لبنان يسعى إلى ضبط تهرب ضريبي يفوق الـ4.5 مليار دولار

TT

لبنان يسعى إلى ضبط تهرب ضريبي يفوق الـ4.5 مليار دولار

اعتمدت الحكومة اللبنانية في موازنة العام 2019 سلسلة تدابير وإجراءات للحد من التهرب الضريبي الذي يبلغ سنوياً نحو 4.5 مليار دولار. ويرجح خبراء في حال تطبيق المقررات الجديدة بحزم أن يتم ضبط نسبة كبيرة من هذا التهرب تصل إلى 70 أو 80 في المائة.
ويتوزع مبلغ الـ4.5 مليار دولار ما بين تهرّب من ضريبة الدخل يبلغ ملياري دولار وتهرب من الضريبة على القيمة المضافة TVA يتراوح ما بين 1.3 و1.5 مليار دولار سنويّاً، وفق ما تؤكد دراسة لصندوق النقد الدولي. كذلك يُسجل تهرب ضريبي تبلغ قيمته 500 مليون دولار في الجمارك، و200 مليون دولار في العقارات إضافة إلى أبواب أخرى كما في مجال رسوم الكهرباء وغيرها.
ويمكن اختصار التهرب الضريبي بعدم قيام المكلَّف الخاضع للضريبة بدفع الضرائب المستحَقة للدولة والمترتبة على دخله أو ثروته أو تخفيض المبالغ الخاضعة للضرائب من خلال استعمال طرق وأساليب غير مشروعة بحكم القانون.
وبمسعى لخفض العجز وزيادة الواردات، لجأت الحكومة في موازنتها الجديدة إلى جملة إجراءات للحد من التهرب الضريبي وأبرزها: خفض رقم الأعمال الذي يفرض على المكلف التسجيل في الضريبة على القيمة المضافة من 100 مليون ليرة إلى 50 مليون ليرة، اعتماد الشركات والأفراد الموازنات المصدّقة من وزارة المال كي تتمكن من الحصول على قروض من المصارف، اتخاذ تدابير مرتبطة بالتخمين العقاري، إلزام البلديات بالتصريح لوزارة المالية عن كلّ المؤسسات التجارية أو مؤسسات الأعمال التي تفتح في نطاقها البلدي لكي تتمكن الوزارة من متابعة موضوع التهرب الضريبي. كذلك تم اتخاذ سلسلة إجراءات بموضوع التهرب الجمركي، ترتكز بشكل أساسي على ضبط التهريب عبر المعابر غير الشرعية. وفيما اعتبر الوزير السابق فادي عبود أن الإجراءات المتخذة في هذا المجال غير كافية وغير فعالة أو جدية وأن المطلوب أكثر من ذلك بكثير، أكد المستشار الاقتصادي لـ«التيار الوطني الحر» شربل قرداحي أن النقاط المقترحة في موازنة العام 2019 بالإضافة إلى المقترحات الإضافية التي تقدم بها وزير الخارجية جبران باسيل تعالج جزءاً كبيراً من مسألة التهرب الضريبي كونها تتطرق إلى أهم الأبواب وهي: التهرب الضريبي عبر الحدود، التهريب والتهرب من الجمارك، تهرب الشركات والمهن الحرة وغيرها. ولفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه إذا أقرت مقترحات باسيل بالإضافة للبنود الموجودة أصلاً في الموازنة التي تقدم بها وزير المال يكون قد تم ضبط ما بين 70 أو 80 في المائة من التهرب الضريبي، شرط أن تلتزم القوى الأمنية والجمارك وغيرها من الأجهزة المعنية بتطبيق القانون من خلال إقفال المعابر غير الشرعية ومراقبة المتهربين من الضرائب بكل الوسائل القانونية المتاحة.
من جهته، أشار عبود إلى مجموعة مسائل كان يجب أن تلحظها الموازنة الجديدة لمكافحة التهرب الضريبي وأبرزها تفعيل عملية مراقبة الفواتير المخفضة والحرص على ملاحقة كل متلكئ عن دفع الضريبة على القيمة المضافة خاصة بعدما تبين أن 75 في المائة من دخل الدولة في هذا المجال محصور بالمعابر والنقاط الحدودية وأن نحو 60 في المائة من عمليات البيع والشراء التي تتم في الداخل اللبناني لا تخضع للـTVA. وأضاف عبود لـ«الشرق الأوسط»: «كذلك في موضوع العقارات يتوجب الاستغناء عن لجان التخمين كلياً واعتماد التخمين المركزي، إضافة لاعتماد تخفيض أكبر لرقم الأعمال الذي يفرض على المكلف التسجيل في الضريبة على القيمة المضافة ليصبح 15 مليون ليرة».
وأقر قرداحي بأن «وضعنا في لبنان بمسألة التهرب الضريبي أسوأ من الدول الغربية بحيث يتم هناك تطبيق القوانين، ويُعتبر التهرب من الضريبة جريمة يحاسب عليها القانون ويدخل المتورطون بها إلى السجن، بينما في لبنان تقر الحكومة كل مدة إجراءات تعفي المتهربين أو المتأخرين أو المتلكئين عن دفع الضرائب من كل الغرامات المتوجبة عليهم، مما سمح للكثير من المواطنين والشركات بالتمادي في مجال عدم دفع الضرائب المستحقة بانتظار الاستفادة من إعفاءات لاحقة»، مشدداً على وجوب الحد أو التوقف من إعطاء الإعفاءات وتطبيق القانون بشكل مستدام وليس بشكل استثنائي «حتى نتمكن مع الوقت من خلق التزام بدفع الضريبة وعدم التهرب منها».
وفعليا، أصدرت الحكومة أخيراً إعفاءات جديدة على غرامات مستحقة، وأشار النائب بلال عبد الله إلى أنه «بحجة تحصيل أموال للخزينة، يلحظ مشروع الموازنة عدداً هائلاً من الإعفاءات على الغرامات المستحقة، خاصة على المؤسسات والشركات ذات الرساميل والمداخيل الكبيرة، أو تخفيضها للحد الأدنى». وأضاف: «بكلام آخر، نقول للذي التزم وسدد إنك غبي، وللذي تمنع وتهرب برافو (أحسنت عملاً)».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».