استقالة المبعوث الخاص إلى الصحراء تعيد عقارب المفاوضات إلى الصفر

TT

استقالة المبعوث الخاص إلى الصحراء تعيد عقارب المفاوضات إلى الصفر

ألقت الاستقالة المفاجئة للرئيس الألماني الأسبق هورست كوهلر، من مهمته كمبعوث شخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، بظلالها على مسلسل المفاوضات بين أطراف نزاع الصحراء بهدف إيجاد حل سياسي.
قدم كوهلر استقالته أول من أمس، إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بعد 20 شهراً من توليه هذه المهمة، والتي نجح خلالها في جمع أطراف النزاع (المغرب والجزائر وموريتانيا وجبهة البوليساريو) مرتين حول «مائدة مستديرة» بجنيف، بهدف بناء الثقة بعد ست سنوات من توقف المفاوضات المباشرة.
وتعد ولاية كوهلر الأقصر من بين ولايات سابقيه في هذه المهمة، والتي انتهت كلها بالاستقالة، إذ ناهزت ولاية جيمس بيكر سبع سنوات، فيما استمرت ولاية فان والسوم من 2005 إلى 2008، ليتولى مهمة الوساطة بعد ذلك الدبلوماسي الأميركي كريستوفر روس من 2009 إلى 2017، حيث أُجبر على تقديم استقالته عقب رفض استقباله من طرف المغرب، الذي انتقد بشدة عدم حياده.
وعزا بيان أصدره المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، استقالة كوهلر (76 سنة)، إلى دواعٍ صحية، دون أن يعطي أي توضيحات حول وضعه الصحي. مضيفاً أن غوتيريش أعرب عن «أسفه البالغ لهذه الاستقالة»، لكنه قال إنه «يتفهمها تماماً».
وذكر البيان أن غوتيريش عبّر لكوهلر عن «امتنانه العميق لجهوده المستمرة والمكثفة، التي أرست أسس الزخم الجديد في العملية السياسية حول قضية الصحراء»، مشيراً إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة عبّر بالمناسبة عن «امتنانه» للأطراف على «انخراطها» إلى جانب كوهلر في العملية السياسية.
وفي رد فعل على خبر الاستقالة، أعلن المغرب عبر بيان صادر عن وزارة الخارجية والتعاون الدولي أنها «أخذت علماً، بأسف، بخبر استقالة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية، هورست كوهلر». موضحاً أن المغرب ينوه بالمجهود الذي بذله كوهلر منذ تعيينه في أغسطس (آب) 2017، و«بالثبات والاستعداد والحرفية التي تحلى بها في تأديته لمهامه».
كما أكد البيان أن المغرب «يجدد دعمه لجهود الأمين العام للأمم المتحدة من أجل تسوية النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، ويعبّر عن التزامه بالتوصل إلى حل سياسي واقعي، قابل للتطبيق ومستدام، قائم على التوافق، وذلك في إطار مبادرة الحكم الذاتي».
من جانبها عبّرت جبهة البوليساريو، التي تدعو إلى انفصال المحافظات الصحراوية عن المغرب، في تصريح لها عن «شعورها بالأسف الشديد حيال استقالة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، الذي أبدى خلال فترة مهمته التزاماً راسخاً في سعيه للتوصل إلى حل عادل ودائم».
وأكدت الجبهة، التي تدعمها الجزائر وتتخذ من منطقة تندوف (جنوب غربي الجزائر) مقراً لها، أنها «تظل ملتزمة التزاماً تاماً بالعملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة»، مشددةً على تشبثها بمطلب «تقرير المصير والاستقلال».
وأضاف التصريح أنه «من الضروري ألا يُستخدم رحيل المبعوث الشخصي كذريعة لتأخير أو عرقلة التقدم الذي تم إحرازه منذ أول اجتماع للطاولة المستديرة حول الصحراء».
ومع استقالة كوهلر تبدأ معركة دبلوماسية جديدة بين المغرب والجزائر في دهاليز الأمم المتحدة بهدف التأثير على قرار اختيار خلف كوهلر كمبعوث خاص إلى الصحراء.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.