الاتحاد الأوروبي يمهل تل أبيب أسابيع لفصل منتجات المستوطنات عن الأخرى

طالب بوضع علامات لتمييزها وإلا فإن المقاطعة ستكون شاملة

الاتحاد الأوروبي يمهل تل أبيب أسابيع لفصل منتجات المستوطنات عن الأخرى
TT

الاتحاد الأوروبي يمهل تل أبيب أسابيع لفصل منتجات المستوطنات عن الأخرى

الاتحاد الأوروبي يمهل تل أبيب أسابيع لفصل منتجات المستوطنات عن الأخرى

هدد الاتحاد الأوروبي إسرائيل بالتوقف عن استيراد جميع منتجات الحيوانات، إذا لم تضع آلية مقنعة لتمييز منتجات المستوطنات عن باقي منتجات إسرائيل. وأرجأ تنفيذ قرار المقاطعة لعدة أسابيع لحين وضع الآلية المطلوبة، وإلا فإن مقاطعة المنتجات ستكون شاملة.
ولا تأتي الخطوة الأوروبية في إطار تصعيد المقاطعة ضد إسرائيل، وإنما على خلفية القول إنه توجد أمراض بيطرية في المستوطنات. وعادة تضع أوروبا علامات تمييز بضائع المستوطنات منذ سنوات.
وكان يفترض أن تبدأ مقاطعة المنتجات الحيوانية من المستوطنات منذ الأول من سبتمبر (أيلول) الحالي، ولكن أجل ذلك حتى بداية أكتوبر (تشرين الأول) بناء على مفاوضات بين مسؤولين من وزارة الخارجية والاقتصاد والزراعة الإسرائيلية ومسؤولين في الاتحاد في بروكسل عقدت أخيرا.
وقال مسؤولون في الاتحاد الأوروبي إنه «إذا لم يتوصلوا إلى قناعة بأنه جرى فعلا تمييز منتجات المستوطنات عن باقي إسرائيل فسترفض جميع منتجات الألبان والدجاج».
ورد مسؤول إسرائيلي لموقع صحيفة «معاريف» الإسرائيلية بالقول إن «مشكلة الاتحاد ليست بوجود أمراض في المستوطنات، بل مشكلة سياسية. إنهم في الحقيقة يستعملون القضية البيطرية من أجل تعزيز رفضهم الاعتراف بسيطرة إسرائيل على الضفة الغربية».
ويخشى مسؤولون إسرائيليون من توسيع دول الاتحاد الأوروبي لحملة المقاطعة.
وقدّرت مصادر إسرائيلية الخسائر التي ستترتب على الحظر الأوروبي بنحو 70 مليون شيقل. وقالت إنها ستكون أكبر بكثير إذا امتدت لتطال صناعات أخرى.
وكانت تقارير اقتصادية إسرائيلية تحدثت سابقا عن إمكانية إغلاق 80 مصنعا إسرائيليا متخصصا في إنتاج الحليب والألبان، بسبب القرار الأوروبي، بمنع استيراد أية منتجات للألبان مصدرها المستوطنات الإسرائيلية.
ويأتي ذلك فيما عانت إسرائيل هذا العام والذي سبقه من خسائر أخرى بسبب حملة «مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها»، والتي كبدت تل أبيب خسائر بين 5 و8 مليارات دولار سنويا. ويستوعب الاتحاد الأوروبي 32 في المائة من الصادرات الإسرائيلية كل عام.
وكان وزير المالية الإسرائيلي، يائير لابيد، حذر من أن خسائر خزانة الدولة جراء المقاطعة في كل العالم قد تصل إلى 20 مليار شيقل (5.7 مليار دولار) في ميزان الصادرات السنوية.



أصحاب المصالح التجارية في ضاحية بيروت الجنوبية وتحدّي الاستمرار

جانب من الدمار في حارة حريك بالضاحية الجنوبية في بيروت (أ.ف.ب)
جانب من الدمار في حارة حريك بالضاحية الجنوبية في بيروت (أ.ف.ب)
TT

أصحاب المصالح التجارية في ضاحية بيروت الجنوبية وتحدّي الاستمرار

جانب من الدمار في حارة حريك بالضاحية الجنوبية في بيروت (أ.ف.ب)
جانب من الدمار في حارة حريك بالضاحية الجنوبية في بيروت (أ.ف.ب)

غادرت لينا الخليل ضاحية بيروت الجنوبية، بعد بدء إسرائيل قصفاً مدمّراً على المنطقة قبل نحو شهرين، لكنها تعود كل يوم لتخوض تحدّياً، يتمثل بفتح أبواب صيدليتها ساعتين تقريباً، ما لم تمنعها الضربات الجوية من ذلك، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وتصف المرأة الخمسينية الصيدلية التي أنشأها والدها في الضاحية الجنوبية في عام 1956 بأنّها «أهم من بيتي... ففيها يمكن أن تشتمّ رائحة أدوية صُنعت منذ 60 عاماً».

في كثير من الأحيان، تسارع الخليل إلى إقفال أبواب الصيدلية، عندما يُصدِر الجيش الإسرائيلي إنذارات للسكان للإخلاء قبل البدء بشنّ غارات.

وبات عملها يقتصر على بيع ما تبقى في الصيدلية من أدوية وسلع، بعدما نقلت 70 في المائة من موجوداتها إلى منزلها الصيفي في إحدى القرى.

وهي مقيمة حالياً داخل العاصمة، وتتوجّه يومياً إلى بلدة عالية الواقعة على بُعد نحو 20 كيلومتراً من بيروت، لإحضار أدوية تُطلب منها، وتوصلها إليهم أو يحضرون إلى الصيدلية في حال تمكّنوا من ذلك لأخذها.

وحال لينا الخليل كما حال كثير من سكّان الضاحية الجنوبية لبيروت الذين غادروها واضطرّوا إلى البحث عن بدائل لأعمالهم أو مواصلتها بما تيسّر من قدرة أو شجاعة.

وتؤكد الخليل أنّ «الخسائر المادية كبيرة»، مشيرة إلى أنّها تعطي موظفيها حالياً نصف مرتّب، بسبب تزايد المصروف وتضاؤل المدخول.

«عائدون من الموت»

مع استمرار الحرب، لا يزال من غير الواضح حجم الدمار الذي طال المصالح التجارية في الضاحية الجنوبية التي كان يسكنها 600 - 800 ألف شخص قبل الحرب، وفق التقديرات، وباتت شبه خالية من سكانها.

في الضاحية، خاض علي مهدي مغامرته الخاصة مع شقيقه محمد بعد انتهاء دراستهما الجامعية، فعملا على تطوير تجارة والدهما التي بدأها قبل 25 عاماً. ووسّعا نطاقها من متجر لبيع الألبسة بالجملة إلى مستودع ومتجرين، إضافة إلى متجرين آخرين في صور والنبطية (جنوب) اللتين تُستهدفان بانتظام بالغارات في جنوب البلاد. وكل هذه المناطق تُعتبر معاقل لـ«حزب الله» الذي يخوض الحرب ضد إسرائيل.

لكن مهدي اضطر أن يبحث عن بديل لمشروع العائلة بعد اندلاع الحرب المفتوحة بين «حزب الله» وإسرائيل.

ويقول الشاب الثلاثيني إنّه تمكّن بصعوبة من نقل البضائع الموجودة في المتاجر الـ4 والمستودع، إلى 3 مواقع داخل بيروت وفي محيطها.

ويشير إلى أنّ عمّال النقل كانوا يرجعون من النبطية وصور، وكأنهم «عائدون من الموت»، بعد سماعهم بالإنذارات للسكان لإخلاء مناطق والغارات الجوية والتفجيرات المدمّرة التي تليها.

كان يعمل لدى علي وشقيقه 70 موظفاً نزح معظمهم إلى مناطق بعيدة؛ ما دفع الشابين إلى التخلّي عن كثيرين منهم. وبهدف الحفاظ على عملهما، تخلَّيا عن آخرين، وبدآ بدفع نصف الرواتب لمن بقي.

ويؤكد مهدي أنّ تجارته تتمحور حالياً حول «تصفية ما لدينا من بضائع»، مضيفاً أنّ حركة البيع خفيفة.

وتأثر القطاع التجاري في لبنان بشدة جراء الصراع الذي بدأ بين «حزب الله» وإسرائيل قبل أكثر من عام، وشهد تصعيداً في سبتمبر (أيلول).

وفي تقرير صدر عن البنك الدولي، الخميس، تُقدّر الأضرار اللاحقة بالقطاع التجاري بنحو 178 مليون دولار والخسائر بنحو 1.7 مليار دولار.

وتتوقع المؤسسة أن تتركّز نحو 83 في المائة من الخسائر في المناطق المتضرّرة، و17 في المائة منها في بقية أنحاء لبنان.

«لم تبقَ إلا الحجارة»

ويترقّب علي مهدي المرحلة التي ستلي نفاد البضائع الموجودة لديه. ونظراً إلى عدم استقرار الأوضاع المالية والاقتصادية والأمنية والسياسية، يتساءل عمّا إذا كان عليه «مواصلة الاستيراد أو الحفاظ على السيولة التي يملكها».

ويقول بينما يجلس بين بضائع مبعثرة نُقلت إلى متجره الجديد في شارع الحمرا داخل بيروت: «هناك خسائر كبيرة».

بشكل رئيسي، يُرجع التقرير الصادر عن البنك الدولي الخسائر التي مُني بها قطاع التجارة في المناطق المتضرّرة، إلى نزوح كلّ من الموظفين وأصحاب الأعمال؛ ما تسبب في توقف شبه كامل للنشاط التجاري وانقطاع سلاسل التوريد من وإلى مناطق النزاع والتغييرات في سلوك الاستهلاك بالمناطق غير المتضرّرة، مع التركيز على الإنفاق الضروري.

وتنطبق على عبد الرحمن زهر الدين صفة الموظف وصاحب العمل والنازح، تُضاف إليها صفتان أخريان هما المتضرّر والعاطل عن العمل جراء الدمار الذي طال مقهاه في الرويس بالضاحية الجنوبية، في غارة إسرائيلية.

بعدما غادر، في نهاية سبتمبر (أيلول)، إلى وجهة أكثر أماناً، عاد قبل أيام ليتفقّد مقهاه الذي استحال حديداً وحجارة متراكمة.

على يساره، متجر صغير لبيع أدوات خياطة تظهر من واجهته المحطّمة كُتل من الصوف على رفّ لا يزال ثابتاً على أحد الجدران. وبجانبه، متجر آخر كان مالكه يصلح بابه الحديديّ المحطّم ليحمي ما تبقى بداخله.

يقول زهر الدين بينما يتحرّك بين أنقاض الطابق العلوي: «لم تبقَ إلا الحجارة».

ويعرب ربّ الأسرة عن شعور بـ«الغصّة والحزن»، جراء ما حلّ بـ«مصدر رزقه» الوحيد.

ويقول إنّه لم يبدأ بالبحث عن بديل، في ظل ارتفاع بدل الإيجار وأسعار الأثاث والمعدّات، مؤكداً أنّ الخسائر التي تكبّدها «كبيرة، وقد تبلغ 90 ألف دولار».