى ما فيه الخير والاستقرار».
بيد أنهم وصفوا نتائج التفاوض بأنها «تنبئ عن أن الأمور لم تعد تسير وفقاً لما يتطلع إليه شعبنا العظيم بثورته المجيدة»، معتبرين الخيارات المطروحة «لا تعبر عن إرادته التي دفعت به للخروج في التاسع عشر من ديسمبر (كانون الأول) والسادس من أبريل».
وأعلنت تجمعات مهنية جديدة توقيع «دفتر الحضور الثوري» والمشاركة في الإضراب المزمع، ومن بينهم «تجمع المقاولين، خريجي الجامعات الهندية، تجمع أصحاب العمل، تجمع المقاولين، والعاملون بقاعة الصداقة»، بالإضافة إلى لجان الأحياء في معظم أحياء الخرطوم ومن بينها «الدروشاب، الكلالة، العشرة»، ونظموا وقفات احتجاجية، وأطلقوا حملة «حنبنيهو» تتضمن حملات نظافة وإعمار في الأحياء.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.