«ماراثون» الموازنة اللبنانية يتجدد اليوم وتحذيرات مصرفية من مخاطر التأخير

حاصباني يرى مشاريع الإصلاحات غير كافية وباسيل يؤكد هدفه في حماية العهد من وطأة الأزمة

مظاهرة في بيروت تطالب بحماية حقوق الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة (إ.ب.أ)
مظاهرة في بيروت تطالب بحماية حقوق الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة (إ.ب.أ)
TT

«ماراثون» الموازنة اللبنانية يتجدد اليوم وتحذيرات مصرفية من مخاطر التأخير

مظاهرة في بيروت تطالب بحماية حقوق الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة (إ.ب.أ)
مظاهرة في بيروت تطالب بحماية حقوق الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة (إ.ب.أ)

يجتمع مجلس الوزراء اللبناني اليوم السبت في جلسة يفترض أن تكون الأخيرة، بعد ثلاثة أسابيع في دراسة الموازنة العامة التي يجب إحالتها إلى البرلمان لإقرارها قبل نهاية الشهر الحالي، حيث تنتهي مهلة أعطاها إياها البرلمان للصرف وفق القاعدة الاثني عشرية.
وتتخوف مصادر مصرفية لبنانية من «مماطلة» في إقرار الموازنة بهدف تمريرها من دون إصلاحات جدية، محذرة عبر «الشرق الأوسط» من «مخاطر جسيمة على الاقتصاد والعملة في حال عجزت الحكومة عن إقرارها قبل نهاية الشهر»، في حين تبدو الصورة ضبابية حول الموازنة مع انقضاء 18 جلسة نقاش داخل الحكومة، في ظل تباين علني بين تيارين أساسيين هما: فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بقيادة وزير الخارجية جبران باسيل الذي يتشدد في رفض موازنة «غير إصلاحية»، وفريق رئيس البرلمان نبيه بري ممثلا بوزير المال علي حسن خليل الذي يصر على إقرار الموازنة وفق «الإنجاز» الذي تحقق بخفض العجز بنسبة 7.5 في المائة.
وتبين من خلال المواقف الصادرة أمس أن الأطراف غير راضين عن مسودة الموازنة، إذ نقلت «رويترز» عن نائب رئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني أن مسودة الميزانية «لا ترقى إلى مستوى الإصلاحات الضخمة الضرورية لبناء النمو»، فيما قال وزير الخارجية جبران باسيل إن «البعض في الحكومة يعتقد أن مسودة ميزانية 2019 تكفي في صورتها الحالية، ونحن نراها غير كافية».
وعقدت جلسات مناقشة الموازنة بين ضغطين، الأول يمثله المجتمع الدولي الذي يطالب بالإصلاحات وتقليص الهدر والعجز، والثاني مثله موظفو القطاع العام الذين رفضوا المساس برواتبهم ومكتسباتهم والتقديمات الاجتماعية التي توفرها الحكومة للموظفين. وانتشرت معلومات مفادها بأن ما تسرب من مسودة الموازنة، يخالف الوعود التي تعهد بها المسؤولون بأنها لن تمس جيوب الفقراء ورواتب صغار الموظفين، إذ فرضت ضرائب ورسوما إضافية تطال بشكل غير مباشر الطبقات الفقيرة والمتوسطة.
وقال مصدر وزاري لـ«الشرق الأوسط»: «ليس صحيحاً أن الحكومة استهدفت الفقراء، وفرضت ضرائب تطال الفقراء دون الأغنياء. الصحيح أننا زدنا الضرائب على البنوك وأصحاب الحسابات المصرفية، حيث ارتفعت الضرائب على الفوائد المصرفية من 7 إلى 10 في المائة، كما وضعت ضرائب تصاعدية بحسب شطور الدخل، وهي تطال المتمكنين وليس الفقراء».
لكن المصدر في الوقت نفسه، لم ينفِ أن هناك ضرائب غير مباشرة سيتضرر منها الفقراء. وقال: «لا إصلاحات من دون إجراءات، ومساهمة كل مواطن ستكون ضمن قدراته، وبالمجمل لا يمكن اتخاذ قرارات جريئة دون المساس بأحد».
وشدد المصدر على أن الحكومة «حافظت على القدرة الشرائية للمواطنين، وحمت رواتب الطبقات الفقيرة والمتوسطة وموظفي الحد الأدنى للأجور، لكن الإصلاح لا يمكن أن يحيد عن أحد، وقلصنا المساس بالحد الأدنى للأجور إلى أدنى درجة ممكنة».
وكان وزير العمل كميل أبو سليمان أكد في حديث تلفزيوني على «أننا توصلنا إلى مستوى لا بأس به أبدا مع انخفاض 7.5 في المائة للعجز من ‏الناتج المحلي مقارنة بعجز سنة 2018 الذي وصل إلى 11.4 في المائة، والمهم أن نلتزم بهذا التخفيض على أرض الواقع».
وبموازاة الترقب الذي يرافق إقرار الموازنة، تحتجّ قوى سياسية على المداولات في الحكومة باعتبار المسودة غير كافية. لذلك، قال وزير الاتصالات محمد شقير أمس بعد لقائه الرئيس الحريري: «أتمنى من الجميع أن يتواضعوا قليلا وأن ينظروا إلى مصلحة البلد لأن المواطنين في انتظارنا وهم خائفون بسبب هذا التأخير». وأكد أن «العمل الذي أنجز في الموازنة كان كبيرا جدا، ووزير المالية بذل جهودا كبيرة أهنئه عليها، وقد اقتربنا من النهاية. أتمنى أن ننتهي كما بدأنا من دون أي مواقف سياسية حول من ربح ومن خسر، أعتقد أن لبنان كله سيربح وهذا هو الهدف الحقيقي».
وارتفع منسوب القلق أمس من التأخر في إقرارها، وقال نائب رئيس الوزراء غسان حاصباني إن لديه «بواعث قلق عميقة» حيال تأخر إتمام محادثات الميزانية، والنقاشات الأحدث تركزت على «نقاط صغيرة وتدرجية».
وجاءت الدعوة لإقرار الموازنة عاجلاً، من رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط الذي قال: «ان إنجاز الموازنة أهم من تعطيلها والدخول في نقاش عقيم ومعطل».
في غضون ذلك، قال وزير الخارجية جبران باسيل: «لدينا خطة اقتصادية لحل الأزمة ولا نفرضها على أحد، مؤكدا أنه لا خلاف بينه وبين رئيس الحكومة سعد الحريري، وأنه «سيكون هناك موازنة وتخفيض للعجز».
وأوضح بعد اجتماع تكتل «لبنان القوي»: «في موضوع الموازنة نريد أن نكون مطمئنين بأننا أصبحنا في بر الأمان والبعض يعتبر ما تحقق كافيا أما نحن فلا نعتبر ذلك»، مؤكدا «الخلاف ليس مع شخص محدد بل هو خلاف مع أكثر من فريق حول مواضيع محددة».
ولمح إلى أن «البعض في الداخل والخارج ترك البلد والعهد تحت وطأة الأزمة»، مشددا على أن «الجميع يخسر مع التأخير في إقرار الموازنة والكلفة تكون بوقف الهدر وخفض الامتيازات ووقف المساهمات ووقف الحالات الشاذة، ولكل إصلاح كلفة». وفيما رأى «أننا أمام فرصة لا تتكرر ويجب أن نتصرف لأن الوضع صعب»، قال: «نحن كفريق لدينا خطة اقتصادية ولا نفرضها على أحد ونتجاوب مع الجميع».
ومع نفيه وجود أي خلاف مع رئيس الحكومة قال: «نريد من الموازنة إعادة ثقة الناس بالدولة والارتياح للاستثمار، وتجاه الخارج، وعودة الثقة إلى الأسواق وحركة اقتصادية نشيطة».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.