كارثة حزب المؤتمر الوطني المعارض

راهول غاندي
راهول غاندي
TT

كارثة حزب المؤتمر الوطني المعارض

راهول غاندي
راهول غاندي

وجهت نتائج انتخابات عام 2019 العامة في الهند أقسى وأقوى الضربات السياسية التي تلقاها «حزب المؤتمر» المعارض، ورئيسه راهول غاندي، على الإطلاق. إذ فقد غاندي مقعده البرلماني العائلي التقليدي في دائرة آميثي (ولاية أوتار براديش). ولتحسبه احتمال الخسارة، اختار راهول غاندي خوض المعركة في دائرتين، وكسب بالفعل في واينارد (ولاية كيرالا).
الحقيقة، أنه بعد تسجيل انتصارات في 3 ولايات «الحزام الهندي» (شمال وسط الهند) خلال العام الماضي، خسر راهول غاندي بالأمس أكبر المعارك الانتخابية في مسيرته السياسية حتى اليوم.
لقد أعاد راهول غاندي اكتشاف ذاته مرتين خلال الـ15 سنة الماضية. وعبر صورته الأخيرة، أعاد تصوير نفسه استعداداً لمواجهة القوة الهائلة التي يملكها رئيس الوزراء ناريندرا مودي وأميت شاه. وتزامنت النسخ الثلاث من راهول غاندي مع المناصب الثلاثة التي شغلها: سكرتير عام الحزب، ونائب رئيس الحزب، ورئيس «حزب المؤتمر» وهو المنصب الذي يشغله راهناً. وفي صورته الأخيرة، منح الآمال لحزبه وأنصاره في كل مكان. لكنه رغم ذلك، لم يفلح في مساعدته ولا مساعدة حزبه القديم. ومن ثم، ومع الهزيمة المنكرة الأخيرة فإن التساؤل الكبير الذي يفرض نفسه هو: ما الخطوة التالية التي سيتخذها راهول غاندي؟
يعترف قادة «المؤتمر»، فيما بينهم، بأن عثرة الحزب الكبيرة نشأت من تحوّل الحملة الانتخابية إلى حرب مريرة ضد مودي وحزبه، الذي كان يريد - أصلاً - تحويل المعركة الانتخابية إلى «معركة رئاسية» شخصية بينه وبين مرشح رئاسة الوزراء المعارض غير المعلن. كان عنصر «ليس هناك بديل آخر، أو (تينا) اختصاراً باللغة الإنجليزية»، هو أفضل رهانات مودي في الانتخابات الأخيرة، ولقد وقع «المؤتمر» في الفخ وكلتا يديه مكبلة وراء ظهره. وتقبل راهول غاندي علانية نبأ هزيمته وهزيمة حزبه ملقياً بلائمة النتائج المزرية على سوء الأداء السياسي للحزب برمته.
وبعد الإعلان عن نتائج الانتخابات، باتت الخلاصة واضحة: لا شك حصل راهول وشقيقته بريانكا غاندي على بعض الزخم السياسي الذي حظي به من قبل والدهما رئيس الوزراء الهندي الأسبق راجيف غاندي وجدتهما إنديرا غاندي، لكن الهند عام 2019 ليست هي نفسها هند حقبة سبعينات وثمانينات القرن الماضي. ثم إن المتابعين الخبراء داخل أروقة «المؤتمر» المعارض لا يتوقعون تمرداً ضد راهول غاندي وأسرته. وكثير من الحزبيين يعترفون على نحو شخصي بأن نتائج الانتخابات الأخيرة لم تفاجئهم، ومن شأنها أن تبشر بفصل جديد في السياسات الهندية. وبالتالي، كلما عجّل «المؤتمر» بإدراك هذه الحقيقة، كان من الأفضل للحزب بأسره، كما قال أحد قادته. ولكن، في المقابل، بعض قيادات الحزب، التي باغتها سوء الأداء، تبدي الآن قلقاً من استهداف حكوماته في كل من ولايات كارناتاكا ومادهيا براديش وراجستان.
مما يجدر ذكره، أنه في الانتخابات السابقة فاز الحزب بـ44 مقعداً، وكان هذا أدنى عدد من المقاعد يحصل عليه الحزب في تاريخه، ويومذاك كانت سونيا غاندي هي رئيسة الحزب ونجلها راهول في منصب نائب رئيسة الحزب. لكن في الانتخابات الأخيرة، بالأمس، حقق الحزب تحسناً هامشياً.


مقالات ذات صلة

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

حصاد الأسبوع جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب

يوسف دياب (بيروت)
حصاد الأسبوع تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تشهد كوريا الجنوبية، منذ نحو أسبوعين، تطورات متلاحقة لا تلوح لها نهاية حقيقية، شهدت اهتزاز موقع رئيس الجمهورية يون سوك - يول بعد إعلانه في بيان تلفزيوني

براكريتي غوبتا (نيودلهي (الهند))
حصاد الأسبوع تشون دو - هوان (رويترز)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
حصاد الأسبوع الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)

شرق السودان... نار تحت الرماد

لا يبعد إقليم شرق السودان كثيراً عن تماسّات صراع إقليمي معلن، فالجارة الشرقية إريتريا، عينها على خصمها «اللدود» إثيوبيا، وتتربص كل منهما بالأخرى. كذلك، شرق

أحمد يونس (كمبالا (أوغندا))
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

اختارت مجلة تايم الأميركية دونالد ترمب الذي انتخب لولاية ثانية على رأس الولايات المتحدة شخصية العام 2024.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»