اشتدت حدة القتال في العاصمة الليبية طرابلس، بعدما كثفت قوات «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر من وتيرة الضربات الجوية ضد القوات الموالية لحكومة «الوفاق»، التي يرأسها فائز السراج، وكبدتها خسائر كبيرة.
وطبقاً لما أعلنه المركز الإعلامي لـ«غرفة عمليات الكرامة»، مساء أول من أمس، فقد شنت طائرات «الجيش الوطني» 20 غارة جوية على مواقع وأهداف لميليشيات السراج، مشيراً إلى أن الضربات الجوية «أسفرت عن إصابات دقيقة بالعشرات في الآليات، وفي صفوف العصابات الإجرامية التي تحتل العاصمة، فيما لم تتوقف سيارات الإسعاف»، في إشارة إلى ارتفاع عدد الإصابات في صفوف الميليشيات.
من جانبه، تحدث «لواء الصمود» الموالي لحكومة السراج، والذي يقوده الإخواني صلاح بادي، المدرج على قائمة العقوبات الدولية والأميركية بتهمة ارتكابه جرائم حرب، عن تعرضه بمفرده لتسع غارات جوية مساء أول من أمس.
لكنه لم يتحدث عن حدوث أي إصابات بشرية أو مادية، مكتفياً بالإشارة إلى أن الغارات التي استهدفت محور وادي ربيع من قبل الطيران الليلي تمت قبل خروج طيران اعتراضي، تابع لحكومة السراج.
وبثت شعبة الإعلام الحربي، التابعة للجيش، مشاهد مصورة «لاشتباكات وحدات الجيش مع الحشد الميليشاوي»، في إشارة إلى القوات الموالية للسراج، أثناء معارك تحرير كوبري مطار طرابلس الدولي، والانتقال من كوبري مطار بنينا إلى ما بعد كوبري مطار طرابلس الدولي.
أمام هذا الوضع المتفاقم، استنكر غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، النزاع الدائر في طرابلس، وعدّ أن البلد «يقدم على الانتحار»، ويبدد الثروة النفطية لتسديد تكلفة الحرب.
وقال سلامة في مركز أبحاث بنيويورك، مساء أول من أمس، إن ليبيا «مثال على التدخل الأجنبي اليوم في نزاعات محلية»، مبرزاً أن «ما بين 6 و10 دول تتدخل بشكل دائم في المشكلة الليبية»، وتقوم بإدخال السلاح والمال وتقدم المشورة العسكرية لهذا البلد. لكنه شدد على أن الليبيين «ليسوا بحاجة لمساعدة من الخارج لتأجيج النزاع، الذي يدمر بلدهم منذ الإطاحة بالعقيد الراحل معمر القذافي في 2011»، معرباً عن أسفه لأن «الحقيقة هي أن ليبيا يمكنها أن تدفع ثمن انتحارها».
وأضاف سلامة أمام «معهد السلام الدولي»: «لطالما اعتبرت مواطني في لبنان من الغباء بحيث يقدمون على الانتحار بأموال أشخاص آخرين. الليبيون أسوأ؛ لأنهم يقدمون على الانتحار بأموالهم»، مناشداً الجميع «بذل الجهود من أجل وضع حد لهذا النزاع»، وعبر عن أسفه لغياب التوافق حول هذه المسألة في مجلس الأمن.
في غضون ذلك، بدأ السراج زيارة رسمية إلى الجزائر، أمس، آتياً من تونس، برفقة وزير خارجيته محمد سيالة، ومجموعة من المستشارين والمسؤولين العسكريين، وكان في استقباله رئيس الحكومة نور الدين بدوي ووزير الخارجية صبري بوقادوم.
وأكد الرئيس الجزائري الانتقالي عبد القادر بن صالح، في بيان صادر عن الرئاسة الجزائرية، عقب لقائه مع فائز السراج، أمس، «انشغال الجزائر لما آلت إليه الأوضاع في ليبيا؛ الدولة الشقيقة والجارة، جراء المواجهات الدائرة هناك، وما ترتب عليها من خسائر بشرية ومادية، ناهيك عن العدد المعتبر للنازحين».وأوضح البيان أن بن صالح عبر عن أسفه «لاستمرار الاقتتال، رغم النداءات الملحة المختلفة لوقف الأعمال العدائية، واستئناف الحوار كحل سياسي لا بديل له للأزمة الليبية»، وأبرز أن «جهود الجزائر على الصعيد الدولي ما لبثت ترمي إلى الإسراع في وقف الاقتتال، واستمرار المسار السياسي بمشاركة كامل القوى الوطنية الليبية»، مشيراً إلى أن «استمرار هذا الوضع من شأنه أن يعمق الانقسامات، ويزيد من الاحتقان السياسي الداخلي، ويغذي التدخلات الخارجية؛ بل يفاقمها».
كما أشار البيان إلى أن بن صالح استعرض مع السراج تحليل وتقييم الوضع في ليبيا بوجه عام؛ «خصوصاً الأحداث الجارية في طرابلس وتداعياتها الخطيرة على المنطقة ككل... بالإضافة إلى العلاقات الثنائية بين البلدين والشعبين الشقيقين، وسبل ترقيتها ودعمها، بما يعكس تميز روابط الأخوة والتآزر والتعاون التي تجمعهما».
وكان السراج قد أجرى في تونس، مساء أول من أمس، مع شيوخ ووجهاء من قبائل المنطقة الشرقية في ليبيا، ما وصفه بـ«حوار صريح حول الاعتداء الذي تتعرض له طرابلس»، والذي رأى أنه «وضع الليبيين في مواجهة بعضهم البعض».
كما أبلغ السراج عدداً من السفراء العرب والأجانب، التقاهم في تونس أيضاً، بأن حفتر «توهم أن دخول طرابلس سيكون نزهة، بفضل ما تلقاه من دعم عسكري»، وعدّ أن دخوله طرابلس «حلم لن يتحقق أبداً»، مؤكداً أنّ الهجوم على طرابلس «أغرق البلاد في دوامة من العنف والحرب، مدفوعاً برغبات شخصية ونزوات فردية».
سلامة: ليبيا تقدم على الانتحار بتبديد ثروتها النفطية في الحرب
الجيش الوطني يكبّد ميليشيات طرابلس خسائر فادحة
سلامة: ليبيا تقدم على الانتحار بتبديد ثروتها النفطية في الحرب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة