مصر: خفض ميزانيات مسلسلات رمضان يثير اتهامات بالتأثير على جودتها

قبل انطلاق أعمال التحضير لموسم دراما رمضان 2019 الجاري، بدأ الحديث عن ضرورة إعادة تنظيم السوق، وما يتطلبه من تخفيض ميزانيات الإنتاج، وتخفيض أجور الفنانين، وهو ما تم بالفعل في معظم المسلسلات المصرية، حيث تم تخفيض بعض أجور النجوم للنصف، وهو ما دفع المتابعون والنقاد إلى القول إن تخفيض الميزانيات أدى للتأثير على جودة الأعمال بالموسم الدرامي الجاري.
الناقد الفني طارق الشناوي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «فكرة مصادرة الخيال، ووضع قواعد مسبقة للكتاب، وإلغاء قانون العرض والطلب، وتحديد أسعار النجوم بتدخل فوقي، يؤثر سلباً على السوق، ويترتب عليه عدم معرفة القيمة التسويقية للنجوم»، موضحاً أن «مصر على مدار تاريخها لم تلجأ لفكرة فرض أسعار على النجوم، حتى في فترة الستينات، ودخول مؤسسة السينما للسوق، لم يحدث ذلك، فلم يتوقف القطاع الخاص، وكان أجر الفنان تحدده السوق».
وأكد الشناوي أن الخسائر لا يكون سببها الوحيد ارتفاع الميزانيات، فمن الممكن أن يتكلف إنتاج مسلسل 100 مليون جنيه، ويتم تسويقه بأكثر من تكلفته فيتحقق المكسب. وفي المقابل، من الممكن أن ينتج مسلسل بـ50 مليون جنيه، ويتم تسويقه بأقل من قيمته وبالتالي تتحقق الخسارة، فالأهم دائماً هو التفكير في منافذ توزيع جديدة غير تقليدية، وهذا غير قائم حالياً في السوق المصرية، مشيراً إلى أن المشكلة تبدأ عندما يكون المنتج هو نفسه صاحب قنوات العرض، فالعالم كله يجرم ويحرم ذلك، وهوليود من الثلاثينات تنبهت لذلك، ومنعت حق أي استوديو في امتلاك دور العرض، حتى يحدث حراك في السوق، وتكون هناك منافسة.
وأرجع الشناوي ما حدث من تخفيض للأجور هذا العام لـ«سيطرة شركة واحدة على السوق، فهي التي أنتجت 15 مسلسلاً تعرضها على الفضائيات التي تملكها، وهذا ظرف استثنائي يستحيل استمراره».
ويوضح الشناوي أن «التدخل بتخفيض النجوم كانت إحدى سلبياته غياب معظم النجوم العرب عن المشاركة في المسلسلات المصرية في رمضان الحالي، رغم الأهمية الكبيرة لوجود النجم العربي في تحقيق عنصر الجذب والتسويق الخارجي للمسلسلات، وهو ما يعود بالمكسب على المنتج. وبالتالي الأمر برمته يحتاج إلى إعادة نظر في التجربة التي فرضت على السوق، فالشاشة هذا الموسم لم تكن على قدر الترقب، ولم تكن تحمل أفكاراً متعددة، وإنما على العكس كانت في بعض الأحيان متكررة».
ربما ليس هناك إعلان رسمي لأسعار النجوم في مصر، لكن هذا لم يمنع تداول «إعلامياً» أرقام حصل عليها أبطال مسلسلات هذا الموسم، بدءاً من محمد رمضان الذي حصل عن بطولته لمسلسل «زلزال» على 12 مليون جنيه، بعد أن وصل أجره في المسلسلات السابقة إلى ما يزيد على 40 مليون جنيه. الأمر نفسه تكرر مع باقي أبطال المسلسلات التي أنتجتها شركة «سينرجي»، التابعة لمجموعة إعلام المصريين المالكة لأكبر 4 شبكات تلفزيونية في مصر، وهي: «dmc» و«cbc» و«on» و«الحياة». فتردد أن الفنان أمير كرارة حصل عن دوره في الجزء الثالث من مسلسل «كلبش» على 8 ملايين جنيه، بينما حصل الفنان ياسر جلال على 8 ملايين جنيه عن بطولته لمسلسل «لمس أكتاف»، وحصل الفنان مصطفى شعبان على 6 ملايين جنيه عن بطولته لمسلسل «أبو جبل»، واكتفت الفنانة مي عز الدين بـ4 ملايين جنيه عن بطولة مسلسل «البرنسيسة بيسة».
فيما كان الأعلى أجراً هذا العام من نصيب الفنان أحمد السقا، بحصوله على 28 مليون جنيه عن بطولة مسلسل «ولد الغلابة»، وذلك لتعاقده مع شركة صادق الصباح المتحررة من القواعد التي فرضت على السوق المصرية.
المنتج الخبير الإعلامي عمرو قورة كانت له وجهة نظر مختلفة، حيث أكد لـ«الشرق الأوسط» أن السبب في تراجع جودة المحتوى هذا العام يعود لتقليل أيام التصوير، وليس تخفيض أجور الفنيين والممثلين، موضحاً أن الحلقة الواحدة في أميركا يتم تصويرها في 6 أيام، بينما المطلوب في مصر أن يتم تصوير الحلقة في يومين فقط، وهذا بالتأكيد يؤثر على جودة العمل.
وبدوره، يرى الناقد الفني خالد محمود أن عملية تحجيم صناع العمل الفني بميزانية مخفضة تضر دون شك بمساحة الحرية في تناول الرؤية، وتؤثر سلباً على طموح الكاتب في طرح رؤيته، وكذلك المخرج الذي ربما يتنازل عن أماكن تصوير تخدم الطرح الفني والأحداث، وهو ما يؤثر على مصداقية المحتوى الدرامي، خصوصاً إذا تطلبت الأحداث تصوير مشاهد خارجية.