الإسرائيليون يتظاهرون ضد «قانون الحصانة» الذي يحمي نتنياهو

TT

الإسرائيليون يتظاهرون ضد «قانون الحصانة» الذي يحمي نتنياهو

تظاهر آلاف الإسرائيليين في تل أبيب، أمس، ضد محاولات حزب «الليكود» إصدار قانون الحصانة القضائية لحماية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من المحاكمة خلال فترة ولايته. وانطلقت المظاهرة من أمام متحف تل أبيب للفنون منددة بقانون الحصانة، في الوقت الذي أعلن نواب «الليكود» ونتنياهو عزمهم إصدار القانون الجديد، الذي يمنح عضو الكنيست حصانة تلقائية تحول دون محاكمته، وعلى تقييد صلاحيات المحكمة العليا بشأن إلغاء قرارات الكنيست.
وتقول المعارضة الإسرائيلية، إن هذا التشريع يهدف إلى قطع الطريق أمام تقديم لوائح اتهام ضد نتنياهو بقضايا الفساد ضده، المزمع تقديمها وفقاً للاستجواب الذي سيعقد في بداية أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وأشرفت أحزاب المعارضة من الوسط واليسار (أزرق وأبيض وحزب العمل وميرتس) على تنظيم هذه المظاهرة، واختاروا لها عدة شعارات مثل «أوقفوا قانون الحصانة»، كما تم نشر دعوات التظاهر على نطاق واسع على مختلف منصات شبكات التواصل الاجتماعي. وكان أنصار حزب «أزرق أبيض» قد تظاهروا في منطقة «نتفي أيلون» أمام منزل رئيس الكنيست يولي أدلشتاين، وطالبوه بعدم تحويل الكنيست لملاذ «للمجرمين».
وقال أعضاء في الحزب إنهم سيخوضون نضالاً كبيراً ضد سن قانون الحصانة، الذي من شأنه أن يحمي بنيامين نتنياهو من المساءلة القانونية. ويواجه نتنياهو تهماً بالفساد في عدة ملفات. وكان النائب العام الإسرائيلي أجل تاريخ الاستماع إلى رئيس الوزراء للرد على اتهامات الفساد التي تثقل كاهله.
من جانبه قال عضو الكنيست العربي أيمن عودة، في «تويتر»، إنه سيلقي خطاباً في المظاهرة، التي دعت إليها المعارضة الإسرائيلية. واستجاب عودة لطلب رئيس المعارضة الإسرائيلية بيني غانتس لذلك. وعليه، فإنه قد أسدل الستار على الأزمة التي اندلعت في سياق المظاهرة بين قائمة «الجبهة الديمقراطية والعربية للتغيير» التي يرأسها عودة، وقائمة «أزرق أبيض» التي يرأسها غانتس. وجاء في بيان عممه مكتب أيمن عودة «كلمة عودة، ربما تعبّر عن توجّه جديد مغاير للمعارضة، ولكنه بالتأكيد حذر وقابل للتغيّر، وهذا ما ستظهره المرحلة المقبلة».
وأظهرت هذه الأزمة أن الانقسامات في الحلبة السياسية الإسرائيلية، لا تقتصر على أحزاب الحكومة فقط، بل إن الخلاف موجود أيضاً بين أحزاب المعارضة. وإن كان الخلاف بين أحزاب الحكومة مقسوماً بين المتدينين والعلمانيين، فإن الخلاف في المعارضة، هو على ما يبدو بين الأحزاب اليهودية وتلك العربية.
كانت قائمة «الجبهة الديمقراطية والعربية للتغيير» قد أعربت عن استيائها من عدم دعوتها من قبل قائمة «أزرق أبيض» أكبر أحزاب المعارضة الإسرائيلية، إلى المظاهرة التي ستقام تحت عنوان «جدار واقٍ للديمقراطية». وقال مصدر رفيع في «الجبهة الديمقراطية»، إن عضو الكنيست من «أزرق أبيض» عوفر شيلاح، قد اجتمع برئيس قائمة «الجبهة الديمقراطية والعربية للتغيير» أيمن عودة، الذي طلب منه أن يُلقي خطاباً في المظاهرة، بصفته رئيس ثاني أكبر قائمة في المعارضة، ليوافق شيلاح على الطلب، إلا أن «قوى الشر» داخل المعارضة الإسرائيلية أحبطت ذلك، وألغت دعوة عودة.
وكتب أيمن عودة منشوراً باللغة العبرية على صفحته في «تويتر»، قائلاً إن «الكفاح ضد فساد نتنياهو ومحاولاته لتدمير الحيز الديمقراطي من أجل الحفاظ على كرسيه، هو كفاح مشترك لجميع القوى الديمقراطية، اليهودية والعربية، يجب أن يكون هناك تمثيل لجميع أحزاب المعارضة، وحان الوقت لكي تعي ذلك الأحزاب الأخرى. مستعد لألقي الخطابات حول مخاطر حكومة نتنياهو، من على كل منبر».
إلى ذلك، قال تقرير أولي صدر عن صندوق النقد الدولي، إنه ينبغي على إسرائيل أن تعمل على تقليص العجز في ميزانيتها بدءاً من عام 2020، من خلال خفض إعفاءات ضريبية وإجراءات أخرى. وبعد زيارة وفد من صندوق النقد إلى إسرائيل، مؤخراً، قال الصندوق إنه يتوقع أن يصل العجز في ميزانية إسرائيل إلى 3.5 في المائة على الأقل هذا العام، مرتفعاً من 3 في المائة في 2018. وقال صندوق النقد إن السياسات الحالية تشير إلى مزيد من الزيادات في العجز في الأعوام المقبلة، لكن يجب على إسرائيل أن تستهدف خفض العجز إلى 2.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2020.
وأشار صندوق النقد إلى أن اقتصاد إسرائيل القوي يعطي الحكومة مجالاً لاتخاذ خطوات في ميزانية 2020 مثل تقليص العجز من خلال خفض إعفاءات ضريبية وزيادة الإيرادات وتحسين كفاءة الإنفاق. وما زالت السياسة النقدية في إسرائيل تيسيرية، إذ يبلغ سعر الفائدة الرئيسي 0.25 في المائة، وارتفع التضخم من مستويات منخفضة ليبقى أعلى قليلاً من النطاق الذي تستهدفه الحكومة، والذي يتراوح من 1 إلى 3 في المائة، منذ منتصف 2018.
وقال صندوق النقد إن اقتصاد إسرائيل يبقى قوياً مع ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.2 في المائة في الـ12 شهراً حتى الربع الأول من 2019. ومن المتوقع أن يسجل نمواً مماثلاً للعام 2019 بكامله.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.