شاشة الناقد

من فيلم «روكتمان»
من فيلم «روكتمان»
TT

شاشة الناقد

من فيلم «روكتمان»
من فيلم «روكتمان»

Rocketman
• إخراج: دكستر فلتشر
• تقييم: (وسط)
حياة التون جون
«روكتمان» هو عنوان أغنية مشهورة لالتون جون يستخدمها الفيلم الجديد (أحد عروض «كان» خارج المسابقة) الذي يروي جزءاً من حياة المغني المعروف. ذلك الجزء الذي يتعامل مع مراحل مطلع شهرته وبعدها مباشرة.
مع التقدير اللازم للفن الذي انبعث من صوت المغني ومن عزفه على البيانو ومن بعض ألحانه وأقل من ذلك من صوته، فإن تحقيق فيلم عنه يندرج ضمن السير التي تتابعها السينما حيناً عن فنانين وحيناً عن أدباء أو أصحاب شأن آخرين. في هذا النطاق فإن «روكتمان» قريب العهد والنوع من «بوهيميان رابسودي» لبرايان سينجر الذي قام ببطولته رامي مالك ونال عليه أوسكار أفضل ممثل في الشهر الثاني من هذا العام.
وثمة رابط بين أداء رامي مالك في ذلك الفيلم وبين أداء تارون إيغرتون في «روكتمان». الأول لعب شخصية المغني فريدي مركوري (قائد فرقة Queen) والثاني لعب شخصية التون جون بالقدر ذاته من الإصرار على النجاح والبذل. وكلاهما استحق الإعجاب الذي ناله عن دوره.
في الوقت ذاته، «روكتمان» تحت إدارة المخرج دكستر فلتشر، يلقى مصيراً فنياً مشابها لمصير فيلم «بوهيميان رابسودي». هذا من حيث إنه يعرض الشخصية كما لو أنها خُلقت لتكون أيقونة موسيقية عالمية ولا شيء آخر. طبعاً هي تحوّلت إلى ذلك وأسباب تحوّلها تكمن في الظروف التي أحاطت بنشأة المغني وبشخصيته كما بالتصاميم المبهرجة التي واكبت ظهوره وحقيقة إنه كان مثلياً متباهياً في هذا الشأن.
لم يدخل الفيلم عميقاً في أي مما كوّن التون جون كإنسان ولا حتى كيف تكوّن كمغنٍ. نعم يسرد علينا تلك المراحل لكنها هي أقرب إلى مسحة بانورامية بلا قمم ولا ذروات درامية فعلية مصنوعة لكي تستقطب إعجاب الإعلاميين والصحافيين المخدوشين بتناسخ الكتابات والآراء فوق إعجاب الجمهور الذي ما زال يتحلق حول التون جون.
بذل إيغرتون لتأدية الشخصية كاملة هو الفعل الأفضل بين ما يوفره الفيلم لجمهوره. حلقة الوصل الصحيحة والوحيدة بين ذلك الجمهور وبين الأسطورة التي خلقها الإعلام وأقبل عليها المعجبون. لكن البذل شيء والنجاح أمر آخر.
في مشاهد مبكرة من الفيلم يوفر التون جون (كما يؤديه إيغرتون) تلخيصاً لحياته الخاصة ومشاكله النفسية التي حصلت في بداية حياته بسبب علاقته مع أهله. هذ ليس كافياً لتقديم صورة حياة فعلية وأقل من ذلك في فن السينما البيوغرافية والفيلم يمضي معنياً بالمواقع والأحداث التي تستخدم التاريخ من دون أن تبحث فيه.
بالتالي لا يستطيع الفيلم أن يقوم ببعض وظائفه. لا يستطيع أن يكون رأياً خاصاً به ولا يستطيع أن ينتقد أو أن يطرح تساؤلات مثيرة. معظمه يمر أمامنا مسطحاً وبمنهج فانتازي.



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.