8 قرارات اتهامية في جرائم الانتماء لتنظيمات إرهابية مسلحة

منظمات حقوقية تندّد بترحيل سوريين من مطار بيروت

TT

8 قرارات اتهامية في جرائم الانتماء لتنظيمات إرهابية مسلحة

أصدر قاضي التحقيق الأول فادي صوان، أمس، ثمانية قرارات اتهامية في جرائم الانتماء إلى تنظيمات إرهابية مسلحة، شملت لبنانيين وسوريين، وأحال المتهمين إلى المحكمة العسكرية الدائمة للمحاكمة.
واتهم في القرار الأول اللبناني علي محمد رايد وأربعة من رفاقه شاركوا في قتل النقيب في الجيش اللبناني بيار بشعلاني والمؤهل أول إبراهيم زهرمان وجرح عسكريين آخرين في عرسال في فبراير (شباط) 2013، علماً بأن القرار غيابي بحق المتهمين بعدما نفذت مذكرة تحر دائم بحقهم واتضحت كامل هوياتهم.
وفي القرارات الأخرى، اتهم القاضي صوان السوري، حازم غزوان رسلان وستة من رفاقه، بجرم الانتماء إلى «جبهة النصرة» للقتال في سوريا، ومحمد مروان يوسف الموقوف حالياً بجرم الانتماء إلى «تنظيم القاعدة» وتحريض آخرين على الانضمام إلى التنظيم.
واتهم السوري محمد حسن الجاسم وثلاثة من رفاقه، بجرم الانتماء إلى تنظيم «أحرار الشام» والقتال في سوريا ضد الجيش السوري، كما اتهم القاضي صوان السوري، فارس عبد الرحيم خضرا وأربعة من رفاقه، بجرم الانتماء إلى «كتائب الفاروق» والقتال في سوريا.
كما اتهم ثلاثة أشخاص بجرم الانتماء إلى تنظيم «داعش» والقتال في سوريا، وهم السوريون مرعي حسن هويدي وأسامة صالح سلامة وعمر إبراهيم الفليطاتي، وأحيل المتهمون إلى المحكمة العسكرية الدائمة للمحاكمة.
ونددت خمس منظمات حقوقية بينها هيومن رايتس ووتش الجمعة بترحيل لبنان 16 سورياً على الأقل من مطار بيروت خلال يوم واحد بعد إجراءات «موجزة»، رغم أن عدداً منهم مسجلون كلاجئين وأبدوا خشيتهم من إعادتهم إلى بلادهم.
وتقدر السلطات راهناً وجود نحو مليون ونصف مليون لاجئ سوري، بينما تفيد بيانات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين عن وجود أقل من مليون. ويكرر مسؤولون لبنانيون مطالبتهم بإعادة السوريين إلى بلادهم بحجة انتهاء الحرب في مناطق عدة استعادتها الحكومة السورية خلال العامين الأخيرين.
وفي بيان مشترك، قالت منظمات «هيومن رايتس ووتش» و«المركز اللبناني لحقوق الإنسان» و«المفكرة القانونية» و«رواد الحقوق» و«مركز وصول لحقوق الإنسان» إن «لبنان رحّل بإجراءات موجزة 16 سورياً على الأقل» عند وصولهم إلى المطار في 26 أبريل (نيسان).
وذكرت أن «خمسة منهم على الأقل مسجلون» لدى مفوضية اللاجئين بينما «أعرب 13 منهم على الأقل عن خوفهم من التعذيب والملاحقة في حال إعادتهم إلى سوريا». وأوضحت أنه رغم ذلك لم يُمنَحوا «أي فرصة فعلية لطلب اللجوء أو الاعتراض على ترحيلهم بل أُجبروا على توقيع استمارات (عودة طوعية إلى الوطن)».
وقالت مديرة قسم الشرق الأوسط بالإنابة في هيومن رايتس ووتش لما فقيه «على السلطات اللبنانية عدم ترحيل أي شخص إلى سوريا بدون أن تتيح لهم أولاً فرصة عادلة للدفاع لإثبات حاجتهم للحماية، وضمان عدم تعرّضهم لخطر فعلي بالاضطهاد أو التعذيب».
وشدد التقرير على أن لبنان بصفته طرفاً في «اتفاقية مناهضة التعذيب»، «مُلزم بألا يعيد أو يسلّم أي شخص في حال وجود أسباب وجيهة تشير إلى أنه قد يواجه خطر التعرض للتعذيب»، كما أنه «ملزم أيضاً بمبدأ القانون الدولي العُرفي في عدم الإعادة القسرية».
ونقلت وسائل إعلام محلية في لبنان أن مجلس الدفاع الأعلى، الذي يبقي قراراته سريّة، فوّض مؤخراً جهاز الأمن العام اللبناني ترحيل كل سوري يدخل بطريقة غير شرعية إلى البلاد.
وبحسب التقرير، يفتقر 74 في المائة من السوريين الموجودين حالياً في لبنان إلى إقامات قانونية ويواجهون نتيجة ذلك خطر الاحتجاز.
وتكرر السلطات اللبنانية بانتظام مطالبة المجتمع الدولي بإعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، محملة إياهم مسؤولية تردّي الوضع الاقتصادي وتراجع فرص العمل.
واقترح وزير الخارجية جبران باسيل الأسبوع الماضي على الحكومة أن تلحظ في مشروع الموازنة الذي تتم مناقشته حالياً فرض رسوم إقامة على اللاجئين السوريين ورسوم عمل على العمال منهم.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي في اليومين الأخيرين صوراً تظهر عشرات الأشخاص، قالوا إن بينهم عدداً كبيراً من السوريين، طردتهم الشرطة البلدية ليلاً من منازل يقيمون فيها في مبنى في بيروت ليجدوا أنفسهم في الشارع.
ويقدّر الأمن العام اللبناني عودة أكثر من 170 ألف سوري منذ نهاية العام 2017 حتى مارس (آذار)، لكن منظمات غير حكومية تقدّر أن عدد العائدين «أقل من ذلك بكثير»، وفق التقرير.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.